السؤال
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
أنا شاب، عمري 20 سنة، من العراق، متفوق دراسيا –والحمد لله-، ومحافظ على صلاتي حتى بعد السفر إلى أوروبا قبل شهر.
عند وجودي بالعراق تعرفت على بنت من نفس مدينتي أكبر مني بثلاث سنوات، وأحببتها بجنون، لدرجة أنها لو مرت من أمامي أجمل نساء العالم، فإني ﻻ أعيرها اهتماما! وكالعادة في هذه الحياة، فأي شيء تريده بشدة يكون صعب المنال، والطريق له مليء بالعواقب.
أنا وهي نعلم أنه ﻻ يجوز أن نتكلم؛ كون أنه ﻻ تربطنا أية صلة رسمية، أي أن كلينا يعلم أن هذا التواصل محرم، لكن حبنا لبعضنا يتغلب علينا، فبعد علاقتنا بالنت بسبعة أشهر كنا أنا وأهلي نريد السفر والهجرة إلى أوروبا بعد دخول داعش، أما هي فأهلها ﻻ يريدون السفر، وهنا تكمن العقبة والألم لي ولها.
أنا سافرت لكي أكون نفسي، وأخبرتها بأني عندما أعتمد على نفسي سأخطبها من أهلها، وهي الأخرى حلمها أن نتزوج، لكن انتظارها لي صعب عليها؛ بسبب ضغوط أهلها وإلحاحهم عليها بالزواج، لكنها تريد أن تنتظرني بكل رحابة صدر، وأهلي معارضون هذا الموضوع؛ كونها أكبر مني سنا.
ما هو الحل الأمثل لي؟ أنا أحبها وهي متيمة بي، وتحبني كثيرا، ﻻ أريد أنثى غيرها، ماذا أفعل؟ وبالمناسبة أنا أمامي مرحلة الجامعة، وبعدها سأحصل -إن شاء الله- على وظيفة، وسأدرس طب الأسنان.
أفيدوني، جزاكم الله خيرا.
الإجابــة
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ tarik حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:
فإنه ليسرنا أن نرحب بك في موقعك إسلام ويب، فأهلا وسهلا ومرحبا بك، وكم يسعدنا اتصالك بنا في أي وقت وفي أي موضوع، ونسأل الله -جل جلاله بأسمائه الحسنى وصفاته العلى- أن يوفقك في حياتك الجديدة، وفي المكان الجديد الذي أنت فيه، وأن يجعلك من المسلمين الصادقين الذين يحسنون عرض دين الله -تبارك وتعالى- على أهل هذه البلاد من خلال التميز الخلقي والقيمي والعلمي والديني والسلوكي؛ لأنك –ولدي طارق– قد ذهبت الآن مهاجرا إلى هذه البلاد، وأصبح على عاتقك تحسين صورة الإسلام والمسلمين لدى هؤلاء الناس الذين ينظرون إلى الإسلام بنظرة دونية؛ نتيجة السلبيات التي تحدث في عالم الإسلام والمسلمين، وأسأل الله -تبارك وتعالى- أن يوفقك في دراستك، وأن يجعلك من المتميزين والعلماء العاملين، وألا تتوقف عند حد الجامعة، بل تصل إلى أعلى الدرجات العلمية لتكون شخصية قوية تدافع عن دينك، وترفع راية إسلام في الأرض.
أخي الحبيب وابني الكريم طارق، حقيقة أنا مع أهلك من أن هذه المسألة غير مناسبة الآن، وبما أنك قد ابتعدت عنها وابتعدت عنك فقد يكون الأمر صعبا، والحمد لله تعالى، قد من الله عليكم فعلا بالحفاظ على شرعه وعدم الوقوع في محارمه، وهذه نعمة من الله -تبارك وتعالى- أكرمكم بها، وأسأل الله أن يديمها عليك، بألا تنظر إلى الحرام، ولا تمد يدك إلى الحرام، حتى يمن الله عليك بالزوجة الحلال الطيبة المباركة الصالحة.
أخي الكريم –بارك الله فيك-، إن العقل والمنطق الآن والواقع يفرض نفسه، الإسلام لا يمنع حقيقة أن تكون المرأة أكبر سنا من الرجل؛ لأن الفارق ليس كبيرا، حتى وإن رفض أهلك هذا، إلا أن المسألة أنك أصبحت في عالم وهي في عالم آخر، وقد يتعذر عليكما اللقاء في المستقبل، وهذا الأمر قد يشغلك، وقد يؤدي تفكيرك فيها إلى ضعف مستواك العلمي.
لذا أرى –بارك الله فيك– أن تتحلل منها، وأن تترك الأمر لله –تعالى-، وأن تقول لها: (أنا الآن سوف أشغل بالدراسة، فعندما أنتهي إذا لم يتقدم لك أحد ولم تتزوجي، فأنا سوف أحاول مع أهلي، أما الآن فإن الأمر أرى أنه ليس في صالحك ولا في صالحي)، فلا تربطها معك –بارك الله فيك–؛ لأنها أكبر منك سنا، وقد يتقدم إليها من هو مناسب من جميع الوجوه –خاصة الجانب الشرعي–، فلماذا نحرمها الالتزام بشرع الله، أو نحرمها الزوج الصالح المبارك؟
قضية الحب هذه قضية طبيعية في هذه المرحلة السنية، ولذلك مع الأيام سوف تتلاشى، صدقني، وهذه تجربة وخبرة؛ لأننا في مراحل الشباب وعدم وجود عواطف كبيرة في حياة الشاب، فإنه ما إن تقع عينه على فتاة ويستريح لها إلا وتملك عليه قلبه وحياته، ويقول فيها أشعارا كأشعار عنتر وعبلة، ولكن ما أن يتعقل الأمر قد يرى أن غيرها أفضل منها، وقد يرى أنه من الصعب أن يصل إليها، وقد يرى أنه تعجل.
أنا أرى أن تترك الأمر لله وحده، اعتذر لها وقل لها: (أنا أخاف أن أربطك معي؛ لأن ظروفي صعبة، وأهلي يرفضون لفارق السن، وأيضا بيني وبينك بعد شاسع، وأحتاج إلى سنوات طوال، قد تصل إلى عشرات السنوات حتى أنتهي، وأنا لا أريد أن أحبسك هذه الفترة، فإذا ما جاءك كفؤ شرعي توكلي على الله، ولا تنتظريني، وسيعوضك الله خيرا -بإذن الله تعالى-، أما إذا لم يأتك أحد وأنا قد انتهيت، فسوف أحاول مرة أخرى).
عليك بالتركيز على مستقبلك –ولدي طارق–، واعلم أن الشخص القوي هو الذي يقبله الناس زوجا لابنتهم، ويفرحون به، أما الإنسان الفاشل الضعيف فلا يمكن لأحد أن يقبله، فكن قويا كما أمرك النبي -صلى الله عليه وسلم-، واستعن بالله ولا تعجز، ولذلك قال النبي -صلى الله عليه وسلم-: (المؤمن القوي خير وأحب إلى الله من المؤمن الضعيف، وفي كل خير).
ركز على مستقبلك العلمي الآن، ولا تفكر في هذا الموضوع، لا في هذه البنت ولا في غيرها، وأغلق النوافذ والأبواب بكل إحكام، حتى تنتهي من دراستك وتصبح أستاذا جامعيا كبيرا، عندها سوف يأتيك الآلاف يرغبون القرب منك ويشرفون بأن تكون زوجا لابنتهم.
هذا، وبالله التوفيق.