السؤال
السلام عليكم.
أخي أعزب عمره 22 سنة، تم فصله من الجامعة قبل سنة لتدني معدله، وعدم اجتيازه السنة التحضيرية، وذلك بسبب إهماله للدراسة، وقد كان شخصا طبيعيا.
قبل أربعة أشهر تغير حاله، أصبح لا ينام، ويعاني من الأرق والتعب، وشعور الاستفراغ عند الأكل، يعاني من هذه المشكلة لعدة أيام ثم يعود طبيعيا، ثم تعود له الحالة في الشهر الذي يليه، أصبح يكره غرفته، وينام مع أخواتي، وأصبح محافظا على صلاته، وملازما للمنزل، ولا يحب الخروج، وعاد للنوم في غرفته قبل شهر تقريبا، ولكن هذه الحالة تمر عليه كل شهر، والآن ازداد الوضع سوءا فأصبح سارحا في عالمه، نكلمه ولا يستجيب لنا بسرعة، ينادينا ولا يخبرنا ماذا يريد، يتكلم معنا في مواضيع ثم بعدها ببرهة يسألنا عن نفس الموضوع، وكأنه لم يتحدث عنه من قبل، نسأله عما يعاني، فيقول: لا شيء.
قبل يومين خرج مع أصدقائه لمدينة ثانية للتنزه، ولكنه تركهم وبقي عند أختي في نفس المدينة، ولم يخرج من منزلها لمدة يومين، ولم يذهب معهم، نسأله لماذا تركتهم؟ يقول: انشغلت، وهو لم يخرج من المنزل، أو حتى ينشغل بشيء، لا نعلم ما به، ولا نعلم ماذا نفعل، كلنا قلقون عليه، حيث أننا ليس لنا أخ غيره إلا أخانا الصغير وسبعة بنات، نحبه ولا نريد أن نفقده.
أتمنى أن نجد حلا لمشكلته، علما بأنني خفت عليه من الفراغ وتأثيره عليه، وكنت أبحث له عن وظيفة، ولكنه يرفض الوظائف التي تعرض عليه، أتمنى منكم مساعدتي في إيجاد حل للمشكلة، أو هل أعراضه تدل على أنه يتعاطى المخدرات؟ ماذا نفعل معه؟ وهو رافض الذهاب إلى المستشفى بحجة أنه ليس مريضا.
الإجابــة
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ مريم حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:
أسأل الله تعالى العافية لهذا الشاب، وقطعا ليس من الممكن أن أعطيك تشخيصا أكيدا، وكل الذي أستطيع أن أقدمه هو بعض الاحتمالات.
الاحتمال الأول: أنه يعاني من اكتئاب نفسي، لأن الاكتئاب قد يدفع الإنسان لهذا النوع من المسلك، التدهور الأكاديمي، الانعزال الاجتماعي، افتقاد الفعالية الذاتية، افتقاد الطموح، هذا كله نشاهده مع الاكتئاب النفسي.
الاحتمال الثاني: الخوف الاجتماعي، أيضا قد يجعل الإنسان يتصرف بالكيفية التي يتصرف بها هذا الأخ، شفاه الله.
والاحتمال الثالث: هو أنه ربما يكون على خطوات من مرض ذهاني، يعني أن مرض ذهاني قد أصابه، والحالة الآن في بداياتها، هذه الاحتمالية مزعجة قطعا بالنسبة لك، لكن رأيت من الواجب أن أذكرها، والأمراض الذهانية كثيرة جدا، ومختلفة، ومن أهمها مرض الفصام، وله معايير تشخيصية معروفة، لا أقول أبدا أن هذا الأخ يعاني من مرض الفصام، لكن قطعا هنالك تجارب تثبت أن أمراض الفصاميات أيضا قد تبدأ بشيء من الانعزال والتدهور المعرفي وافتقاد الفعالية الاجتماعية، ليس من الضروري دائما أن يكون الفصام يتسم بوجود الهلاوس والضلالات والأفكار البارونية.
بالنسبة لموضوع المخدرات – أيتها الفاضلة الكريمة – هذا موضوع شائك، المسلك العام لهذا الشاب يجب أن نضعه في الاعتبار، هل كان شخصا ملتزما؟ شخصا معقولا؟ إذا كان على هذه الكيفية فلا يمكن أن يكون السبب المخدرات، أما إذا كان بخلاف ذلك وحدثت له هذه التغيرات التي تحدثت عنها فهنا موضوع التعاطي أيضا يطرح كأحد الأسباب المحتملة.
أنا أرى أن يعرض هذا الشاب على طبيب نفسي، وليس من الضروري أن يقال له: (إنك مريض) كل الذي يقال له: (نحن نلاحظ عليك شيئا من الإجهاد النفسي والجسدي، وأنت قطعا محتاج لبعض الفحوصات، لا نقول لك أنك مريض أبدا، لكن دائما أن يتأكد الإنسان من صحته، هذا أمر مطلوب). أعتقد من خلال نوع من الحوار الذي يقوم على هذه الأسس، مع إشعاره بمحبتكم ورغبتكم الجادة في مساعدته، أعتقد أنه سوف يقتنع ويذهب إلى الطبيب.
بارك الله فيك، وجزاك الله خيرا، وبالله التوفيق والسداد.