السؤال
السلام عليكم
د. محمد عبد العليم، تحية طيبة لكم.
أريد الاستفسار عن حالة سيدة تبلغ من العمر 91 عاما، لا تشكو من مرض الضغط أو السكري، ولكن منذ مدة 4 أشهر ماضية لاحظ أبناءها أنها أصبحت تتحدث إلى جهاز التلفزيون مع نوبات بكاء وقلة نوم وانعدام الإحساس بالوقت، وكذلك كثرة الكلام مع سرد مفصل للأحداث القديمة والتي عاشتها، خصوصا إبان فترة الاحتلال الإيطالي لليبيا.
ذاكرتها الحديثة أو القريبة جيدة، فهي تتذكر على سبيل المثال ماذا تناولت في وجبة الإفطار؟ كذلك تعرف كل أبنائها الخمسة وبنتها الوحيدة، وشهيتها للطعام جيدة.
تأتيها نوبات بالبكاء الشديد وتقول: إن فلانا قد مات، وهو في حقيقة الأمر على قيد الحياة, ولديها ابن عمها يعاني من نفس الأعراض.
قامت بعملية لزرع العدسات في الماضي ولا زالت تتذكرها، وكذلك البلاد التي تمت فيها العملية.
ليس لديها كثرة حركة داخل البيت، ولكنها تستطيع المشي بصحبة عكازها إلى التواليت لقضاء حاجتها.
في الأيام الماضية تعرضت لدوخة وإغماء بسيطة، وبعد كامل الفحوصات والتحاليل تبين أنه هبوط في السكر، عرضت على طبيب نفسي بعد أن ازدادت حالتها في الأيام الثلاثة الأخيرة، فوصف لها: Risperdal 1/2 mg ليلا، مع حبة Panadol night.
فما الذي انتاب هذه السيدة؟ وهل تعاني من الزهايمر؟ وهل توافقون الطبيب على علاجه أم إن لكم علاجا آخر؟
بارك الله فيكم، وجزاكم الله كل خير.
الإجابــة
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ رمزي حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:
بارك الله فيك – أخي الكريم – على ثقتك في إسلام ويب، وثقتك في شخصي الضعيف، وجزاك الله خيرا على اهتمامك بأمر هذه السيدة التي أسأل الله لها العافية.
الظواهر النفسية التي تمر بها هذه السيدة الفاضلة تدل أن لديها هلاوس بصرية، وربما يكون لديها أيضا هلاوس سمعية، ومخاطبتها وتحدثها مع التلفزيون هي نتيجة لهذه الظاهرة.
وهذه الحالات – أخي الكريم – أي ظهور الهلاوس على هذه الشاكلة كثيرا ما تكون دليلا على بدايات علة الزهايمر، وهذه السيدة لا زالت تحتفظ – بفضل الله تعالى – بدرجة جيدة من ذاكرتها، خاصة للأحداث الحديثة.
نوبات البكاء التي تنتابها، وقولها: إن فلانا قد مات وهو على قيد الحياة، هذا نوع من الظنانيات المرضية، والاضطراب الباروني -أو الظناني أو الشكوكي– نجده أيضا كمؤشر على بدايات متلازمة الزهايمر.
نوبات البكاء على وجه الخصوص هي دليل على أن وجدانياتها وانفعالاتها أصبحت سريعة الاستثارة، وهذا أيضا – أخي الكريم – دليل على ضعف النفس البشرية، ونشاهد هذه الحالات مع تقدم العمر، ومع متلازمة الزهايمر.
أيها الفاضل الكريم: متلازمة الزهايمر تتفاوت بين الناس في حدتها وشدتها، وهي ليست علة فقط لاضطراب الذاكرة، إنما قد تشمل السلوك وطريقة التفكير.
والزهايمر يتفاوت في مدته بين الناس، هنالك من عاش 20 عاما مع هذه العلة، بمعنى أن التدهور قد يكون تدهورا بطيئا، أو قد يكون تدهورا سريعا في بعض الأحيان.
أيها الفاضل الكريم: قطعا عقار (زبريادوال Risperdal) الذي وصف لهذه السيدة هو من العلاجات الصحيحة والسليمة جدا، وجزى الله خيرا الطبيب النفسي أن قام بإعطائها جرعة صغيرة جدا من هذا الدواء.
عقار (بنادول نايت Panadol night) لتحسين النوم لديها، لكن الرزبريادون نفسه يحسن النوم في كثير من الأحوال.
أيها الفاضل الكريم: هذه السيدة تحتاج لبعض الفحوصات، إن كان ذلك ممكنا: التأكد من هرمون الغدة الدرقية، مستوى فيتامين (ب12)، وفي ذات الوقت إن أجريت لها صورة مقطعية للدماغ قد يكون أيضا هذا مفيدا لتأكيد التشخيص.
أنا أوافق الطبيب تماما في علاجه وفي منهجه، وهذه السيدة الفاضلة قطعا تحتاج لرعاية من أسرتها الكريمة.
بارك الله فيك، وجزاك الله خيرا، وبالله التوفيق والسداد.