أعاني من وسواس قهري وأفكار مخيفة حول الإنسان والحياة

0 341

السؤال

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

أنا فتاة عمري 22 سنة، كانت تأتيني وساوس قوية جدا، وكانت تستمر لمدة أسبوع أو عشرة أيام، ثم تختفي، وكلما فكرت كيف أنني كنت أخاف من هذه الوساوس، وأفكر فيها، أتعجب من نفسي وأضحك، واختفت هذه الأفكار نهائيا عندما قرأت في الأنترنت، وعرفت أنني أعاني من الوسواس القهري، وكانت هذه الوساوس تتعلق بالذات الإلهية، ولكن -الحمد لله- شفيت من هذا المرض نهائيا، والآن أفكر في حالتي السابقة، وأتعجب منها، وصرت أخاف من هذه الأشياء.

ومنذ ثلاثة أشهر خطرت فكرة جديدة في عقلي، وقد أتعبتني كثيرا، وهذه الفكرة تتعلق بالحياة والكون، حيث أفكر بماهية الحياة، ولماذا نعيش؟ ومن نحن؟ وما هو الإنسان؟ وأشياء كثيرة تتعلق بالإنسان وبحياته، وعندما تأتيني هذه الأفكار ينبض قلبي سريعا، وأحس أن روحي سوف تخرج من جسدي، وتستمر هذه الحالة أقل من دقيقة، وبعدها تختفي مع الفكرة، وأرتاح قليلا، وتزداد راحتي عندما أقرأ في الأنترنت عن الموضوع، وأجد أن هناك من يفكر مثلي، وأحمد الله كثيرا أنني لست وحدي مبتلاة بهذا الوسواس، وسرعان ما تعود نفس الفكرة وبشكل أكبر.

لقد تعبت كثيرا، حتى أنني كرهت الزواج؛ خوفا أن تستمر هذه الأفكار، وأخاف من غضب الله بسبب هذه الأفكار، علما أنني محافظة على صلاتي، وعلى قراءة القرآن الكريم، أرجوكم ساعدوني، فقد تعبت، هل مرت عليكم حالة مشابهة لحالتي؟ لا أقصد الوسواس القهري، وماذا تسمى هذه الحالة؟

قرأت كثيرا عن الوسواس القهري، وعرفت أنه يوجد وسواس الأفكار، ووسواس العقيدة، ووسواس الدين، وأنا مررت بجميع هذه الوساوس، وشفيت منها بمجرد قراءتي عن المرض، وأصبح الآن شيئا طبيعيا بالنسبة لي، وعندما تأتيني أتعوذ بالله من الشيطان الرجيم، وتذهب فورا، لكنني أبقى خائفة جدا، ومع ذلك لا أبين لمن حولي ما أشعر به، وأتصرف وأضحك وكأن شيئا لم يكن، لكنني من الداخل أكون خائفة.

أرجوك ساعدني، وانصحني بعلاج سلوكي أتبعه، لأنني لا أستطيع أن أستخدم العلاج الدوائي، وذلك بسبب رفض الصيدليات في بلدي بيع هذا الدواء لي، وذلك لأنني صغيرة على البروزاك والفايفرين، وإحدى الصيدلانيات وبختني، وأخبرتني أن هذا الدواء سيؤذيني، وكذلك أهلي رفضوا أن أستخدم هذا الدواء، وأعطتني دواء يسمى مغنيسيوم، لأنه يقلل من الخوف والتوتر والكآبة، فهل هذا صحيح؟

أرجوك ساعدني لكي أتخلص من هذا الشيء، أريد علاجا سلوكيا لا أريد أن تصف لي دواء؛ لأنني لا أستطيع أن أستخدمه، وآسفة جدا على الإطالة.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ فاطمة حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

نشكر لك التواصل مع إسلام ويب، وكل عام وأنتم بخير.

أنت بالفعل تعانين من وسواس قهري، والوساوس هكذا تتشكل وتتبدل، تظهر منها مكونات معينة وتختفي، ثم تظهر أنواع أخرى، وهكذا، والإنسان قد يكون بين محيط الأفكار الوسواسية، والصور الذهنية الوسواسية، والخيالات الوسواسية، والشكوك الوسواسية، والطقوس الوسواسية، والأفعال الوسواسية، والتدقق الوسواسي، وهكذا.

فالوسواس علم متسع جدا، والفكرة التي تهيمن عليك هي فكرة وسواسية، نسميها بالوسواس القهري من نوعية الأفكار، وتسارع ضربات القلب وخفقانه ناتج من حالة القلق المصاحب لهذه الأفكار، لأن مادة الأدرينالين (adrenaline) تفرز بكثافة حين يكون هنالك قلق وسواسي، مثل الذي تعانين منه، واختفاء الحالة وتجددها مرة أخرى، هي ظاهرة معروفة حول الوساوس، أي أن الوساوس كثيرا ما تكون غير مطبقة، إنما متقطعة.

العلاج السلوكي – أيتها الفاضلة الكريمة – سوف يظل على نفس المبدأ: التحقير التام، عدم تحليل الوسواس، عدم مناقشته، وألا يثير فضولك، الوساوس تثير فضول الناس بالرغم مما تسببه من آلام نفسية وعذابات، لكنها أيضا قد تجعل بعض الناس يسترسلون معها، ويحللونها، وهذا قطعا أمر خطأ جدا، لأنه يمكن هذه الوساوس ويعززها ويجعلها أكثر هيمنة.

فأنت عليك بالتحقير، عليك بالإغلاق التام أمام الفكرة، وتناول الدواء أعتقد أنه مطلوب، أنت لست صغيرة لتناول الدواء، والجانب البيولوجي في الوساوس مهم، لذا استعمال الدواء أيضا مهم، وأقترح أن تذهبي إلى أي طبيب – طبيب عمومي، طبيب باطنية – يمكن أن يصف لك البروزاك Prozac، والذي يسمى علميا باسم الفلوكستين Fluoxetine، البروزاك دواء سليم جدا، وليس له تبعات سلبية، وأنت تحتاجين له بأن تبدئي كبسولة واحدة في اليوم بعد الأكل لمدة شهر، ثم تجعليها كبسولتين في اليوم – أي أربعين مليجراما – لمدة شهرين، ثم كبسولة واحدة في اليوم لمدة شهرين آخرين، ثم كبسولة يوما بعد يوم لمدة شهر، ثم تتوقفي عن تناول الدواء.

من أهم الوسائل العلاجية أيضا في مثل حالتك هو ما نسميه بصرف الانتباه، يعني أن يشغل الإنسان نفسه بما هو مفيد، وأن يحسن إدارة وقته، وأن يكون له مخطط حياتي كاملا، يدير من خلاله حاضره، وكذلك مستقبله بإذن الله تعالى.

بارك الله فيك، وجزاك الله خيرا، وبالله التوفيق والسداد.

مواد ذات صلة

الاستشارات