السؤال
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته..
أنا عشت بلا أب ولم أره مطلقا، وهو لم يرني وليس لي إخوة، وعشت مع أمي فقط، أنا حاليا أشعر بالنقص العاطفي من ناحية الذكور، ولا أعرف كثيرا عن عالم الذكور، وعلاقاتي الاجتماعية ليست بتلك القوة، ولا أستطيع الثقة بالناس كثيرا، وأصدقائي قليلون، وهم دائما ما يقولون لي أنهم لا يشعرون باهتمامي بهم، وكذلك أمي، وقد سمعت هذا الكلام كثيرا.
أنا أيضا أخاف من كل شيء، ومن أبسط الأشياء مثل أي صوت مفاجئ أرتعب كثيرا، وأشعر أن جسمي يهتز، وأخاف من الحيوانات، ومن أن أمارس أي رياضة مثل السباحة أو ركوب الدراجة حتى أنني أخاف من أن يتركني الناس أو يغدروا بي؛ لذا لا أكون صداقات إلا مع من أنا أضمن أنهم حقا جيدون، وليسوا غدارين ودائما يسألني الناس لماذا أنا أخاف بهذا الشكل الكبير، وحتى أنني حديثا سمعت من يتكلم عني من ورائي وهو يقول: إنني أخاف بشكل كبير وغير طبيعي، وهذا ما يقولوه لي كثير من الناس.
أولا: كيف أستطيع أن أعوض الحب العاطفي الذي فاتني؟
ثانيا : كيف أتعرف أكثر على عالم الذكورة الذي لا أعرف عنه شيئا؟
ثالثا: كيف أستطيع أن أجعل من حولي يشعر باهتمامي بهم -مع العلم أنني حقا أهتم بهم، وأحبهم ولا أعرف السبب، وسألت أصدقائي، لكنهم لا يجيبوني إلا أنهم هكذا يشعرون ولا يعرفون السبب- وأشعر أن أصدقائي ربما يبتعدون في أي وقت، مع العلم أنني فقدت أحد أصدقائي بسبب هذا وأنا على وشك أن أفقد صديقا آخر، فماذا أفعل؟
رابعا: كيف أتخلص من هذا الخوف الكبير الذي لدي، وأنا أشك أنه بدأ لدي منذ سن معين أعتقد أنه التاسعة، ولكني لا أذكر لماذا بدأ هذا الخوف لدي.
خامسا: في السنوات السابقة كانت ثقتي بنفسي قوية جدا وبدرجة كبيرة، ولكن مؤخرا أشعر بعدم الثقة بنفسي، وبسبب هذا بدأت حياتي تتدهور في كل المجالات، فماذا أفعل؟
وجزاكم الله كل خير، وشكرا لكل من يعمل في هذا الموقع.
الإجابــة
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ أمجد حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:
مرحبا بك في استشارات الشبكة الإسلامية، ونتمنى لك دوام الصحة والعافية.
أخي الكريم: لم ندر ما عمرك الآن، ولكن يبدو أنك ناضج، وهذه نعمة من نعم الله عليك أنك تعرفت على جوانب النقص والضعف، ومواطن القوة في شخصيتك، وأنك تريد التغيير والتعديل.
والأمر ليس صعبا إنما يحتاج للممارسة خطوة بخطوة، فستتعرف على المفقود، وتعوض النقص-إن شاء الله-، فالمناسب في هذه المرحلة هو تكوين الصداقات؛ لأن الصداقة من العلاقات الاجتماعية المهمة في حياة الناس، وخاصة إذا كانت مبنية على أسس قويمة خالية من المصالح الشخصية، ومن الهوى، وأعظم أنواعها الأخوة في الله, فهؤلاء من الذين يظلهم الله يوم لا ظل إلا ظله، وقد تأتي صدفة أو متعمدة.
المهم هو أن يكتشف الشخص أن هناك شخصا آخر يبادله الاحترام والتقدير، ويشاركه الاهتمامات والميول، ويقف معه ويؤازره وقت الضيق، ويحفظ أسراره، ويستر عيوبه ويعفو عنه إذا أخطأ.
وأحيانا تكون مصادقة بعض الناس تعب ومشقة وندامة، وأحيانا تكون سعادة ونعمة، وإليك بعض الإرشادات ربما تساعدك في تكوين الصداقات الناجحة:
1- اسع في مرضاة الله فإذا أحبك الله جعل لك القبول بين الناس.
2- ينبغي أن تتصالح مع نفسك وتتحرر من هواها وتثق في قدراتك وإمكانياتك واعتز بها.
3- كن نموذجا في الأخلاق واحترم قيم وآراء الآخرين، ولا تقارن نفسك بالآخرين، فما عندك من صفات وقدرات ربما يتمناه الآخرون.
4- افش السلام على من تعرف ومن لا تعرف، وساعد من يطلب منك المساعدة، واعرض مساعدتك على من لم يطلب.
5- قدم الهدايا لمن حولك حتى ولو كانت رمزية، فإنها تحبب فيك الناس وازهد فيما عندهم.
6- بادر بمواصلة الآخرين في مناسباتهم الاجتماعية وشاركهم في أفراحهم، وزرهم في مرضهم.
7- أحسن الظن دائما في الآخرين إلى أن يتبين لك العكس.
أما بالنسبة لعلاج الخوف فحاول الاطلاع والتثقيف في قوانين بلدك، ومعرفة حقوقك، ومعرفة كيفية الدفاع عن نفسك بالطرق القانونية الصحيحة حتى لا تضيع حقوقك.
وتذكر حديث النبي صلى الله عليه وسلم لابن عباس رضي الله عنهما قال: كنت خلف النبي صلى الله عليه وسلم يوما، فقال: (يا غلام، إني أعلمك كلمات: احفظ الله يحفظك، احفظ الله تجده تجاهك، إذا سألت فاسأل الله، وإذا استعنت فاستعن بالله، واعلم أن الأمة لو اجتمعوا على أن ينفعـوك بشيء، لم ينفعوك إلا بشيء قد كتبه الله لك، وإن اجتمعوا على أن يضروك بشيء ، لم يضروك إلا بشيء قد كتبه الله عليك، رفعت الأقلام وجفت الصحف)، رواه الترمذي وقال : حديث حسن صحيح.
ثانيا: واظب على الصلوات في جماعة، وخاصة صلاة الصبح، فإنك تكون في ذمة الله لا يضرك شيء، ويحفظك الله تعالى من كل شر طيلة ذلك اليوم، ويبعد عنك كل مشكلة، واستعذ بالله من الجبن في أذكار الصباح والمساء.
نسأل الله تعالى أن يحفظك من كل شر.