السؤال
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته ..
ساعدوني فأنا في جحيم. أبلغ من العمر 34 عاما، ومشكلتي أنني منذ أيام الثانوية قد اعتدت على دواء (الفلورست) وبعده أصبحت معتادا على شراب (البرونكوفين)؛ لأني كنت أعتقد أنه يعطيني نشاطا، ويزيل حالة الاكتئاب التي عندي.
بعد (4) سنين بدأت في (الترامادول) وما زلت مستمرا فيه -للأسف-، وقد رحت لدكاترة نفسيين كثر، وكتب لي السيبرالكس، والسيوركويل، ولوسترال، ولا فائدة أو نتيجة، ولا أعرف لماذا أحس أن الترامادول يشعرني بالسعادة رغم أنه ليس علاجا للاكتئاب، أنا محتار!، وأنا أب لطفلين، وأريد أن أتركه، وأرغب في علاج قوي.
ومن ضمن المشاكل قلة النوم، ما أنام غير (3) ساعات، لأني لا أستطيع النوم، هذا غير الكسل والخمول، أرجوكم ساعدوني، ومشكورين مسبقا.
آسف! نسيت أن أقول: إنني لا أستطيع أن أخرج من البيت حاليا إلا بالترامادول، وكل محاولاتي لتركه تضيع بسبب أن جسمي يسخن جدا، ويحصل لي اكتئاب، وعندها أرغب أن أموت -أستغفر الله-.
الإجابــة
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ محمد حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:
الأخ الكريم: ينبغي أن نسمي الأسماء بالتسمية العلمية الصحيحة، فإنك الآن أدمنت على مادة الترامادول، وما تصفه الآن هو إدمان على هذه المادة، وأصبحت لا تقدر على التوقف منها، وعندما تتوقف تشعر بأعراض، هذه الأعراض ما هي إلا أعراض انسحابية من التوقف عن الترامادول.
الإدمان مرض مثل بقية الأمراض النفسية، ويحتاج إلى علاج، فالأجدر لك إذا كنت تقيم في منطقة يتوفر فيها مراكز وبرامج علاجية للتعافي من الإدمان فلتنضم إلى أحد هذه البرامج، وسوف يفيدك هذا كثيرا على التوقف من الترامادول، وإلا فعليك باتباع ما سأذكره لك.
أولا: الترامادول ليس معالجا للاكتئاب وليس مهدئا، ونحن -الأطباء النفسيون- لا ننصحه لمرضانا، الترامادول هو مسكن، يعطى عادة لإسكان الألم، ويعطى للمغص الكلوي، أو يعطى عادة بعد الولادة القيصرية، أو يعطى عادة بعد العمليات الجراحية؛ لتسكين الألم، وليس دواء مضادا للاكتئاب.
ولكن عندما يستعمله الشخص العادي -كل شخص يحس بأعراض مختلفة- يخف عنده الألم، ويشعر بالبساطة والارتياح، ولكن بعد فترة يدمن عليه؛ لأنه عندما يتوقف عنده تجيئه آلام شديدة وتوترات، وهذا ما تشعر به الآن.
ثانيا: حدد يوما محددا للتوقف عن الترامادول، قل: (سأتوقف من الترامادول في يوم كذا).
ثالثا: أعدم كل ما عندك من حبوب للترامادول، ولا تخزن ولا تحتفظ بشيء منها وتقول: (سوف أستعمله إذا تطلب ذلك)، تخلص منها جميعا.
رابعا: ماذا سيحصل؟ سوف تحس بأعراض انسحابية، أكثرها آلام شديدة بالجسم، يمكنك أن تتعاطى مضادا للآلام، وأحسن شيء هو ما يعرف بـ (فالتورين Voltaren) وهي حبوب، يمكن أن تتناول خمسين مليجراما، ثلاث مرات في اليوم، خاصة إذا لم يكن عندك تاريخ مرضي للقرحة؛ لأن استعمال الفالتورين عند الناس المعرضين للقرحة قد يحدث قرحا في المعدة أو في الإثنى عشر، وللنوم يمكنك أن تأخذ (ميرتاز Mirtaza) خمسة عشر مليجراما، فهذا يساعد في النوم كثيرا.
الأعراض الانسحابية عادة لا تتعدى خمسة أيام أو أسبوعا على أكثر تقدير، ويمكن استعمال الفالتورين لمدة ثلاثة أو أربعة أو خمسة أيام، والميرتاز لمدة عشرة أيام، بعد هذه الفترة سوف تختفي الأعراض الانسحابية نهائيا.
لكن أهم شيء الآن المرحلة التالية، وهو ما يعرف بمنع الانتكاسة، أي عدم العودة لتعاطي الترامادول مرة أخرى، فهنا يجب عليك أن تتجنب كل الأماكن التي تذكرك بتعاطي الترامادول، كل الأشخاص الذين تتعاطى وتأخذ منهم، كل الصيدليات أو كل الأماكن التي تجلب الترامادول منها، وأشغل نفسك بأشياء مفيدة، غير نمط حياتك، ومارس نشاطات رياضية، وابدأ بالصلاة بانتظام والذهاب إلى المسجد، غير نمط الحياة...، كل هذه الأشياء تساعد على عدم الرجوع إلى تناول الترامادول، وعش يوما بيوم، كل يوم فليكن كل تفكيرك، أجمع قواك النفسية لعدم تناول هذا الشيء، مهما كان الأمر، ولتصاحب الأشخاص الذين لا يتعاطون، واجعل أهلك وزوجتك يراقبونك ويكونون معك في كل الأوقات، هذا، ولكن الأفضل إذا انضممت إلى برنامج علاجي لعلاج الإدمان، فهذا يكون أفضل.
وفقك الله، وسدد خطاك.