السؤال
دكتور: أنا فتاة انطوائية منذ أن كنت طفلة، لم تكن لدي صديقات بسبب ذلك، كانت مجرد صديقة واحدة، ولأنها الوحيدة كانت الأقرب لي؛ تعلقت بها، حتى أصبح ذلك القرب يجرحني، فقد كنت أتحسس من إهمالها لي، فهي كثيرة الانشغال، حتى اضطربت علاقتنا منذ الابتدائية حتى الثانوية، اضطربت بشكل كبير، وكان لعلاقتي بها تأثير كبير في نفسي وجسدي، حيث نحلت كثيرا بسببها، وتعقدت أكثر حتى أصبحت أكثر انطواء من قبل.
لدي القليل من الأصحاب منذ أن دخلت الثانوية، ولم يكن لهم تأثير على نفسي؛ لأنهم لم يكونوا قريبا مني حتى تلك الإنسانة التي كانت قريبة مني أصبحت جزءا من تأزم نفسيتي أكثر من ذي قبل، تركتها بعدما بلغت الثانية والعشرين من العمر؛ لما وجدته من استمرار في الإهمال، وعدم الاهتمام، أدركت حينها أن علاقتي بها تجعلني أسوء.
حاولت كثيرا قبل ذلك من حل هذه القطيعة والإهمال، ولكن دون جدوى تذكر، كان إهمالها يجرحني كثيرا لدرجه أنني لا أطيق نفسي، منذ أن انقطعت عنها والكل يجدني مخطئة في ذلك؛ لأنني أتحسس كثيرا حسب قولهم، تأثرت كثيرا بذلك حتى شعرت أني أصبحت أكثر انطواء.
بعد أن تزوجت منذ ثلاث سنوات، أصبحت قليلة التواصل مع أهلي، متقلبة المزاج، سيئة الطباع، كرهت نفسي لما وصلت إليه من مستوى، تأثرت علاقتي بزوجي لهذا السبب، لا أحد يكترث لأمري، ويهتم بالسؤال عني حتى أهلي، كان عتاب أمي كثيرا لي حين أزورها، لكن أخواتي لا يكترثون حتى لذلك.
بت ألاحظ وأدقق كثيرا على تصرفات أهلي والقريبين مني، صرت أحتاج الاهتمام، تعبت فبدلا من أن أهتم بمن هم قريبون مني، أصبحت الآن أنا التي أحتاج هذا الاهتمام، لدي نقص عاطفي كبير.
دكتور: ماذا أفعل؟
الإجابــة
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ بشاير حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:
مرحبا بك في استشارات الشبكة الإسلامية، ونتمنى لك دوام الصحة والعافية.
أختنا الكريمة: الصداقة من العلاقات الاجتماعية المهمة في حياة الناس، وخاصة إذا كانت مبنية على أسس قويمة خالية من المصالح الشخصية، ومن الهوى. وأعظم أنواعها الأخوة في الله, فهؤلاء من الذين يظلهم الله يوم لا ظل إلا ظله، وقد تأتي صدفة أو متعمدة، المهم هو أن يكتشف الشخص أن هناك شخصا آخر يبادله الاحترام والتقدير، ويشاركه الاهتمامات والميول، ويقف معه ويؤازره وقت الضيق، ويحفظ أسراره، ويستر عيوبه، ويعفو عنه إذا أخطأ.
والإنسان بطبعه اجتماعي، ويحب أن يكون محبوبا ومقدرا بين الناس، والتعلق الشديد بالآخرين ربما يكون غير طبيعي بمقياس المعايير والقيم الاجتماعية، خاصة إذا كان من طرف واحد، ولا بد للإنسان أن يحكم العقل قبل العاطفة، ويتقبل ويسلم بالأقدار فهذه هي سنة الحياة تجمع وتفرق، والإنسان يتغير في تفكيره وفي اهتماماته، وفي ميوله، وفي نظرته للحياة، فربما تكون هناك أسباب كثيرة أدت إلى انشغال هذه الصديقة عنك سواء كانت خاصة بها، أو خاصة بك، فالتمسي لها العذر، وسيعوضك الله سبحانه وتعالى من يسد هذا الفراغ العاطفي فكوني مرنة غير متعصبة، وحاولي التعايش مع كل ما يستجد في أمورك الحياتية، واجتهدي في إرضاء زوجك ووالديك، هؤلاء الذين ترتبط بهم سعادتك في الدنيا والآخرة.
عيشي الحاضر، وتفكري في الماضي فإنه ولى ولن يعود، وتطلعي للمستقبل بآمال وطموحات وأهداف، وخطط جديدة، ولا تيأسي من رحمة الله.
يمكنك تفريغ الشحنات العاطفية بكتابة القصة عن العلاقة التي كانت بينك وبين صديقتك، كيف بدأت؟ وما هي المواقف السارة فيها؟ وما هي المواقف الحرجة والمؤلمة حتى مفارقتها لك مع استحضار كل المشاعر المرتبطة بذلك؟ وبعد الانتهاء منها حاولي قراءتها بين الحين والآخر فسيكون الأمر طبيعيا بالنسبة لك إن شاء الله.
وفقك الله تعالى لما يحبه ويرضاه.