خوف وهلع ومشاعر سلبية عذبتني!

0 2

السؤال

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

أشكر جميع القائمين على هذا الموقع المبهر شكرا كبيرا، وأشكر العاملين على الاستشارات التي أطلع عليها بشكل دائم، وشجعتني على كتابة مشكلتي.

أنا فتاة أبلغ من العمر (22) سنة، أدرس في المرحلة الجامعية، أصبت بعدة أمراض بسيطة في صغري، وهي: حساسية العيون -أقصد الرمد الربيعي-، وحساسية الصدر -الربو-، وحساسية الجلد -الإكزيما-، والحساسية من بعض الأطعمة. تعايشت مع هذه الأمراض، وجميع الأطباء أخبروني بأني حينما أصل إلى عمر (20) سنة سوف تختفي.

كانت حياتي طبيعية جدا، وعندما كنت في الرابعة عشر من عمري حصل لي أمر مخيف جدا، ما زلت أذكره وأفزع منه كلما تذكرته، حينما كنت جالسة على جهاز الكمبيوتر ولم أتجاوز مدة الدقيقتين حتى أحسست بدوار في رأسي.

ذهبت لأمي كي أخبرها، وعندما بدأت بالحديث لم أستطع أن أخرج الحروف الصحيحة، كنت أتحدث بكلام غريب وغير مفهوم، كنت أعي ما يحدث، وأعلم بأني لا أقول الكلام السليم، كنت خائفة لأنني لا أستطيع أن أتحدث بما أريد، ذعرت جدا وأخفت عائلتي، ولكن الحالة لم تتجاوز خمس دقائق، ولم تراودني الحالة مرة أخرى على الإطلاق، وحينما صرت في عمر (18) سنة، أصبت بجرثومة المعدة والقولون العصبي سويا، وكنت أعاني من نوبات الذعر والخوف، فصرف لي الطبيب بعض الأدوية النفسية التي ساعدتني كثيرا، وحسنت شعوري وطمأنينتي.

بعد ذلك، حينما صرت في عمر (20) سنة، كنت أعاني من الوزن الزائد، وقد تجاوز وزني (105) كيلوغرامات. كانت عزيمتي ضعيفة جدا تجاه الحمية الغذائية، فقررت أن أقوم بعمل عملية تكميم معدة -سليف-.

بالفعل، أجريت العملية مع بعض المشاكل التي لازمتها، مثل الوهن والضعف الشديد، ولكنني -بفضل الله- أعدت السيطرة على نفسي، وثبت على وزن معين، وحافظت على الفيتامينات.

قبل أربعة أشهر حصلت لي حالة غريبة جدا، لا أعلم سببها؛ حيث إنني نمت لوقت طويل يصل إلى يومين بلا طعام ولا شراب، ولا أي إحساس بالعالم الخارجي، وعندما أفقت أحسست بشعور غريب، شعرت وكأنني شخص آخر تماما، لا أتذكر الأشياء القريبة، وأشعر بأني شخص آخر، ولا أعلم ما بي!

بدأت بالبكاء الشديد والخوف والذعر، وبدأت بالذهاب إلى المستشفيات، وقاموا بعمل التحاليل الشاملة وتخطيط المخ والأشعة وأشياء كثيرة أكدت بأني سليمة تماما، وعندما أخبر الطبيب بحالتي وما جرى لي، أرى علامات الاستغراب وعدم التصديق تظهر على وجهه، ويظن بأني أتوهم أو أبالغ.

مرت هذه الفترة بسلام رغم الألم النفسي الشديد الذي عانيته بسبب الخوف والتفكير والنسيان، وشعوري بأني شخص آخر.

بعد ذلك، وقبل شهر ونصف، عدت من الجامعة بعد إرهاق شديد جدا، ونمت لمدة ثلاثة أيام كاملة، وكنت أستيقظ قليلا، وأشعر كأني في عالم آخر، لا أستطيع الحركة، وحينما أفقت عادت لي الأعراض نفسها، ولكن بشكل أقوى وأشد، كنت لا أذكر أي شيء من الأشياء القريبة، وعندما يخبرونني عن شيء يكون ردي: "ماذا؟" و "متى حصل؟"؛ مما أثار الخوف لمن حولي، ونظراتهم لي بأني أعاني من مس شيطاني أو غيره.

كما أن إحساسي بأني لست أنا كان يعذبني ويفقدني لذة كل شيء، بل أصبحت أرى الحياة تعيسة وأنتظر نهايتها بفارغ الصبر، كما أنني نسيت كل ما يعرفه الآخرون عني، وماذا أخفيت عنهم، أصبحت أناقض كلامي بسبب نسياني لكل شيء.

أشعر بأني في جحيم -يا دكتور-، وأشعر بالهلع من كل ما أصابني، بداية بفقدان القدرة على النطق وصولا إلى فقدان الذاكرة.

أصبحت حاليا أعاني من نوبات الفزع التي تلازمني ولا تتركني أبدا، أخاف من الأكل ومن الخروج ومن لبس بعض الملابس.

نصحني صيدلي بأن أتناول (سيبرالكس) نصف حبة لمدة أسبوع، وبعدها أتناول نصف حبة عند الحاجة، فما رأيكم؟ ولو نصحتموني بتناول (سيبرالكس) أريد أن تحددوا لي خطة علاجية بأخف جرعة.

ملاحظة: أنا مستمرة على الرقية الشرعية، كما أنني في حالات الذعر والخوف والاكتئاب أسيطر على نفسي بقوة.

وشكرا لكم.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ Miss dina حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

بارك الله فيك، وجزاك الله خيرا، وأشكرك على ثقتك في إسلام ويب.

لقد اطلعت على رسالتك، والذي استوقفني فيها قطعا مشاعرك السلبية، وحالات الخوف غير المؤسسة أو المبررة التي تنتابك، وهذا كله أدخلك قطعا في مزاج اكتئابي.

عملية تكميم المعدة أسأل الله تعالى أن ينفعك بها، والحرص على ممارسة الرياضة سوف يساعدك كثيرا على ألا تكون هنالك أي ترهلات جسدية، وفي ذات الوقت، وجد أن الرياضة تساعد كثيرا على إفراز الهرمون الداعم لخلايا الدماغ، الهرمون الذي يساعد على البناء النفسي الصحيح، ويزيل القلق والتوترات والمخاوف، ويحسن من المزاج.

فأول نصيحة لك إذا هي ممارسة الرياضة، وليست الأدوية النفسية؛ الأدوية النفسية لها دور، وقد تساعدك، لكن الذي سوف يساعدك في هذه المرحلة قطعا هي الممارسة الرياضية الملتزمة، والتي تناسب الفتاة المسلمة.

النقطة الثانية هي: أن تزرعي في كيانك ووجدانك فكرا إيجابيا. أنت بخير، لكن الإنسان إذا جعل الفكر السلبي والمشاعر السلبية تتسلط عليه؛ قطعا فإن هذا يؤدي إلى المزيد من الضجر واهتزاز الثقة بالنفس.

ما أقوله لك ليس كلاما نظريا، إنما هو كلام عملي وفعلي، والله تعالى حبانا بأدوات التغيير، فلماذا لا نتغير -أيتها الفاضلة الكريمة-؟ أنت في هذا العمر الجميل المشرق، أنت على أعتاب الحياة، لماذا لا تحسنين إدارة وقتك، وتكونين إيجابية في أفكارك، وتكون لك مشاريع مستقبلية؟ مشاريع بعيدة المدى، ومشاريع متوسطة المدى، ومشاريع آنية المدى، وتضعين الآليات والوسائل والمدخلات التي توصلك إلى غاياتك، هذه هي الحياة.

أعراضك النفسية ليست أعراضا متأصلة، وليست أعراضا مطبقة، وليست أعراضا ذهانية، وحتى ما تعانين منه من ضجر وعسر في المزاج، أعتقد أنه ثانوي وليس اكتئابا أصيلا.

إذا: مبدأ التغيير يجب أن يكون على الأسس التي ذكرتها لك، ولا بد أن تكون لك فعاليات أسرية، ولا بد أن تكوني بارة دائما بوالديك.

التمسك بالرقية الشرعية هو أمر جميل، لكن الدعائم النفسية السلوكية التي ذكرتها لك يجب أن تكون على رأس أولوياتك لتعيشي الحياة بصورة صحيحة.

ولا أسف ولا أسى على ما مضى، وما مضى -إن شاء الله تعالى- كله خير، ولا تخافي من المستقبل؛ فالمستقبل أيضا كله خير -بإذن الله تعالى-.

عيشي الحاضر الآن بقوة، فهذا يفرج عليك الكثير من الهموم، وعليك بالصحبة الطيبة، وعليك بالنوم المبكر، وصلاة الفجر في وقتها، ونحن الآن في مواسم الخيرات، فيجب أن تكون بداياتنا وثوابتنا صحيحة، وهذا يعيننا على الدنيا والآخرة -بإذن الله تعالى-.

وعليك بذكر الله تعالى؛ فإنه مفرج الهموم والغموم، وعليك بدعاء الكرب: (لا إله إلا الله العظيم الحليم، لا إله إلا الله رب العرش العظيم، لا إله إلا الله رب السموات، ورب الأرض، ورب العرش الكريم). وعليك بدعاء (اللهم رحمتك أرجو فلا تكلني إلى نفسي طرفة عين وأصلح لي شأني كله لا إله إلا أنت الله، الله ربي لا أشرك به شيئا). وعليك بالدعاء بقوله تعالى: {لا إله إلا أنت سبحانك إني كنت من الظالمين}، فلم يدع بها رجل مسلم في شيء قط إلا استجاب الله له.

الـ (سيبرالكس - Cipralex) دواء رائع، وأريدك أن تتناوليه؛ فسوف يهدئ من نفسك، ويزيل الخوف، لكن التدعيم الرئيسي يكون من خلال الدوافع السلوكية التي تحدثت عنها سابقا.

جرعة خمسة مليجرامات هي جرعة البداية، أو ما نسميه بالجرعة التمهيدية، استمري عليها لمدة شهر، فنحن غير متعجلين أبدا في حالتك، وبعد ذلك اجعليها عشرة مليجرامات ليلا لمدة ستة أشهر، ثم اجعليها خمسة مليجرامات لمدة شهر، ثم خمسة مليجرامات يوما بعد يوم لمدة شهر آخر، ثم توقفي عن تناول الدواء.

جرعة العشرة مليجرامات هي الجرعة العلاجية، وهي ليست جرعة كبيرة أبدا، حيث إن البعض يحتاج إلى عشرين أو ثلاثين مليجراما في اليوم، وأنت لست بحاجة لذلك أبدا، كما أن الانتظام على الدواء مهم.

بارك الله فيك، وجزاك الله خيرا، وبالله التوفيق والسداد.

مواد ذات صلة

الاستشارات