أشعر بأن مواقع التواصل تزيد الأنا، فهل يعد صحيحا إغلاقها والبعد عنها؟

0 296

السؤال

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
جزاكم الله خيرا، وجعلكم سببا في فك الكروب.

أنا فتاة في العشرين من عمري، اشتركت في موقع الفيس بوك منذ عام 2008، وطوال هذه الفترة أقوم بتغيير حسابي كل فترة حتى استقررت على أحدهم عام 2011.

المشكلة أنني وجدت أنه يأخذ من وقتي الكثير، بل يأخذ كل وقتي، وأقول أنه حتى إن لم يكن يأخذ وقتي فلا شيء أفعله إذا قمت بإغلاقه، بل لدي الكثير من الأمور لأفعلها، ولكن التسويف والكسل أمران متكرران في حياتي -عافانا الله وإياكم-.

من مشاكل الفيس بوك -وهي من المشاكل الكبرى بالنسبة لي - أنني أنتظر أن يعجب بمنشوراتي الأشخاص من الأصحاب والأقارب، أحب ذلك بشدة، فقد كنت أحب أن أجد إعجابا منهم، أو رسالة، أو أي شيء، وأيضا مشكلة إحساسي بأني لست إلا كائنا أعيش في عالم افتراضي، وأعطيه أكبر من حجمه، وهذا سبب لي مشكلة أيضا.

وكنت قد أوضحت في استشارة سابقة تعلقي بأحد المعيدين في جامعتي، والذي كان مضافا عندي على حسابي على الفيس بوك، ووصل الحال أنني كنت أخشى أن أفتح حسابه خوفا من أن أجد أنه قد خطب إحداهن، أو أن يكون قد كتب كلاما يوحي بذلك، فالفيس بوك يزيد (الأنا)، وهذه كانت من المشاكل التي ضايقتني.

وهناك مشكلة كبيرة أخرى وهي: أنني حب أن أرى صورة وردة على الفيس بوك وتجذبني، وتعجبني ألوانها وتصميم الصورة، مع أني في الحقيقة لا تجذبني الوردة بهذا القدر الكبير الذي يظهر في انجذابي لها على حسابي.

انتهى الأمر بأني أقفلت حسابي منذ حوالي 3 شهور، لكني للأسف لا أشعر بأنني أسعد حالا، ولم أعد أعلم ما يحدث في البلاد أو أحوال العباد، أو أقرأ مقالات حديثة، ولكن ما أسعدني هو أن الله أعطاني القدرة على غلقه.

الآن قمت بعمل حساب آخر، ولكن أضفت فيه أمي وأختي وأخي فقط، وأقرأ فيه المقالات، وأعيش فيه حياتي دون أن أضيف من كانوا يقومون بعمل إعجاب لي وغيره، واكتفيت بأهلي فقط حتى لا تزيد (الأنا) عندي.

سؤالي هو: هل ما قمت به يعد صحيحا من غلقي لحسابي الذي به أصدقاء كثر، والاكتفاء بحساب آخر لا يضمهم؟ وهل يوجد ضرر من أن أستمر في حسابي الجديد دون أن يؤثر على حياتي واعتباري السيئ بأنني كائن افتراضي ليس إلا؟ وكيف أوفق بين قراءة الكتب، وبين قراءة مقالات تتعلق بالأحداث الجارية، ومقالات إلكترونية حديثة؟ وما نصيحتكم لي لعلكم تكونون سببا في صلاح حالي؟

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ سائلة حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

مرحبا بك في موقعك، ونشكر لك التواصل المستمر والاهتمام، وحسن العرض للسؤال، ونهنئك بنجاحك في إغلاق الحساب، ونتمنى أن تعملي ليوم الحساب، وتقبلي على أهلك ومحارمك، وتحرصي على تلاوة الكتاب، ونسأل الله أن يثبتك على الخير والبر والصواب.

أفرحني إدراكك للوهم الافتراضي، ودخولك لحساب عائلي خطوة في الاتجاه الصحيح؛ لأنه يحقق لك القرب، ونتمنى أن تحرصي على أن تصلي إلى التواصل الطبيعي وجها لوجه، ثم انطلقي إلى دور القرآن، وتجمع الصالحات، واشهدي معهن الخير والمحاضرات، وأظهري بينهن ما وهبك الله من ذوق وجمال وهوايات وخيرات، وثقي بأن ذلك سوف يعينك على طي تلك الصفحات، وسوف تعرفين قيمة الحياة مع الصالحات التي فيها السؤال عن الأحوال والتعاطف والتراحم، إذا لك أو لهن إشكال، والمؤمنة ضعيفة وحدها قوية بعد الله بأخواتها وصديقاتها.

ولا يخفى عليك أن كل مواقع الدنيا لا تغني عن جلسة أمام والدة، أو ابتسامة في وجه صديقة، أو لمسة حانية من شقيقة، وعند التجربة سوف يتبين لك الفرق، واعلمي أن بركات وجود الفتاة بين الصالحات إحياء لروح التنافس الشريف، والتعاون على القراءات النافعة، خاصة إذا حصل بعدها نقاش وحوار لتعم الفائدة.

أما بالنسبة لمتابعة الأحداث: فيكفى فيها امتلاك إذاعة تعطيك الخلاصة في آخر اليوم، وقد أعجبني ما كان يفعله الشيخ/ ابن عثيمين -رحمه الله- حيث كان يخصص وقت الأكل لسماع الأخبار، وربما جاءه طلابه ببعض الأخبار ليعلق عليها، ويوجه، ويرفع للمسئولين، وينصح للطلاب، ويستخلص العبر.

وهذه نصيحتنا لك: بتقوى الله، ثم بالسير في طريق التواصل مع محارمك وأهلك والصالحات، والمؤمنة التي تخالط وتصبر خير من التي لا تخالط ولا تصبر.

وفقك الله للخيرات، وسددك، وثبتك، ويسر أمرنا وأمرك.

مواد ذات صلة

الاستشارات