كيف أعبد الله كما يحب ويرضى وأطرد عنّي وساوس الشيطان؟

0 28

السؤال

السلام عليكم ورحمة الله تعالى وبركاته ..

نشكر لكم حسن استقبال أسئلتنا، جعله الله في ميزان حسناتكم.

أبلغ من العمر واحدا وعشرين عاما، مصابة بالوسواس القهري منذ كنت في الثالثة عشرة من عمري، والآن ما يشغل بالي هو وسواس الردة، كنت فيما سبق أحاول قدر الإمكان أن أرضي ربي ولو بالقليل، وكان عقلي مشغولا بالوساوس، بالرغم من أني لا أتلذذ بالعبادة، إلا أن تعلقي بالله وحبي له جعلني أصبر، وسأصبر إلى أن يبلغ الصبر منتهاه، قررت أن أكتب تساؤلاتي لديكم، ولكنها فتوى أكثر منها استشارة، أرجو أن تجيبوني ولا تحيلوني على فتاوى أو استشارات أخرى، فضلا وليس أمرا.

في هذه الأيام أصابتني وساوس شديدة وأتعبتني، وصرت لا أفرق بينها وبين الحقائق، منها:

1- سقط مني مصحف التفسير، الذي به تفسير على الهامش، وكان موضع سقوطه بجانب النعال، وكانت هناك آثار بقع على الأرض، فرفعت الكتاب وقمت بتحسسه بيدي ولم أجد عليه أي شيء، ولكن بقيت الأفكار تراودني، ربما ذلك الماء كان نجسا! وربما هي آثار ماء النعال، ربما لم أتحسسه جيدا وقد أصابه ذلك الماء.. وما ذلك من أفكار سوداء.

2- عندما كنت أتلو القرآن انفصلت من فمي قطرة ريق، أصاب بياض المصحف، ثم جفت بسرعة، ثم قرأت في موقعكم أن من فعل ذلك وتركه باختياره فتعتبر ردة - أو هذا ما فهمته - وشككت هل الريق كان به دم أم لا؟ لأني أعاني من نزول الدم من فمي مرارا، ولم أجرؤ على فعل شيء حتى أسألكم، مخافة أن أقع في وسواس آخر.

3- أمي تقوم دائما بحرق الجرائد التي تحتوي على الفتاوى، ولكن تتطاير منها بعض الأوراق التي لم تحترق جيدا، فصرت أخشى من الخروج إلى الفناء خوفا من أني قد أدوس أو أمشي عليها والعياذ بالله.

برأيكم هل هذه الوساوس حقيقية أم هي أوهام؟ وما هو العلاج الناجع لها؟ وكيف أعبد الله كما يحب ويرضى وأطرد عني وساوس الشيطان؟ فأنا أحب الله تعالى، وأحب أن ألقاه مسلمة طيبة، وأتمنى أن أجد عندكم الجواب الشافي، والكلمة الهادئة، فأنا في هم لا يعلم به سوى الله.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ سلمى حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

مرحبا بك -ابنتنا الكريمة- في استشارات إسلام ويب .
نسأل الله أن يعجل لك بالعافية والشفاء من هذه الوساوس.

أسئلتك الثلاثة كلها ما هي إلا آثار من هذه الوسوسة التي ابتليت بها، فالأصل في الأشياء الطهارة، وإصابة الورق الأبيض من المصحف بشيء من الريق ليس ردة، وما قرأته في فتاوينا ربما لم تفهميه على وجهه، وتخوفك من أن تطئي بعض الأوراق من المجلات أو الجرائد التي قد تحتوي على فتاوى، وتحرزك من الخروج إلى فناء البيت لهذا السبب مظهر من مظاهر الوسوسة أيضا، فكل هذه أوهام علاجها ودواؤها هو أن تجاهدي نفسك للإعراض عنها وعدم الالتفات إليها؛ فإذا صبرت على هذا فإن الله تعالى سيذهب عنك هذه الوسوسة.

ومما يعينك على ذلك أن تعلمي جيدا أن الله سبحانه وتعالى لا يحب منك هذا السلوك ولا يرضاه، مهما حاول الشيطان أن يزينه لك وأن يغلفه لك بغلاف الحرص على الدين وتعظيم حرمات الله، فما هي إلا مكيدة من مكائد الشيطان يريد من خلالها أن يصدك عن ذكر الله وعن دينه، وأن يثقل عليك هذا الدين، ويدخل الحزن إلى قلبك، كل ذلك في صورة التدين وتعظيم حرمات الله، وهذا إنما يفعله الشيطان الخبيث لما علم أو وجد في قلبك من الخير وحب الله تعالى، وحب دينه، فجرك إلى هذا اللون من الغلو، والله سبحانه تعالى لا يرضى هذا كله، وقد حذرنا من اتباع خطوات الشيطان فقال: {يا أيها الذين آمنوا لا تتبعوا خطوات الشيطان}.

يرضى منك سبحانه وتعالى أن تتعاملي مع هذه الأمور بقصد واعتدال، فإذا سقط شيء على الماء الذي تشكين هل هو طاهر أم نجس لا يعتبر شيئا، والأصل طهارة هذا الماء، ولا تأثمين بشيء من ذلك، وإذا وقع الريق على ورق المصحف فاعلمي أن كثيرا من الفقهاء يجيز بل الأصابع بالريق ثم تقليب أوراق المصحف بها، كما يصرح به فقهاء الشافعية، واعلمي كذلك أن الله تعالى لا يؤاخذك بشيء حتى تتيقني أنك قد قمت به وأنه محرم قطعا، وما عدا ذلك فلا مؤاخذة عليك فيه.

إذا بنيت حياتك على هذه الأصول فإنك ستتخلصين -بإذن الله تعالى- من هذه الوساوس عن قريب.

وفقك الله تعالى لكل خير.

مواد ذات صلة

الاستشارات