السؤال
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
أعاني من شهقات غريبة متقطعة كالتي تأتي بعد البكاء الشديد، والغريب أنني لا أبكي حينها، تأتيني فجأة حين أريد أن آخذ نفسا عميقا أفاجأ بشهقات متقطعة، مع العلم أنه يصعب علي البكاء حتى في أصعب الظروف، وفي شدة حزني تنزل بالكاد دمعة أو دمعتين، وأحس أن لا رغبة لي في البكاء مع أن قلبي يعتصر من شدة الحزن والأسى، وأعاني من إحباط دائم والشعور بالفشل في كل مجالات حياتي، ألوم نفسي كثيرا وأحملها الذنب على سوء اختياري وتدبيري! منفصلة وأم حاضنة لثلاثة أطفال ولا أعمل.
أرجو منكم المساعدة، والله ولي التوفيق.
الإجابــة
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ حنان حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:
أسأل الله لك العافية والشفاء والتوفيق والسداد.
في مثل عمرك هذا قد تحدث بعض التغيرات النفسية كالإصابة بشيء من القلق، شيء من عسر المزاج، الاكتئاب البسيط، هذا كله قد يحدث، وهذا نعتبره نوعا من التغير الطبيعي المتعلق بهذه المرحلة العمرية، وخير وسيلة للعلاج في مثل هذه الحالات هي: الحرص على التفكير الإيجابي، وأن يكون الإنسان منجزا، وأنت - الحمد لله تعالى – أم لثلاثة أطفال، ولديك الكثير مما هو إيجابي، ومما يمكن أن تقومي به في الحياة بصورة أكثر فعالية.
هذا لا يعني أنك مكتئبة اكتئابا عميقا، لكن استشعرت من خلال رسالتك أنه لديك شيء من عسر المزاج، شعورك بالإحباط، شعورك بالفشل، كثرة لومك لنفسك، هذا كله دليل على هشاشة نفسية، ربما يكون شيئا من الاكتئاب هو السبب فيها.
موضوع الشهقات الغريبة وأنك لا تستطيعين البكاء، هذا أعتقد أنه جزء من الاكتئاب البسيط في حد ذاته، والبكاء – أيتها الفاضلة الكريمة – ليس شيئا يصطنعه الإنسان، ويجب ألا يصطنعه الإنسان، ونحن لا نريد قسوة في القلوب، ولا نريد ضعفا فيها أبدا، عبري عن وجدانك كلاميا، وليس من الضروري أن تعبري عن ذلك عن طريق البكاء، كوني إنسانة معبرة، منفتحة، الجئي إلى التفريغ النفسي، هذا يجعلك تعيشين شيئا من التوازن النفسي والوجداني.
وأنا أرى أن خير الدموع هي تلك التي تنهمر مخافة وخشية من الله تعالى، هذه أفضلها، كما قال النبي -صلى الله عليه وسلم-: (عينان لا تمسهما النار: عين بكت من خشية الله، وعين باتت تحرس في سبيل الله) أو كما قال -صلى الله عليه وسلم-، لذا أيتها الفاضلة الكريمة: شيء من صلاة الليل أرى أنه مطلوب جدا في حالتك، الدعاء، الإكثار من الصلاة، أن تمسحي على رأس يتيم أيضا، أعتقد أن هذا سوف يؤدي إلى شيء من الليونة والرقة المطلوبة في وجدانك، لا أقول أنك قاسية، لكن أعتقد أن الحالة الاكتئابية البسيطة التي تمرين بها قد تكون أفقدتك شيئا من التعبير الصحيح عما بوجدانك.
إذا خلاصة الأمر أريدك أن تكوني أكثر إيجابية، هذا مهم، وأنا لا أرى مانعا أبدا من أن تتناولي أحد محسنات المزاج لفترة قصيرة، إن استطعت أن تقابلي طبيبا نفسيا فهذا أمر جيد، وإن لم تستطيعي فأعتقد أن عقارا يعرف تجاريا باسم (سبرالكس Cipralex) سيكون نافعا، دواء معروف، وهو سليم وفاعل وغير إدماني، وفي معظم الدول لا يحتاج لوصفة طبية، ويسمى ويعرف علميا باسم (استالوبرام Escitalopram) وتنتجه شركة (لون بك) الدنماركية، فإذا هو دواء معروف جدا في الدول الإسكندنافية.
الجرعة هي أن تبدئي بخمسة مليجرام – أي نصف حبة من الحبة التي تحتوي على عشرة مليجرام – تناوليها بانتظام لمدة عشرة أيام، ثم اجعليها حبة كاملة (عشرة مليجرام) وهذه جرعة بسيطة، وأعتقد أنها كافية في حالتك، استمري عليها يوميا لمدة ثلاثة أشهر، ثم اجعليها خمسة مليجرام يوميا لمدة شهر، ثم خمسة مليجرام يوما بعد يوم لمدة شهر آخر، ثم توقفي عن تناول الدواء.
أسأل الله لك التوفيق والسداد، وأشكرك على التواصل مع إسلام ويب.