السؤال
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
عمري 28 عاما، ولدي مشكلة مع الخوف. أحيانا أصمت في مواقف لا أرغب في الصمت فيها، وأبرر هذا الصمت بأسباب واهية.
لدي أيضا مشكلة مع جارنا، أعتقد أنه غير متزن، أراقبه باستمرار، وأخاف على نفسي وإخواني من الشجار معه، مع أنه لم يحدث شجار إلا قبل أربع سنوات، ومنذ ذلك الوقت وأنا أراقبه، وأحاول أن أجعل نفسي وإخواني نتجنبه لدرجة الوسواس. أراقبه إذا توقفت سيارتهم بجانب بيته، وأراقب تحركاته، ومظهره!
أخشى الناس، وأخجل من الرد عليهم، ولا أتخذ قرارا بسرعة بسبب الخوف، وأتوقع منهم الأسوأ. لقد سئمت هذا الخوف والقلق!
شكرا لكم.
الإجابــة
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ عبد العزيز حفظه الله.
وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته، وبعد:
نشكرك على التواصل بإسلام ويب.
أيها الفاضل الكريم: لديك شيء من اهتزاز الثقة بالنفس؛ مما ولد عندك هذه المخاوف، وكذلك الشكوك الوسواسية، خاصة حول الجار ومقاصده.
أيها الفاضل الكريم: بالنسبة للصمت، يتخلص منه الإنسان من خلال:
أولا: القراءة والاطلاع لزيادة المعارف والمعلومات.
ثانيا: الإكثار من الزيارات المفيدة، كزيارة الأهل والأرحام، والأصدقاء، والمرضى في المستشفيات؛ فهذا كله مفيد.
ثالثا: التفاعل الاجتماعي، بأن تروح عن نفسك -مثلا- بالخروج مع أصدقائك، وأن تحرص كثيرا على أن تكون عضوا فعالا في أسرتك، وأن تحضر المحاضرات والندوات والأنشطة الثقافية، ويا حبذا لو انضممت إلى جمعية ثقافية أو تطوعية أو خيرية؛ فهذا يعطيك شعورا إيجابيا جدا بكيانك الذاتي، وبأنك أفضل مما كنت تتصور.
صلاة الجماعة في المسجد يجب أن تكون على رأس الأولويات؛ لأنها من أفضل العلاجات السلوكية التي تعطي الإنسان القدرة على التفاعل الاجتماعي.
ويا أخي الكريم: أنصحك أيضا بأن تجري حوارات شخصية مع ذاتك، مثلا أن تتصور أنك كنت في موقف معين، وأرجو أن تقوم بدورك وبدور الشخص الذي كان معك، بمعنى أن تطرح على نفسك أسئلة، وما هو رد ذاك الشخص، وفي نفس الوقت دع هذا الشخص المفترض يطرح عليك أسئلة وتقوم أنت بالرد عليها. تصور هذه المواقف، وتصور هذه الحوارات.
وهناك طريقة بسيطة جدا: يجب على الإنسان أن يتعلم كيف يواجه المواقف، مثلا: إذا أردت شراء غرض من الدكان، فهذا يتطلب أن تسلم على صاحب الدكان، وأن تكون عارفا بالشيء الذي تريد شراءه، وتطلبه بكل ذوق من صاحب الدكان.
فيا أخي الكريم: هذه المواقف يمكن للإنسان أن يدرب نفسه عليها، وكثرة التعرض للمواقف الاجتماعية وتجنب تجنبها له أثر عظيم جدا دائما.
بالنسبة لموضوع الجار -أيها الفاضل الكريم- يجب على الإنسان أن يحسن إلى جاره، وديننا العظيم يوصينا بالجار، فأرجو أن تغير مفاهيمك حول هذا الشخص، وأرجو أن تعامله بتقدير واحترام، وأعتقد أن هذا هو المطلوب.
أنت الآن لديك أفكار افتراضية فيها شيء من المخاوف التي قد تكون غير مؤسسة. نعم، حصلت مشكلة هنالك فيما مضى قبل أربع سنوات، لكن هذه المشكلة يجب ألا تحدد مسار علاقتك مع جارك. لا، فيا أخي الكريم: أقدم أنت وبادر، وسلم على جارك، ويمكن أن تتحين فرصة الأعياد مثلا، أو المناسبات الطيبة، أو مناسبة حدثت له، واجعل نفسك وأسرتك تشاركونه، وهكذا. لا بد أن تفتح هذه البوابات العظيمة، بوابات الخير، ولا تحرم نفسك منها أبدا.
وبصفة عامة، إذا طبقت ما ذكرته لك من تدريب اجتماعي فسوف تستفيد كثيرا.
أخي: أنا أرى أن تناولك لأحد الأدوية البسيطة جدا المضادة لقلق المخاوف سوف يفيدك، ومن الأدوية الطيبة التي أنصح بها عقار يعرف تجاريا باسم (زيروكسات Seroxat) ويسمى علميا باسم (باروكستين Paroxetine).
أنت تحتاج إليه بجرعة صغيرة جدا، وهي أن تبدأ بنصف حبة -أي عشرة مليجرامات- تتناولها يوميا بعد الأكل لمدة شهر، ثم اجعلها حبة كاملة (عشرين مليجراما) ليلا لمدة ثلاثة أشهر، ثم اجعلها نصف حبة ليلا لمدة شهر، ثم نصف حبة يوما بعد يوم لمدة شهر آخر، ثم تتوقف عن تناول الدواء. هو دواء طيب وفاعل جدا ومفيد.
نقطة أخيرة: الحرص على الرياضة، خاصة الرياضة الجماعية مع بعض الأصدقاء، وجد أنها ذات عائد نفسي كبير جدا، تكسر حاجز الصمت، وفي ذات الوقت تجعل الإنسان متفاعلا ومنشرحا، وبالتأكيد، الفوائد النفسية التي نجنيها من الرياضة عظيمة جدا، فاحرص عليها يا أخي الكريم.
بارك الله فيك، وجزاك الله خيرا، وبالله التوفيق والسداد.