بعد مرض والدي ووفاته أصبحت أخاف من المستقبل والمرض والوحدة؟

0 255

السؤال

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته..

أحب أولا أن أشكركم على هذا الموقع، وأريد أن أخبركم أنني استفدت الكثير من موقعكم في شتى المجالات، وأحببت أن أستشيركم في موضوع أرقني لفترة طويلة، وقد أصابني الأسى على نفسي، فأسأل الله أن أجد عندكم ما يكون سببا في حل هذا الأمر -إن شاء الله-.

المشكلة باختصار: أنني منذ أن كنت مراهقة بدأت بنتف شعري وقضم أظافري، كما وأخاف من المواجهة حتى لو لم أخطئ، وهذه الشيء قديم، ومازال معي إلى الآن، كما أشعر بالخوف كثيرا من المستقبل رغم أنني أحب الغد كثيرا، وأقول دائما بأن غدا سيكون أفضل، ولكن يشغلني أمر أنني أكبر في العمر، ولم أعالج نفسي، ولم أتحسن، وأهملت نفسي كثيرا، وكذلك صحتي، فقد أصبح شعري مشوها، وقد غزاه الشيب بكثرة، ولا زلت أنتفه، فإلى متى؟

أشعر بالإحراج عندما أفتح حوارات مع الناس، رغم أنني لا أشعر بالرهاب أبد، لكن أشعر بالتوتر عند مقابلة الناس قليلي الكلام، لأنني لا أعرف أن أفتح حوارا مع أحد، فبعد مرض والدي وإصابته بالمرض العضال ووفاته بعد شهرين لم أعد كما كنت.

كنت في السابق أنتف شعري، ولكني الآن أصبح لدي هاجس المرض، والخوف منه ومن العجز، أخاف أن أكبر في العمر وأصبح عجوزا مريضة ووحيدة.

في السابق كانت تشدني المسلسلات القديمة والبرامج التي تذكرني بطفولتي، أما الآن فأنا أشعر بالضيق عند سماع أصواتهم، وعندما أتذكر الماضي.

أخاف من الاختناق، فلو رأيت فيلما فيه شخص يتعرض للاختناق أشعر وكأنه أنا، ويؤلمني صدري.

هذا ما أحببت أن أستشيركم فيه، لأنني عندما أشعر بالحزن على نفسي أفقد أعصابي، فأولادي هم من يذهبوا ضحية عصبيتي وانفعالي.

فأسأل الله أن أجد عندكم حلا يكون سببا في شفائي -بإذن الله-.

وجزاكم الله خيرا.

ملاحظة: أحب أن أخبركم بأنني تناولت الفافرين الذي لم أجد له فائدة، وبعد عام أوقفته بالتدريج، مع علاج سلوكي لم أستمر فيه طويلا.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ أم جنى علي حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

شكرا لك على ثنائك على الموقع، ونسأل الله تعالى العلي القدير أن يوفقنا بالإسهام ولو بالقدر اليسير في حل مشاكلك.

استشفيت من كلامك بأن الموضوع قديم –كما ذكرت– منذ فترة، وإن كانت تتفاوت الأعراض من وقت لآخر، ولكنها في مجملها أعراض قلق وتوتر، مثل نتف الشعر، والخوف من المواجهة، وقضم الأظافر، فهذه كلها تنم على القلق والتوتر.

ويبدو لي أن هذه الأمور من سمات الشخصية، حيث أنك تعانين من شخصية قلقة ومتوترة، ولذلك تزيد هذه الأعراض عند مواقف معينة، أو عندما تمر فترة معينة في حياتك، والفرق بين سمات الشخصية والمرض النفسي أن سمات الشخصية عادة لا تستجيب للحبوب والأدوية، لكن إذا زالت الأعراض فقد تفيد الحبوب والأدوية في فترة من الفترات.

إلا أن العلاج الرئيسي لسمات الشخصية القلقة هي الجلسات النفسية المطولة وليس العلاج السلوكي، أي تتابعين مع معالج نفسي، جلسة أسبوعيا، لفترة قد تمتد إلى سنة أو أكثر، وفيها يرشدك ويساعدك إما إلى تغيير الأشياء السالبة في حياتك، أو التأقلم والتكيف مع الأعراض التي تعانين منها، وكيف تتعلمين الاسترخاء، وأن تمضي بحياتك قدما، ولا تيأسي وتستسلمي لليأس.

الفافرين عادة مفيد لعلاج الوسواس القهري، ولكن غير مفيد لعلاج أعراض القلق النفسي، وأرى لو تناولت حبوب تعرف تجاريا باسم (سيبرالكس Cipralex) وتعرف علميا باسم (استالوبرام Escitalopram) عشرة مليجرام، فهي مفيدة للقلق، تبدئي بنصف حبة بعد الأكل لمدة أسبوع، ثم بعد ذلك حبة كاملة، وعادة سوف تحسين بالفائدة عندما تستمرين في تناول الدواء لمدة شهرين، ويجب بعدها أن تستمري في تناول الدواء لثلاثة أشهر، ويمكن التوقف عن تناول الدواء بعد هذه الفترة.

ولا تنسي –أختي الكريمة– المحافظة على الصلاة والذكر وقراءة القرآن، فإن هذه الأمور الجميلة وهذه الطاعات والقربات تطمئن القلوب، مصداقا لقوله تعالى: {الذين آمنوا وتطمئن قلوبهم بذكر الله ألا بذكر الله تطمئن القلوب}، وقال تعالى: {واذكروا الله كثيرا}، لماذا؟ {لعلكم تفلحون}، وقال: {فاذكروني أذكركم واشكروا لي ولا تكفرون}، وقال: {والذاكرين الله كثيرا والذاكرات أعد الله لهم مغفرة وأجرا عظيما}، وأيضا تزيل القلق... إي والله، ونحن في هذا الشهر الفضيل تتيسر فيه هذه الأشياء وعمل الخير والذكر، وستحسين ذلك بنفسك.

وفقك الله، وسدد خطاك.

مواد ذات صلة

الاستشارات