السؤال
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته..
أشكر كل القائمين على هذا الموقع وجزاكم الله خير الجزاء على كل ما تقدمونه وجعله في ميزان حسناتكم. أما بعد:
أنا طالب من طلاب الهندسة، والحمد لله متفوق دراسيا على غيري من الطلاب، ولدي فضول عجيب، وعاجبني جدا أن أكون إنسانا فضوليا، وأحب المعرفة، وأحب أن أتعلم في كل شيء، وأحب أن أمشي على خطط مدروسة مسبقا رغم أني مثل غيري من الشباب أحب متابعة الكرة، وأحب ألعب بلايستيشن ومبدع فيها، لكن الحمد لله أن ربك هاديني ومبين لي الصحيح من الخطأ، وعندي عقلانية بزيادة بحيث أني كل ما تمر فترة من حياتي أتغير للأفضل، يعني أي شيء بحياتي لا يفيدني شخصيا أبتعد عنه وأتركه حتى لو كانت نفسي متعلقة به، وكل سنة أجعل توجهي للأشياء التي تفيدني.
لدي رغبة أن أنمي ثقافتي وأصير إنسانا مبدعا ومنتجا بشكل أفضل، ولا يوجد شيء في مجالي وفي حياتي العامة ليس لي خبرة فيه، لكن مشكلتي أني أنسى كثيرا، وهذا سبب لي تكاسلا وتباطؤا في زيادة ثقافتي، وفي قراءتي، فمثلا: كل فترة أهتم بشيء، ولما أبتعد عنه وأقرأ في موضوع ثان أجد أني بعد فترة قد نسيت الشيء الكثير.
أرغب أن أستمر وأقرأ في مواضيع أكثر لكن النسيان مشكلة، وأحس أني أتعب بدون فائدة، صحيح أنه ما من أحد إلا وينسى، وفيه اختلافات في قدرة الأشخاص من شخص لآخر، لكن أريد أن أعرف ما الأساسات التي يستطيع الإنسان من خلالها أن يتثقف، وكل فترة يحس أنه تزداد معرفته بدون ما ينسى؟
باختصار: أريد نصائحكم لكل ما يفيد في هذا الموضوع، وهل الشيء المقروء أفضل من الشيء المسموع أو العكس في رسوخ المعلومات؟
الإجابــة
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ أحمد حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:
فمرحبا بك -ابننا الفاضل العاقل- في موقعك، ونسأل الله أن يوفقك، ويزيدك من فضله، ونشكر لك التواصل وحسن العرض للسؤال، ونحيي رغبتك في التميز، ونسأل الله أن يصلح الأحوال، ويحقق لنا ولك الآمال.
الثقافة هي الأخذ من كل شيء بطرف، فاجتهد في أن تعرف شيئا من كل شيء، فالعلم لا ينال كله؛ لأن بحره عميق، وقد أحسن من قال:
لن ينال العلم كل أحد ... لا وإن عاش ألف سنة
إنما العلم عميق بحره ... فخذوا من كل شيء أحسنه
وكن كالنحلة:
أما ترى النحل لما جنى من كل فاكهة ... حوى لنا جوهرين الشمع والعسلا
فالشمع نور يستضاء به ... والشهد يبرئ لنا الأسقام والعـللا
ونتمنى أن تستمر في القراءة، مع ضرورة أن تستشير أساتذتك؛ لأنهم أعرف الناس بقدراتك ومستواك، كما أن صاحب الخبرة يوفر لك الوقت؛ لأنه سوف يدلك على كتاب يغني عن كتب، ويبصرك بمداخل العلوم ومفاتيحها، والمسلم يبدأ بتعلم ما يصحح به عقيدته وعباداته وقواعد تعامله مع الخلق، ثم ينطلق في لون من العلوم تميل إليه النفس، والعظيم وزع القدرات والمواهب، مع ضرورة أن تجعل نيتك لله، ثم تتأكد من ثبات النية الصالحة أثناء العمل.
ولعل من المفيد أن تنوع بين المقروء والمسموع، ونحن في زمان توجد فيه كتب مسموعة، وكلما أشرك الإنسان حواسا أكثر كانت الفائدة أكبر، فالذي يقرأ ويسجل النقاط المهمة وينطقها بلسانه أفضل ممن يقرأ بعينه، فالكتابة تصور المقروء في العقل، فكأنه بعد ذلك يشاهد ويتذكر، ونطمئنك بأن معظم ما تقرأه موجود في جزء من المخ لكنه لا يخرج إلا في وقته، والطلاب يعرفون هذا، وربما خيل لأحدهم أنه لم يقرأ ولا يتذكر شيئا فإذا جلس وأمامه ورقة الاختبار وتفاجأ بالأسئلة انهمرت المعلومات كالسيل المندفع، فلن يضيع تعبك كما يخيل إليك، ولكن قيد علمك بالكتابة ولو في شكل نقاط.
وهذه وصيتنا لك بتقوى الله، ثم بالبعد عن معاصيه؛ فإن الخطيئة تنسي العلم، وعليك بالدعاء؛ فإنه سلاح المؤمن، وتسلح بالصبر؛ فإن العاقبة لأهله، واستعن بالله وتوكل عليه، وأبشر بالخير.
سعدنا بتواصلك مع موقعك، ونشرف بمساعدتك، وننتظر منك الخير لأهلك ولبلدك ولأمتك.
ثبتك الله وهداك، وأصلحك، ونفع بك بلاده والعباد.