طفلتي تخاف من النار وتحلم بالجنة، هل لأحلام الأطفال معنى أو تفسير؟

0 275

السؤال

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته ..

طفلتي عمرها 6 سنوات، من أسبوع تقريبا أخبرتني أنها حلمت بالجنة، وأن الجنة كانت للأطفال فقط، وأنها أهديت طوق ورد من فتاة هناك، ثم أكملت الحلم بسرد أحداث من تأليفها، صراحة خفت جدا من الحلم، خفت أن يكون تفسيره –لا سمح الله- أنه سيحل بها مكروه أو أفقدها، لكن لا أعرف هل أحلام الأطفال لها تفسير أم أنها مجرد بداية تكوين لشخصياتهم؟

علما أن جدة زميلها في المدرسة توفيت وقال لها أنها ذهبت للجنة، وأتت لتسألني: كيف يذهب الناس للجنة؟ وفي المدرسة يدرسونهم عن الجنة والنار، وهي تخاف جدا من النار، وتقول لي: ماما أنا لا أريد الذهاب للنار، وأريد أن نذهب إلى الجنة. لا أعلم هل هذه الأمور أثرت فيها لتراها في الحلم أم أن للحلم تفسيرا؟

أرجو الرد سريعا لأني قلقة جدا، حمى الله أطفالنا وأطفال المسلمين وأمد في أعمارهم، وبلغنا فيهم غاية أملنا في الدنيا، وجعلهم من عباده الصالحين.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ ليلى حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

يسرنا أن نرحب بك في موقعك إسلام ويب، فأهلا وسهلا ومرحبا بك، وكم يسعدنا اتصالك بنا في أي وقت وفي أي موضوع، ونسأل الله جل جلاله بأسمائه الحسنى وصفاته العلى أن يبارك فيك وفي ذريتك، وأن يجعلكم من صالح المؤمنين، وأن يجعلنا وإياكم جميعا من أهل الجنة، وأن يعيننا وإياكم على ذكره وشكره وحسن عبادته، إنه جواد كريم.

وبخصوص ما ورد برسالتك -أختي الكريمة الفاضلة- فإن الأطفال في مثل هذه السن ليسوا مؤهلين للرؤى الحقيقية؛ لأن الرؤى التي يراها الناس في منامهم تنقسم إلى ثلاثة أقسام: إما أنها رؤية من الله تبارك وتعالى، وهي التي تكون حقا على حقيقة، وإما أنها حديث نفس، انعكاس لكلام سمعوه في النهار، أو لشيء فكروا فيه، فيأتي الخيال البشري ليعمل عمله وليحقق الإنسان ما يتمناه في المنام، وإما أنها من الشيطان.

ولذلك ما رأته ابنتك إنما هو من باب حديث النفس والخيال البشري العادي، ولا علاقة له بشيء من الحقيقة مطلقا، ولكن أعتقد أنها قد أعطتك فرصة لتستفيدي هذا الميل العاطفي الفطري تجاه الجنة، بمعنى أن الجنة لها أعمال ينبغي لمن أراد أن يدخل الجنة أن يقوم بها، وتبدئي من الآن – بارك الله فيك – في استغلال هذه الفرصة في تعوديها على الطهارة الصحيحة، وتعوديها على الصلاة أيضا، وتصلي معك، وتصلي وحدها، وتحافظ على الصلوات، لأنها الآن – خاصة في هذا السن الذي تدرس فيه المدارس ودور الحضانات، كم كبير من العلوم – أصبح لديها القدرة على أن تقوم بالصلاة لوحدها، خاصة عندما قال النبي -صلى الله عليه وسلم-: (مروا أبنائكم بالصلاة لسبع)، فهي الآن قريبة من السبع، وتستطيع أن تصلي، وأنا أعرف بنات وأطفال يصلون وهم في سن ثلاث سنوات.

فإذا أعتقد أن هذه فرصة بالنسبة لك، أن ترسخي في نفسها عقيدة المحافظة على الصلاة في أوقاتها، وأن تدخلي معها لدورة المياه لتتوضأ وضوء صحيحا حتى تتأكدي من أن قضية الطهارة بالنسبة لها أصبحت سليمة مائة بالمائة، ثم بعد ذلك الصلوات، وتتابعينها، فإذا ما أخلت ببعض الأركان تحاولي أن توجهيها التوجيه الصحيح، حتى تترسخ لديها الصلاة، وتلبس الحجاب أثناء الصلاة، وتحاول أيضا إذا كانت هناك فرصة خارج الصلاة أن تلبس الحجاب لتتعود عليه ولتألفه، فإذا ما كبرت أصبح متعذر عليها أن تخلع الحجاب، لأنه قد انعكس في مخيلتها أن هذا الأمر له علاقة بالجنة، وهو حقا فعلا له علاقة بالجنة، فهذا ليس كذبا، ولكن كل ما هنالك أنها تتمسك به أكثر ويكون من الصعب عليها أن تتراجع عنه في المستقبل.

كذلك أيضا محاولة تعويدها الصدق والنظافة، وأيضا ترتيب سريرها وحدها، إذا كان ذلك ممكنا، أيضا تعليمها شيء من القرآن الكريم، وتقولي لها: (القرآن هذا هو كلام الله تعالى الذي نسمعه في الجنة).

فأنا أرى أنها أعطتك فرصة كبيرة حقيقة لتربيتها تربية خاصة جدا، وهي أن ترسخي لديها العقيدة الإسلامية الصحيحة، والعبادات الطيبة الصحيحة أيضا، وكذلك أيضا الأخلاق والعادات الصحيحة والصفات الجميلة الرائعة، وأنت إذا ضيعت هذه الفرصة تكوني أنت المخطئة، لأنها هي أعطتك فرصة لتكون شيئا، ولكن أنت التي ضيعتيها، فقطعا سيكون حسابك في ذلك على الله تعالى، لأنه كان من الممكن أن تكون من الصالحات القانتات.

نحن حقيقة مللنا من الإسلام التقليدي لدى الرجال والنساء، ونتمنى إسلاما متميزا حتى نستطيع أن نعيد مجد الأمة المسلمة، فنحن حكمنا العالم قرابة ثمانية قرون عندما كنا خير أمة حقا، والآن كما لا يخفى عليك أوضاع المسلمين في غاية الصعوبة وفي غاية الحزن وفي غاية النكد والتعب، نتيجة التفلت الواضح في التكاليف الشرعية والردة السلوكية عن معظم أحكام الشريعة، وإراقة الدماء التي لا تخفى عليك، وأنت في منطقة ملتهبة أيضا، لست بعيدة عن مناطق الصراع شرقا وغربا.

ولذلك أقول: هي فرصة، حاولي استغلالها وركزي عليها بما يتناسب مع سنها، لا تزيدي الجرعة حتى لا تمل، وأيضا لا تنقصي الجرعة حتى تهزأ بها، وإنما توسطي معها، وبإذن الله تعالى ستكون مشروعا إسلاميا رائعا، وأحب أن أخبرك بأن الشيخ الذي حفظني القرآن حفظ القرآن وعمره ست سنوات، فابنتك تستطيع أن تحفظ القرآن كاملا خلال هذه الفترة.

نسأل الله لك التوفيق، وأن يبارك لك فيها، إنه جواد كريم. هذا وبالله التوفيق.

مواد ذات صلة

الاستشارات