السؤال
السلام عليكم
السؤال للدكتور محمد عبد العليم
لدي مشاكل في العمل أثرت على حياتي خارج العمل، بحيث أصبح تفكيري بها مستمرا، حتى وإن هربت منها لفترة من الزمن سواء نزهة أو زيارة لأحد، أجد نفسي أفكر فيها باستمرار، لدرجة أني أتوتر أحيانا كأني وسط المشكلة، طبعا هذه المشكلة أثرت على قدرتي في الحفظ للقرآن، فاضطررت للتوقف عن الحفظ، لعدم قدرتي على التركيز والحفظ، وكذلك استمررت على المراجعة وأجد نفسي وقت المراجعة أن ذهني يخرج خارج السيطرة، وأجد صعوبة في الرجوع للتركيز في المراجعة.
مع العلم أن الشرود الذهني عالجته في وقت الجامعة بتمارين تركيز وببعض الألعاب مع وجوده لم يكن بالنسبة لي مؤثرا، لكن مع القرآن وحفظه أصبح مشكلة وعائقا، حتى أني أجد نفسي في بعض الآيات بالأيام، أو أقرأ الآية وأسرح وإذا جئت أقرأ غيبا أسرح، والصعوبة في الرجوع للتركيز أجد نفسي مجبورا على إكمال الفكرة التي سرحت فيها كاملة، يعني أحيانا تحدث أفلام في رأسي بسبب هذا السرحان.
أعمل تمارين التنفس للتركيز باستمرار والتأمل, مع العلم أني كنت أعالج التوتر بالعادة السرية لفترة من الزمن حتى أنها أصبحت يوميا.
طبعا مشاكل العمل هذه بسبب إدارة سيئة، هذه المشكلة كانت بإضافة لمشاكل أسرية للأهل، والحمد لله تحسن الوضع بخصوص المشاكل الأسرية.
وتقبل تحياتي.
الإجابــة
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ أحمد يحيي حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:
لا شك أن المشاغل والمشاكل على نطاق العمل أو على النطاق الاجتماعي تؤثر على تركيز الإنسان وتشتت ذهنه، وتأخذ حيزا كبيرا من تفكيره.
أخي الفاضل: بالنسبة لهذه المشاكل – أي مشاكل العمل – أريدك أن تنظر إليها بروية أكثر، وألا تنقل مشاكل العمل للبيت، أو تجعلها مهيمنة على حياتك.
العمل – أخي الكريم – قم بواجبك حيال عملك، أقدم عليه بجدية ومصداقية، مهما كانت الصعوبات والمشاكل الموجودة فيه.
ويا أخي الكريم: صعوبات العمل هي محفزة- في بعض الأحيان -للإنسان ليكون أكثر مثابرة وجدية وإنتاجية في عمله، وقطعا مشاكل العمل يعني وجود مشاكل مع الآخرين، التعامل مع الآخرين يجب أن يكون في حدود الانضباط المهني، حتى وإن لم يلتزموا هم بذلك.
منظومتك القيمية تحتم عليك – أخي الكريم – أن تحترم الآخرين، أن تكون هنالك علاقة مهنية، وليس من الضروري أن تكون هناك علاقة شخصية.
ويا أخي الكريم: دائما اقبل هؤلاء الناس الذين معك في العمل كما هم لا كما تريد، هذا ينعكس عليك بصورة إيجابية جدا.
والمشاكل عموما أخي الكريم: الإنسان يسعى لأن يحل ما يمكن حله، وأن يؤجل ما يجب أن يؤجله، وأن يجمد ما يفضل أن يجمد، انظر إليها – أي المشاكل – من هذه الزاوية، وأعتقد أن ذلك – إن شاء الله تعالى – يعود عليك بشيء من الفرج وقبول الواقع المتعلق بعملك.
إذا نحن هنا نحاول أن نجتث المشكلة من أساسها، وأنا أعتقد – مع احترامي الشديد لك – أنك أيضا لديك شيء من الاستعداد للتفاعل مع المشاكل الحياتية، فأنت -الحمد لله- تخطيت الآن موضوع المشاكل الأسرية، لكن بكل أسف حصل نوع من الاستبدال أو ما نسميه بالتعويض السلبي، وهو ظهور مشاكل على نطاق العمل.
أخي الكريم: بجانب ما ذكرته لك أريدك أن تمارس الرياضة بكثافة؛ لأن الرياضة تحسن التركيز، واعلم – أخي الكريم – أن القرآن الكريم مدارسته وتلاوته وحفظه هي أحد محسنات التركيز، قال تعالى: {واذكر ربك إذا نسيت} وقال تعالى: {ولا تكونوا كالذين نسوا الله فأنساهم أنفسهم}.
بالنسبة لموضوع الحفظ: تخير الأوقات الطيبة، الوقت بعد صلاة الفجر حين يستيقظ الإنسان من النوم يكون الدماغ في حالة هدوء وسكون؛ لأن النوم يساعد على ترميم خلايا الدماغ، يساعد على إفرازات كيميائية إيجابية، فتحين هذا الوقت للحفظ.
وأرجو أيضا أن تتواصل مع أحد المشايخ المشهود لهم بتحفيظ القرآن، سوف يعطيك – إن شاء الله تعالى – كل الإرشادات، وينور عليك باطلاعك على كل الطرق التي تساعدك على حفظ القرآن.
أخي الكريم: هذا الموضوع موضوع مهني، يجب أن تسترشد فيه برأي المختص، وفي هذه الحالة قطعا هو معلم القرآن الكريم.
تمارين الاسترخاء الجأ إليها دائما، وكن إيجابيا في تفكيرك – أخي الكريم – وأحسن إدارة وقتك.
هذا هو الذي أنصحك به، وإن كان القلق يهيمن عليك بشدة لا مانع أن تتناول عقارا يعرف (فلوناكسول Flunaxol) دواء بسيط وطيب جدا، الجرعة هي نصف مليجرام (حبة واحدة) صباحا ومساء لمدة شهر، ثم حبة صباحا لمدة شهر آخر، ثم تتوقف عن تناوله، وأعتقد أنه سوف يؤدي إلى إيجابيات عظيمة.
العادة السرية – أخي الكريم – أنت تعرف سوأها ومساوئها، وأعتقد أنها أحد مشتتات التركيز، وهذا سبب مقنع جدا ليجعلك تقلع عنها.
بارك الله فيك، وجزاك الله خيرا، وبالله التوفيق والسداد.