أعاني من ضعف الشخصية والعزلة الاجتماعية، هل من علاج لحالتي؟

0 247

السؤال

أنا شاب وبعمر 19سنة، أعاني من ضعف الدخول في الناس والاختلاط بهم، وإذا كنت بين مجموعة من الأصدقاء والأقارب أراهم يضحكون ويتكلمون، وأنا صامت بينهم فأخشى الكلام خوفا من ردهم، وإذا كلمني واحد منهم؛ أشعر بالتشتت وضعف التركيز، وقليل من الخوف.

أنا -يا دكتور- ﻻ أستطيع أن أتصرف على طبيعتي إذا خرجت خارج بيتي، إذا خرجت أنا وصديقي إلى سوق أو إلى أي مكان آخر؛ أفكر في نفسي: ماذا يجب علي أن أقول له؟ أشعر بأني ممل فأصاب بالإحباط، وتركيزي يقل، وأشعر أني غبي! وأفقد الثقة بنفسي، فيصبح هو يسيرني ويقودني، ويفكر عني.

مشكلتي أني أضخم من حولي، وأكبرهم، فتصبح شخصيتي ضعيفة بينهم، إذا رأيت شخصا يضحك أتصنع الضحك، وإذا تكلم جاملته، ومع ذلك أسلوبي هذا ﻻ يجذب الناس لي.

أنا ﻻ أتكلم أبدا، وﻻ أفتح مواضيع، وﻻ أتكلم عن مواقف حصلت لي، خوفا من رد الناس، وإن تكلمت؛ أتشتت، ويضعف تركيزي، فيصبح أسلوبي مملا جدا، وﻻ أحد يسمعني، تعبت –والله- من هذه الحالة، تعبت من التصنع، أريد أن أكون طبيعيا.

أنا –يا دكتور- إذا واجهت نفسي؛ لكي أكون طبيعيا بين الناس، ﻻ أصبح طبيعيا، لأن في داخلي خوفا، فيصبح شكلي غير طبيعي، أنا من أسرة قاسية، ومجتمع قاس، وعندما أقول هنا: أسرة قاسية؛ ﻻ أقصد أبي وأمي وإخوتي، وإنما أقصد أعمامي وعماتي، وأبناءهم، وجدي وجدتي، فدائما يحاول الشخص فيهم أن يحرج الشخص الآخر، ودائما يسخر بعضهم من بعض، فهم ﻻ يحترمون إﻻ الشخص -كما يقال بالعامية- (الذي يعطي بالرأس).

أنا ﻻ أستطيع التحدث أو الكلام بينهم؛ خوفا من سخريتهم، وأيضا مجلس جدي هكذا أعمامي يسخر بعضهم من بعض، ويحاول الشخص أن يحرج الآخر، حتى جدي يحب أن يسخر من أبنائه أو أحفاده.

أنا في المجلس أبقى صامتا بينهم؛ كي أسلم من سخريتهم، تخيل –يا دكتور- أنت في مجلس، وشخص يسخر منك، والبقية يضحكون وينظرون إليك، وإذا خجلت منهم أو حزنت من تصرفهم؛ يصفونك أنك حساس، وﻻ تعرف التعامل بين الناس.

أنا -يا دكتور- إذا انتقدني شخص؛ أشعر بالضعف والإهانة، وإذا انتقدت شخصا يصرخ في وجهي ويحرجني، فأظهر أنا المخطئ، أنا لي قريب في عمري، ﻻ يتعدى على أبناء عمي الآخرين؛ لأنهم يخرسونه ويسكتونه، فيصبح تعامله مختلفا معهم، هو بالعكس غير محترم معي، ويسخر مني، ويصرخ في وجهي، كم أكرهه، وأتمنى أن أخرسه، لكن ﻻ أستطيع، أقاربي لهم دور كبير في التأثير في، أصبحت ﻻ أتكلم مع الناس، وأصبحت ﻻ أحب إﻻ بيتي، ولم يعد لي أصدقاء.

آسف على الإطالة، وأتمنى أن يكون العلاج من غير أدوية، وشكرا لكم، والله يزيد من فضلكم.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ عبد العزيز حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

مرحبا بك في استشارات الشبكة الإسلامية، ونتمنى لك دوام الصحة والعافية.

ابننا العزيز: ضعف الثقة بالنفس ربما يكون هو العامل الأساسي في ما تعاني منه، فتسبب في الخوف الاجتماعي الراهن، فإذا زادت ثقتك بنفسك؛ ستتغير الأحوال إن شاء الله. فلا بد أن تعلم أن الله تبارك وتعالى خلقك في أحسن تقويم، واحمد الله على نعمة العقل، فهي أعظم النعم، ولا شك أن لديك العديد من القدرات والإمكانيات، فقط محتاجة لتفجير، لذلك: لماذا الخوف؟ ولماذا الرهبة من الناس المخلوقين مثلك؟ فكل الناس لها محاسن، ولها عيوب، والكمال لله وحده. فتقديرك غير الواقعي للآخرين ولنفسك هو سبب الخوف والتوتر؛ لأن هذا ناتج عن النظرة السلبية لنفسك، والتقييم المتضخم للآخرين.

حاول تعداد صفاتك الإيجابية، ولا تقارن نفسك بمن هم أعلى منك في الأمور الدنيوية، وغير المقياس أو المعيار الذي تقيم به الناس، فأفضل المقاييس على الإطلاق هو المقياس المستمد من الكتاب والسنة، فتقوى الله عز وجل هي المحك الحقيقي لتقييم الشخصيات. فالسلوك الذي يصدر من الآخرين سواء كان بقصد أو بلا قصد ليس هو الذي يقيم شخصيتك أو يقلل من شأنك.

لذلك نقول لك -أخي الكريم-: مشكلة تجنب الآخرين وعدم الاحتكاك بهم لا بد من التفكير في حلها بالطرق الواقعية، وأولها المواجهة وعدم الانسحاب والتعذر بأسباب واهية، فحاول رفع شعار مفاده التحدي والاقتحام بالزيارات المتكررة للأهل والأصدقاء، وإجابة الدعوات، والمشاركة في المناسبات ولو بالصورة المتدرجة في المدة الزمنية. فهذه تكسبك الثقة بالنفس وتزيدها، فإذا انكسر الحاجز النفسي؛ فسيكون الأمر طبيعيا إن شاء الله.

الإنسان يتعلم بالممارسة والتدريب شيئا فشيئا، في البداية تعلم كيفية المحادثة مع الآخرين بالاستماع الجيد لما يقولونه، ثم كيفية إلقاء الأسئلة بالصورة المبسطة، والاستفسار بطريقة فيها احترام وتقدير للشخص الآخر، وإظهار الإعجاب والتعليق على حديثهم ومقتنياتهم بالطريقة التي يحبونها، وإذا أتيحت لك الفرصة للتحدث عن نفسك؛ اغتنمها ولا تتردد، بل انتهج نهج المبادأة، وكون أول من يبدأ دائما بالتعريف أو الحديث عن النفس. مارس ذلك مع من تعرفهم من الزملاء والإخوان الذين تألفهم، فترى -إن شاء الله- تغييرا واضحا في زيادة مهارة الكلام.

نقول لك: كن إيجابيا، ولا تكن سلبيا، كن مؤثرا ولا تكن متأثرا، وكن مبادرا ولا تكن مستسلما، فالذي يخالط الناس ويصبر على أذاهم أفضل من الذي يعتزلهم.

شرح الله صدرك، ويسر أمرك.

مواد ذات صلة

الاستشارات