السؤال
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
أسال الله أن يجزيكم خيرا على هذا الموقع المفيد.
مشكلتي هي الخلاف الدائم بين أبي وأمي، وحاليا بينهما قطيعة، لا يكلم أحدهما الآخر، وأبي مسافر في دولة أخرى للعمل، ونحن نقيم في بلد غير بلدنا، وذلك بسبب الحرب في بلدنا، وأمي تفكر في الطلاق، وأبي قد يجبرها على العودة إلى الوطن الأصلي، وتقول إنها لم تعد تحتمل سوء أخلاق أبي، وقد صبرت عليه 25 سنة.
فهل الطلاق هو الحل؟ نحن أربعة أبناء، فهل حقا بعد هذا العمر يكون الطلاق هو الحل؟ ماذا يمكنني أن أقوله لأمي؟ كيف أساعدها؟ هل نؤيدها على التفكير في الطلاق؟ هل هناك حل؟
الإجابــة
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ عبير حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:
شكرا لك على الكتابة إلينا مجددا، وشكرا على المعلومات الإضافية.
أذكر أني ذكرت في جوابي السابق " وسررت جدا أنكما كصديقتين، فهذا لا شك يريحها كثيرا ويعينها نفسيا وحياتيا على تجاوز الصعاب".
وذكرت لك أيضا أنه ربما أكثر ما يمكنك تقديمه هو الاستمرار في كونك صديقة لأمك، وأن تفعلي معها ما يريح الأصدقاء عادة، وهو قضاء الوقت معها، والاستماع إليها، فقد تريد أو تحتاج أن "تفضفض" لأحد، وقد تكونين أنت الشخص الأساسي الذي ترتاح له في الحديث، ولا شك أن عليك أن تستوعبي وتتحملي وتصبري على ما ستتحدث به، فحاولي أن تصغي إليها، وأنت غير مضطرة لطرح الحلول للمشكلات، إلا أن الإنسان يرتاح كثيرا من خلال الفضفضة والكلام.
وطالما هي تفكر في الطلاق والافتراق عن أبيك؛ فلا شك أنها ستقول لك عبارات من نوع "أريد أن أعيش وحدي"، فاصبري على هذا، ولا تأخذيه أو تعتبريه على أنه كره للحياة، وإنما مجرد تعبير وتنفيس عما في النفس من الشعور بالضغط.
وإذا كان الإنسان منزعجا من أمر معين ولا يشعر بالراحة فعادة ننصح بأن لا يتخذ قرارا وهو في تلك الحالة، وخاصة إذا كان القرار كبيرا كالطلاق، وإنما أن ينتظر حتى يكون في وقت أكثر راحة فيه، ومن ثم يفكر في الأمر ويتخذ القرار الذي يرتاح له.
وقد ذكرت لك سابقا بأن تحاولي أن تتعرفي على نفسية والدتك ومشاعرها، وانتبهي أن لا تكون تعاني من حالة من الاكتئاب النفسي، فعندها قد تكون في حاجة كبيرة للتشخيص والعلاج المناسبين، ولننتبه أنه أحيانا يمكن للمرأة أن تعاني من بعض الأعراض النفسية المرافقة للتبدلات الهرمونية، وما يسمى عادة "سن اليأس"، وهي ليست بالتسمية الصحيحة، لأنه لا يوجد عندنا بعون الله ما يدعو لليأس، والأفضل أن تسمى مرحلة منتصف العمر، أو مرحلة انقطاع الحمل، والكثير من السيدات يعشن حياة طيبة جدا في هذه المرحلة العمرية.
فإذا وجد شيء من الاكتئاب، فهذا يؤكد على ضرورة عدم اتخاذ القرار بالطلاق وهي في هذه الحالة النفسية، فهل يمكنك أن تطلبي منها تأخير اتخاذ القرار، وليس بالضرورة الرفض المطلق لفكرة الطلاق؟ فأحيانا قد يكون الطلاق أخف الضررين، وإذا شعرت أمك أنكم ضد موضوع الطلاق، فقد لا تستمع إليكم، وبذلك تفقدون ثقتها.
حاولي أيضا أن تمارسي معها بعض الهوايات والأنشطة المريحة والتي تساعد على الاسترخاء، كحضور مجالس العلم، والرياضة وبعض الهوايات كالرسم وغيره، فربما يريحها هذا ويجعلها تغير رأيها حول الطلاق.
وفي النهاية إذا لم تر إلا الطلاق، فيبقى هذا من حقها -أعني الخلع-، وهي أدرى بحياتها ونفسيتها، ويمكنك حينها بالرغم من صعوبة الأمر، أن تستمري بأن تكوني صديقة عزيزة لأمك -حفظها الله-، لكن دائما قبل اختيار هذا الحل؛ هناك حلول أخرى قد ينفع الله بها، كالجلوس مع المرشدين والمتخصصين؛ لأنها أحيانا الإنسان قد يقتنع بكلام الأبعدين أكثر من كلام الأقربين.
وفقكم الله، وكتب لكم جميعا صواب الرأي والقول والعمل.