السؤال
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
أنا شاب مغربي، وبعمر واحد وعشرين سنة، ومنذ سنتين قرأت سورة يوسف فأعجبتني كثيرا، ومن ثم وأنا أحاول أن أكون من عباد الله المحسنين مقتديا بذلك النبي الكريم ونبينا -صلى الله عليه وسلم- فأردت أن أطلب العلم الشرعي، فبدأت –أولا- بحفظ القرآن، وأحفظ الآن -بفضل الله- سورة البقرة، وآل عمران، والنساء.
أدرس الآن في السنة الثالثة هندسة، وكنت مولعا بدراستي، والآن بعد علمي أنتظر بفارغ الصبر متى أتخلص منها؟ تراودني وساوس أنه لا يمكنني الجمع بين الدراسة وطلب العلم، وأنا خائف من أن أضيع عمري في علم الدنيا وأنسى الآخرة.
أرجو منكم -أيها الإخوة الأفاضل- توجيها رشيدا يجمع شملي.
الإجابــة
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ ياسين حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:
مرحبا بك -ابننا الكريم- في موقعك، ونشكر لك الاهتمام والسؤال، ونسأل الله أن يهديك لأحسن الأخلاق والأعمال والأقوال، وأن يعينك على الخير، وأن يصلح الأحوال، وأن يجعلك من المحسنين، ويحقق لنا ولكم صلاح وتحقيق الآمال.
أرجو أن تعلم أن دراسة الهندسة لا تنافي التدين، ولا تحول بينك وبين الإحسان أو المحسنين، بل إن يوسف منح وسام المحسنين وهو في السجن، ثم منحه وهو في القصر، وما وصل إلى القصر إلا لأنه حفيظ عليم، فالمهمة التي تولاها يوسف هي هندسة الحياة الاقتصادية، والأفكار التي أخرج بها مصر وما حولها من المجاعات.
المحسن يمسح الدمعة، ويعطف، ويرفق بمن حوله، ويبذل المعروف، ويعفو ويصفح، يذكر إحسان الناس له، وينسى إحسانه للآخرين، وهناك عدد من العلماء في الأصل مهندسون كالشيخ المنجد، ونعرف طائفة من أئمة المساجد والدعاة، والمهندس الشيخ يكون مرتبا في أطروحاته ومحاضراته، فتعوذ بالله من وساوس الشيطان، وتذكر أنه لا يريد لنا الخير ولا الأمان، بل همه أن يحزن أهل الإيمان، ولكنه ضعيف، وليس بضارهم إلا إذا قدر مالك الأكوان.
اعلم أن علم الدنيا مطلوب، وأن من يقصد بتعلمه للهندسة أو الطب وجه الله يؤجر، فكيف إذا جمع مع ذلك حفظ القرآن والرغبة في الإحسان؟!
هذه وصيتنا لك: بخاتمة النحل، وهي لك بشارة، قال تعالى: {إن الله مع الذين اتقوا والذين هم محسنون}، وعليك بكثرة اللجوء إلى الله، والصبر؛ فإن العاقبة لأهله، وصدق من قال:
ألا بالصبر تبلغ ما تريد وبالتقوى يلين لك الحديد
وفقك الله، وسدد خطاك، وحفظك وتولاك.