أصبح ذكر الموت هو همي الوحيد، وأفكر فيه كثيرا

0 186

السؤال

السلام عليكم
جزاكم الله خيرا على ما تقدمونه من عون للكثير من الناس.

أنا شاب بعمر 16 سنة، في الأيام الأخيرة أصبحت حالتي صعبة جدا، فقد أصبح ذكر الموت هو همي الوحيد، وأصبحت أحس أن هذا الأسبوع أو هذه السنة هي الأخيرة لي، وترتب على ذلك عدم قدرتي على النوم، وعلى الدراسة!

علما بأني أدمنت على بعض المعاصي، وحاولت التخلص منها.

بدأت مشكلتي منذ شهرين، حيث أني اشتركت مع جماعة من الشباب نهدف إلى توعية المجتمع، وفي يوم من الأيام طلبوا منا أن نذهب للقيام بصلاة الجنازة لأي شخص، طلبا للخير والأجر، وبعدها والحمد لله، يسر الله لي العمرة، وقمت بأداء مناسكها، وذهبنا للمرة الثانية للمسجد، وقاموا بتذكيرنا عن الموت، ومن هنا بدأت حالتي، أصحبت أخاف من أي شيء له علاقة بالموت، وبعدما عدت أصبحت يوما بعد يوم أسمع عن وفاة شخص حتى اعتقدت أن نهايتي قريبة، وأن الله يخبرني بأن موتي قريب.

حضرت خطبة كانت عن الموت، وفي الأسبوعين السابقين مات أشخاص كثيرون، وترتب على كل هذا انعزالي عن الناس، وخوفي الدائم، وعدم قدرتي على النوم، وكنت قد حاولت أن أستشيركم، ولكن دون فائدة.

أرجو أن تساعدوني؛ لأن حالتي صعبة جدا.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ أحمد حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

لا شك أن الموت حقيقة أزلية وأبدية، وهو واقع لا شك في ذلك، والخوف منه لا ينقص في عمر الإنسان لحظة ولا يزيده لحظة، هذه حقيقة أنا أعرف أنك مدرك لها.

الآن – أيها الفاضل الكريم – الخوف الذي يأتيك هو خوف مرضي من المرض، والذي يظهر لي أنك حاولت بالفعل أن تسير في طريق الصلاح، وهذا أمر جميل جدا، لكن شاء الله أنك استمعت لهذه المحاضرات والتي قطعا هي مفيدة، وقصد بها التذكرة بالموت ليشعر الإنسان بأنه مطالب في هذه الحياة الدنيا أن يتقي الله وأن يعمل الصالحات، وذلك ليعيش حياة طيبة قبل الموت وفيما بعد الموت، هذا هو الذي قصد – أيها الفاضل الكريم – وليس أكثر من ذلك.

حالتك هذه هي نوع من المخاوف الوسواسية، ومن وجهة نظري أنها بسيطة، وأنها علة عابرة إن شاء الله تعالى، وأنت لك الفطنة والكياسة أن تتخطى هذا الأمر تماما.

لا أريدك أبدا أن تتعلق بأي معتقدات خاطئة، قولك مثلا حين تسمع عن وفاة شخص يأتيك الاعتقاد بأن هذه نهايتك، أو أن نهايتك قريبة، وأن الله يخبرك بأن موتك قريب، هذا كلام خاطئ، وهذا تفكير شيطاني وسواسي، يجب أن تستعيذ بالله تعالى منه، وتحقره تماما إذا كان من هذه الناحية.

وإذا كان من جانب أنك تذكر نفسك بالموت، فهذا أمر طيب، فكفى بالموت واعظا كي يسترجع الإنسان نفسه ويتوب من ذنوبه ويستعد لما بعد الموت، وذكر نفسك بأن الأعمار بيد الله تعالى، واسأل الله تعالى أن تكون لك عيشة هنية وميتة سوية، وأن يحسن ختامك، وأن يجعل خير عمرك آخره، وخير عملك خواتمه، وأن تسأل الله تعالى أن يجعل حياتك هانئة، وأن يطيل عمرك في فعل الخيرات.

الأمر تتعامل معه بهذه الكيفية، وتصرف انتباهك عنه تماما، بأن تعيش الحياة بقوة، تجتهد في دراستك، وتنصهر مع المجموعة الشبابية التي تهدف إلى توعية المجتمع، تكون بارا بوالديك، تمارس الرياضة، تعيش حياة صحية من خلال النوم المبكر، والتغذية المتوازنة، ونحن الآن على أعتاب شهر رمضان المبارك، فهذا موسم الخيرات، ويجب أن تستفيد من طاقاتك كشاب من شباب الإسلام، تجتهد في صيامك وفي قيامك وفي تلاوة القرآن، ويا حبذا لو خصصت بعض الوقت للاعتكاف في أحد المساجد، ... وهكذا.

فهذا الخوف الذي أتاك هو خوف وسواسي عرضي، تجاهله تماما، وأحذرك تماما مما نسميه بالنقاشات أو الحوارات الوسواسية، حين تأتيك هذه الفكرة حقرها، وانظر إلى الأمور حسب المقاييس التي أوردناها لك.

بارك الله فيك، وجزاك الله خيرا، وبالله التوفيق والسداد.

مواد ذات صلة

الاستشارات