السؤال
السلام عليكم.
كنت أعاني منذ صغري من الرهاب الاجتماعي، من تلعثم وقلق من التحدث أمام الناس واحمرار الوجه، وما إلى آخر ذلك من أعراض، إلى أن كنت أتصفح موقعكم الكريم منذ سنتين واكتشفت عقار الزيروسكات الذي يعالج تلك المشكلة، وبالفعل أخذت عقار السيروكسات سي ار 25 بالتدريج الموصوف من قبلكم - نصف حبة لمدة أسبوعين، وحبة لمدة شهر، وحبتين بعد ذلك لمدة ستة أشهر، ثم أبدأ في تقليل الجرعة شيئا فشيئا.
وبالفعل ظهرت بوادر التغيير في شخصيتي من زوال الخجل ( نهائيا بمعنى الكلمة ) وقدرتي على الوقوف، والتحدث أمام الناس وزملائي في العمل بدون أدنى مشكلة، فلقد كانت التجربة ناجحة 100% بكل المقاييس، وقد قل اكتئابي بنسبة كبيرة للغاية.
استمريت علي ذلك الوضع لثمانية أشهر على الحبتين، وأخذت قرارا أن أتوقف عن تناوله مرة أخرى، وبالفعل أخذت في تقليل الجرعة شيئا فشيئا، ولكن للأسف ليس بالمقدار الذي كان موصوفا من قبلكم، فلقد تسرعت قليلا في عملية التوقف، على الرغم من أني لم أعان من أي أعراض انسحاب الدواء، إلا أنني لاحظت رجوع ظاهرة الرهاب والخجل والتلعثم مرة أخرى.
قررت أن أبدأ بتناوله مرة أخرى بالتدريج، وأنا مستمر عليه الآن منذ ما يزيد عن سنة، لكن لم أحظ بنفس النتيجة التي حصلت عليها مسبقا، فمن الممكن أن تقول أن نسبة التحسن قد أصبحت 40% فقط، علاوة على زيادة وزني 15 كيلو، وأنا أمارس الرياضة حاليا لإنقاص وزني.
فهل هناك علاج آخر شبيه بالزيروكسات يعطي نفس المفعول الذي حظيت به أول مرة، وطريقة استبدال عقار الزيروكسات بالعقار الآخر، والجرعة المناسبة؟ أم هل أستمر على العلاج بالزيروكسات، ولكن بزيادة الجرعة؟
ولسيادتكم جزيل الشكر.
الإجابــة
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ Ahmad حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:
أنت بفضل الله تعالى تحصلت وتوصلت إلى درجة عالية جدا من التحسن حين تناولت العلاج الدوائي، والآن حالتك انتكست مرة أخرى واستجابتك للدواء ليست بالصورة المرضية.
أخي الكريم: الدواء هو أحد محاور العلاج وليس هو كل العلاج، الدواء يجعل الإنسان يتحسن ويختفي الرهاب الاجتماعي، والإنسان إذا لم يفعل الآليات السلوكية بعد التوقف من الدواء ترجع الأعراض مرة أخرى وبصورة انتكاسية واضحة، وهذا هو الذي حدث لك.
الآليات السلوكية التي نتحدث عنها هي أن يكون الإنسان مقتنعا أنه بالفعل يمتلك مقدرات حقيقية لمواجهة الخوف والرهاب، ويجب أن يحقر تماما من فكرة الخوف والرهاب، وألا يضخم هذا الخوف، وأن يبدأ في تطبيقات طبيعية، بل يكثف التطبيقات: ممارسة الرياضة الجماعية، الصلاة مع الجماعة، الانخراط في العمل الاجتماعي، زيارة الأهل، الأرحام، المشي في الجنائز، تشييع الموتى، زيارة الأصدقاء، السؤال عن الجيران، الترفيه عن النفس، الذهاب للتسوق، الذهاب إلى المطاعم، وهكذا – أخي الكريم – لا بد أن يكون هنالك عضدا وتثبيتا حقيقيا للعلاج السلوكي هذا، وهو المنهج الذي يمنع الانتكاسة.
فأرجو – أخي الكريم – أن تنتهج هذه الطريقة هذه المرة حتى لا تنتكس حين تتوقف عن الدواء.
بالنسبة لعدم استجابتك للزيروكسات هذه المرة: بعض الأدوية لديها خاصية يمكن أن نسميها بالإطاقة، وهي أن الدواء قد لا يكون فعالا بنفس الكيفية التي كان عليها فيما مضى، وفي هذه الحالة إما أن ترفع جرعة الدواء أو يتم تغييره.
أنا أفضل أن تغير الدواء، والدواء البديل – وهو متميز جدا – هو عقار يعرف تجاريا باسم (مودابكس Moodapex) والذي يعرف تجاريا أيضا باسم (زولفت Zoloft)، أو (لسترال Lustral)، ويسمى علميا باسم (سيرترالين Sertraline).
هذا الدواء من أفضل الأدوية التي تستعمل في علاج الرهاب الاجتماعي، وعملية الاستبدال سهلة جدا: أنقص جرعة الزيروكسات إلى النصف، استمر عليها لمدة عشرة أيام، بعد ذلك ابدأ في تناول المودابكس بجرعة حبة واحدة في اليوم، واجعل جرعة الزيروكسات يوما بعد يوم لمدة عشرة أيام أخرى، ثم توقف عن تناوله، واستمر على جرعة المودابكس كما هي خمسين مليجراما يوميا لمدة شهر بعد التوقف التام من الزيروكسات، ثم بعد ذلك اجعل جرعة المودابكس مائة مليجرام – أي حبتين – ليلا، وهذه جرعة معقولة جدا لعلاج حالتك، علما بأن الجرعة المصرح بها يمكن أن تكون حتى أربع حبات في اليوم – أي مائتي مليجرام – لكن لا أعتقد أنك في حاجة لهذه الجرعة.
استمر على الحبتين يوميا من المودابكس لمدة ستة أشهر، ثم خفضها إلى حبة واحدة يوميا لمدة ستة أشهر أخرى، ثم اجعلها نصف حبة يوميا لمدة شهر، ثم نصف حبة يوما بعد يوم لمدة شهر آخر، ثم توقف عن تناول الدواء.
وحتى نضمن الفعلية التدعيمية التامة للدواء أريدك أن تستعمل أيضا (فلوناكسول Flunaxol)، والذي يعرف علميا باسم (فلوبنتكسول Flupenthixol) بجرعة بسيطة جدا، ابدأ في تناوله الآن مباشرة، والجرعة هي نصف مليجرام صباحا ومساء لمدة أسبوعين، ثم نصف مليجرام صباحا لمدة أسبوعين، ثم تتوقف عنه، وتستمر في سحب الزيروكسات وإدخال المودابكس والاستمرار عليه بالكيفية التي ذكرتها لك.
أخي الكريم: كثف الآليات السلوكية: التمارين الرياضية، تمارين الاسترخاء، ولا بد أن يكون هنالك تغييرا فكريا كاملا: حقر كل ما هو سلبي، وابني كل ما هو إيجابي.
بارك الله فيك، وجزاك الله خيرا، وبالله التوفيق والسداد.