السؤال
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته..
أنا شاب أعاني منذ أكثر من سنتين من الخوف من المشي أمام الناس٬ فعند المشي أشعر كأنني مقيد أي مسجون، ولا أمشي براحة، وأشعر بجسدي صلب، ومن الممكن أن يكون هذا بسبب تعرضي للكثير من النقد من أصدقائي حول طريقة المشي، فأصبحت أتجنب حتى الذهاب إلى المسجد بسبب هذا الشيء.
عندي خوف أيضا من المناسبات الاجتماعية كالحفلات، وعند التكلم أمام مجموعة خصوصا في الفصل، وتجدني دائما أتجنب الأعمال الجماعية كلعب كرة القدم بسبب الخوف من النقد وفقدان الثقة، رغم أنني لم أكن كذلك في السابق.
ثانيا: أشعر دائما بالنقص وضعف الثقة، وأشعر أن من حولي أفضل مني، وأنني لا أستطيع أن أكون مثلهم، فأعتقد دائما أنني لا أستطيع أن أشتغل أي شيء في المستقبل، ولا أستطيع أن أنجح في أي مهمة، فدائما أخاف من القيام بتجربة أو عمل جديد؛ خوفا من الفشل.
وثالثا: أنا سريع التأثر بأي نقد يوجه لي، وأشكو من كثرة التفكير في أتفه الأشياء، فكل شيء يحصل أبقى أفكر فيه، ولا أستطيع التوقف عن التفكير.
هل أستطيع علاج نفسي بنفسي من خلال المواجهة والتدريبات أم يجب علي الذهاب إلى طبيب نفسي؟ أرجو أن تساعدني.
وشكرا.
الإجابــة
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ محمد حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:
مرحبا بك في استشارات الشبكة الإسلامية، ونتمنى لك دوام الصحة والعافية.
أخي الكريم: إن تعرفك على المشكلة وتحديدها يعتبر الخطوة الأولى في حلها، وما دامت لديك الرغبة في التغيير فليس هناك ما يمنع ذلك. كل ما في الأمر هو التخلص من خيوط العنكبوت التي قيدت بها نفسك، وأصبحت أسيرا لتصورات وأوهام ليس لها وزن ولا معنى.
أخي الكريم: مشكلة تجنب الآخرين، وعدم الاحتكاك بهم، لا بد من التفكير في حلها بالطرق الواقعية، وأولها المواجهة، وعدم الانسحاب والتعذر بأسباب واهية، فحاول رفع شعار مفاده التحدي والاقتحام بالزيارات المتكررة للأهل والأصدقاء، وإجابة الدعوات، والمشاركة في المناسبات -ولو بالصورة المتدرجة في المدة الزمنية-، فهذه تكسبك الثقة بالنفس، وتزيدها، فإذا انكسر الحاجز النفسي؛ فسيكون الأمر طبيعيا -إن شاء الله- فالإنسان يتعلم بالممارسة والتدريب شيئا فشيئا.
في البداية تعلم كيفية المحادثة مع الآخرين بالاستماع الجيد لما يقولونه، ثم كيفية إلقاء الأسئلة بالصورة المبسطة، والاستفسار بطريقة فيها احترام وتقدير للشخص الآخر، وإظهار الإعجاب والتعليق على حديثهم ومقتنياتهم بالطريقة التي يحبونها، وإذا أتيحت لك الفرصة للتحدث عن نفسك؛ اغتنمها، ولا تتردد، بل انتهج نهج المبادأة، وكن أول من يبدأ دائما بالتعريف، أو الحديث عن النفس.
اخرج -أخي الكريم- من هذا النفق المظلم -الذي وضعت فيه نفسك واستسلمت له– فبادر بوضع خطتك، وتحديد أهدافك، ماذا تريد؟ وما هو الإنجاز الذي تتمنى تحقيقه؟ وما هي المكانة التي تريدها؟ ثم قم باختيار الوسائل المناسبة لتحقيق أهدافك، واستشر في ذلك ذوي المعرفة والعلم، وأصحاب الخبرات الذين تثق فيهم، وحاول اكتشاف قدراتك وإمكاناتك التي تؤهلك لذلك. واعتبر المرحلة التي تمر بها الآن مرحلة مخاض لولادة شخصية جديدة بأفكار ورؤى جديدة للحياة، ونظرة جديدة للمستقبل.
اعلم أن كل من سار على الدرب وصل، فقط كيف نبدأ الخطوة الأولى، ونستعين بالله تعالى، ونتوكل عليه، ويكون لدينا اليقين الصادق بأن كل شيء بيده سبحانه وتعالى، ولا يعجزه شيء في الأرض ولا في السماء. {إنما أمره إذا أراد شيئا أن يقول له كن فيكون} فكن متفائلا دائما، مؤثرا لا متأثرا، مبادرا لا مستسلما.
لذلك نذكرك بمواجهة المواقف، والمشي أمام الآخرين؛ لأنك لم تفعل شيئا فاضحا حتى تنطوي وتستحي، فالأمر لا يستحق هذا التصور الكبير الذي يمنعك من ممارسة حياتك بصورة طبيعية.
ويمكن للشخص أن يتميز بصفات أخرى تكون جاذبة للآخرين، وتحببهم فيه، ففكر في ما يمكن اكتشافه في شخصيتك، وستجد -إن شاء الله- الكثير من القدرات، والإمكانيات، والمهارات التي تزيد من ثقتك بنفسك، وتقديرك لذاتك، وتغير اتجاهات ومفهوم الآخرين عنك.
وفقك الله تعالى لما يحب ويرضى.