السؤال
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته ..
أنا إنسان فاشل في كل شيء، وذو حظ سيء في كل شيء، أبلغ 42 سنة، ومتزوج منذ عام، بدون شغل منذ 8 سنوات، مهموم وقريب من مرحلة ألا العودة، أفكاري مشتتة، غاب النوم من عيوني، حاصل على الإجازة في اللغة الإنجليزية، وعلى ماجستير في التجارة الدولية أرسلت أكثر من 500 سيرة ذاتية، وبدون أي نتيجة تذكر.
نادم على ظلم زوجتي؛ لأنني لا أستطيع توفير ضروريات العيش، نادم على ضياع سنوات في الدراسة بدون نتيجة، نادم على كل شيء.
أعيش أيامي في ذل وهم وغم، واحتقار للذات، أفكاري تصل إلى التفكير في الانتحار، ربما ستقولون إنني شخص قليل اليقين بالله.
أطلب الله كثيرا، ولكن مصائبي متتالية، سمائي ملبدة بغيوم سوداء، لا انفراج قريب.
دامت لكم السعادة.
الإجابــة
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ youssef .. حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته .. وبعد:
فمرحبا بك في موقعك، ونشكر لك الاهتمام والتواصل مع موقعك، ونؤكد لك أن تواصلك بداية مبشرة بالخير، وقد أسعدنا حرصك للسؤال، ونسأل الله أن يصلح لنا ولكم الأحوال، ونأمل أن يحقق الله لنا ولك الآمال.
لقد وجهنا رسولنا صلى الله عليه وسلم بأن ننظر إلى من هم أقل منا في الدنيا حتى لا نحتقر نعم الله علينا، وما من إنسان يطبق هذا التوجيه النبوي إلا ويجد لسانه يلهج بشكر الله، وكلنا صاحب نعمة، ولكن السعيد هو الذي يتعرف على نعم الله عليه ليؤدي شكرها، وينال بشكره لربنا المزيد: {وإذ تأذن ربكم لئن شكرتم لأزيدنكم ولئن كفرتم إن عذابي لشديد}.
ولو تخيلنا إنسانا لا يملك درهما، ونظر في أحوال أهل الأرض فسوف يجد الملايين ممن لا يملكون درهما، وهم مع ذلك مصابون بأمراض فاتكة، وعندها سيحمد الله على العافية، وإذا كان مريضا بمرض واحد، فسيجد من تجمعت عليه الأمراض، وعندها سيجد نفسه تردد -الحمد لله- الذي عافانا مما ابتلاك به، وفضلني على كثير ممن خلق تفضيلا، والحقيقة أن نعم الله مقسمة، بل نستطيع أن نقول أن كل إنسان أعطي مائة بالمائة، لكن الفرق في التقسيم، فقد يعطى إنسان ثمانين في المائة مال، وتكون العافية عشرين بالمائة، والآخر يعطى خمسة وثمانين بالمائة عافية، ولكنه في المال فقير، فيتمنى صاحب المال لو نال العافية، ويتمنى من وهبه الله العافية المال، وكل إنسان يشكو دهره، ليت شعرى هذه الدنيا لمن؟
والسعيد هو من يرضى بما يقدره القدير، وعجبا لأمر المؤمن إن أمره كله له خير، وليس ذلك لأحد إلا للمؤمن إن أصابته سراء شكر فكان خيرا له، أو أصابته ضراء صبر، فكان خيرا له.
وهذه وصيتنا لك بتقوى الله، ثم بكثرة اللجوء إليه، وندعوك للنظر لمن هم أقل منك في الدنيا، وإلى من هم أعلى منك في الدين لتتأسى بهم، واعلم أن زوجتك تريد منك الإنسان، والصواب أن نقول للإنسان من أنت، وليس كم أنت؟ ولست بحاجة إلى أن تعتذر لزوجتك، ولكنك بحاجة إلى أن تربطها ونفسك بالله الوهاب، وثق بأن بعد العسر يسرا.
واحمد الإله الذي رزقك العلم والعافية والشهادات، واشكره لتنال بشكره المزيد، ورفع الدرجات، ونسأل الله أن يوسع لك في الرزق، وأن يغنيك من فضله، وأن يصب عليكم الخير صبا.
وهذه وصيتنا لك بتقوى الله والدعاء والاستغفار والاستقامة، وأكثر من الصلاة والسلام على رسول الله، واجعل صدرك سليما ونيتك سليمة، وبارك الله لك وفيك وعليك.