السؤال
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
ما الحل الأمثل لعلاج التهاب الجيوب الأنفية؟
شكرا لكم.
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ محمد حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:
تبدأ مشاكل الجيوب الأنفية بانسداد فتحة جيب أو أكثر من الجيوب الأنفية، وذلك يؤدي إلى تقليل أو توقف التهوية، وكذلك تصريف الإفرازات من الجيب الأنفي، وهذا يؤدي بدوره إلى تراكم هذه الإفرازات؛ مما يؤدي إلى تلف الأهداب والخلايا الحاملة لها، وهذا يهيئ الظروف لنشاط الميكروبات المرضية، وتحول الميكروبات غير الضارة إلى ضارة، وهذه تؤدي إلى التهابات وتورم في الغشاء المخاطي؛ مما يؤدي بدوره إلى مزيد من انسداد الفتحات.
أعراض التهابات الجيوب الأنفية:
هناك عدة أعراض، منها: الحمى والصداع، وفقدان الشهية، وانسداد الأنف، وإفرازات مخاطية، واختلال في حاسة الشم، آلام في المنطقة السطحية المغطية للجيب أو الجيوب الأنفية المصابة، كآلام تحت العين في حالات التهاب الجيب الأنفي الوجني، وآلام في الجبهة في حالة التهاب الجيب الأنفي الجبهي، وآلام بين العينين عند التهاب الجيب الأنفي الغربالي، وآلام خلف العينين ومؤخرة الرأس في حالة التهاب الجيب الأنفي الوتدي.
علاج التهابات الجيوب الأنفية:
أولا: العلاج الطبي، وينقسم إلى قسمين:
– علاج دوائي: مضاد حيوي، مثل: (سيبروسين) أو (سيبروباى)، 500مج، حبة كل 12 ساعة، مضاد (للهستامين)، مثل: (كلارا) أو (كلاريتين)، حبة كل مساء، قابض للأوعية الدموية ومزيل للاحتقان الأنفي، مثل: (أوتريفين)، نقط، ولكن لمدة لا تزيد عن الأسبوع، وغسول قلوي للأنف.
– علاج جراحي: باستخدام الميكروسكوب أو المنظار الجراحي، وغسول للأنف قبل وبعد العملية، فهو يستخدم كعلاج من المرض، وكذلك كوقاية لمنع عودته مرة أخرى، حيث يعمل على إزالة الإفرازات أولا بأول، وكذلك يرطب الأهداب، ويحميها من الجفاف الذى يعتبر من أهم أسباب الالتهابات.
ثانيا: العلاج النبوي:
تكمن عبقرية الحل النبوي في كفاءته وفاعليته في العلاج، وكذلك الوقاية، ثم أيضا بسبب سهولة استخدامه وسهولة تكراره، وأهم من ذلك أنه ربما يكون بدون تكلفة على الإطلاق، بل يثاب من يفعله بنية صالحة.
الحديث الذى جاء بالحل رواه الخمسة؛ ابن ماجة والنسائي وأحمد والترمذي وابو داود، وصححه الترمذي، وقال حديث حسن صحيح، فعن عاصم بن لقيط بن صبرة عن أبيه لقيط بن صبرة قال: قلت يا رسول الله، أخبرني عن الوضوء، قال: (أسبغ الوضوء، وخلل بين الأصابع، وبالغ في الاستنشاق إلا أن تكون صائما).
قوله: (أسبغ الوضوء) : بفتح الهمزة ، أي أبلغ مواضعه، وأوف كل عضو حقه، وتممه وأكمله، كمية وكيفية بالتثليث والدلك وتطويل الغرة، ولا تترك شيئا من فرائضه وسننه.
(وخلل بين الأصابع): التخليل: تفريق أصابع اليدين والرجلين في الوضوء، وأصله من إدخال شيء في خلال شيء، وهو وسطه، قال الجوهرى: والتخليل: اتخاذ الخل، وتخليل اللحية والأصابع في الوضوء، فإذا فعل ذلك قال: تخللت.
موضع الشاهد في الحديث قوله: (وبالغ في الاستنشاق): بإيصال الماء إلى باطن الأنف، بل إلى البلعوم، حيث فهم ذلك من الجزء الأخير من الحديث: (إلا أن تكون صائما).
وجه الإعجاز في الحديث:
هو اختيار الرسول صلى الله عليه وسلم المبالغة في الاستنشاق بالذات، فالبرغم من أمره بالإسباغ في أعضاء الوضوء كلها إلا أنه اختص الأنف بمزيد عناية واهتمام، ولأنه أوتى جوامع الكلم، فقد اختار كلمة واحدة شملت كل الصفات اللازمة في الغسول، والمبالغة تكون في إيصال الماء إلى داخل عمق تجويف الأنف حتى تصل إلى البلعوم في غير نهار الصيام.
قد رأينا أن الشق العلمي في الموضوع، وهو أهمية غسول الأنف في علاج التهابات الجيوب الأنفية والوقاية منها، حقيقة علمية مؤكدة بالمراجع العلمية، فكثرة غسول الأنف لا بد أن يؤدي إلى تنظيفها وإزالة الإفرازات والجراثيم منها، ومن ثم حمايتها من الالتهابات، فالحمد لله الذي هدانا لهذا وما كنا لنهتدي لولا أن هدانا الله، فوصيتي لكم -أيها المتوضؤون- أن تبالغـوا في الاستنـشـاق وقاية، وبالغوا في الاستنشاق شفاء، وأهم من كل ذلك: بالغوا في الاستنشاق سنة واقتداء، هذا للعلم وللفائدة، فما بعث الله محمدا -صلى الله عليه وسلم- إلا رحمة للعالمين.
والله الموفق.