السؤال
السلام عليكم ورحمة الله
ابني عمره أحد عشر عاما، وألاحظ عليه ما يلي:
1- الخوف غير المبرر، مثل الخوف من المصعد، أو النوم في غرفته، رغم وجود أخيه الأصغر معه.
2- الصعوبة في النوم.
3- الصعوبة في كسب الأصدقاء والاندماج معهم.
4- عدم المشاركة في الفصل إلا عند سؤال المعلم له.
5- عدم القدرة على التحدث أمام جمع مثل الأنشطة المدرسية والتهرب منها.
6- عدم الثقة في نفسه.
7- ضعف الشخصية عموما مما يجعله عرضة للضرب من أقرانه، والاستيلاء على أغراضه مثل القلم وغيره دون رد فعل منه.
هل تنصحون بالذهاب به إلى طبيب نفسي؟ وفي هذه الحالة أخشى أن يكون له أثر آخر، وهو شعوره بأنه مريض نفسيا، وبالتالي تزيد عدم الثقة في نفسه.
الإجابــة
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ طارق حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:
أشكر لك -أخي الكريم الفاضل- تواصلك مع إسلام ويب، وأسأل الله تعالى لابنك العافية.
هذا الطفل -حفظه الله- يعاني من مخاوف، والمخاوف في الطفولة موجودة، خاصة الطفولة المتأخرة، ونستطيع أن نقول أيضا: إن الطفل لم يطور مهاراته الاجتماعية التي تناسب عمره، وقطعا كان الخوف سببا في ذلك، وهذا كله أدى لافتقاده الثقة في نفسه، وأصبح ضعيف الشخصية خاصة أمام أقرانه.
هنالك -أيها الفاضل الكريم- أمور لا بد أن نتأكد منها:
أولا: مستوى ذكاء وإدراك الطفل، وأنا أحسب أن ذكاءه سليم، وفي هذه الحالة تكون مخاوفه هذه مخاوف مكتسبة، ربما يكون الطفل قد تعرض إلى موقف حدث له فيه خوف، ويعرف أن الأطفال لديهم مخاوف طبيعية، كالخوف من الحشرات، الخوف من الظلام، الخوف من أن يظل الطفل لوحده، لكن بعد عمر سبع سنوات إلى ثمان يمكن للطفل أن يتفهم أن هذه المخاوف يجب ألا يهتم بها، وهذا الابن في هذا العمر -إحدى عشر عاما- أعتقد أن هذه المخاوف أصبحت مخاوف مرضية؛ فهناك احتمالية أن يكون الطفل قد تعرض لموقف حدث له فيه تخويف، ومن ثم تشكلت لديه المكونات النفسية والوجدانية والمعرفية التي أدت إلى تولد واستمرار المخاوف، وأصبح الطفل يستسلم حتى لأقرانه، هذه احتمالية.
الاحتمالية الأخرى أن الطفل هذا -حفظه الله- قد يكون المنهج التربوي الذي انتهجتموه معه -مع احترامي الشديد لكم كأسرة- فيه شيء من الحماية المطلقة للطفل، وكثيرا ما نفرض حماية زائدة على أطفالنا، خاصة إذا كان الطفل طفلا خاصا، والطفل الخاص هو الولد وسط البنات، أو الطفل الأول، أو الطفل الأخير، أو الطفل الذي يولد بعد فترة من العقم ... وهكذا، فالطفل الخاص عرضة للحماية الشديدة من جانب الوالدين، مما يفقده القدرة على تقوية ثقته بنفسه.
عموما الوضع الأمثل هو أن يتم تقييم هذا الطفل -حفظه الله- بواسطة الطبيب النفسي، ويوجد -الحمد لله تعالى- الآن تخصص يسمى (الطب النفسي للأطفال) وهنالك أطباء مختصون في هذا المجال، وهؤلاء الأطباء -الحمد لله تعالى- لديهم أسلوب ومنهجية للتعامل مع الأطفال مما يشعر الطفل برحابة شديدة، ويتقبل المقابلة بإيجابية، ودون خوف أو وجل، أو عقدة نفسية؛ لأنه قد قام بمقابلة طبيب نفسي.
فمقابلة الطبيب إذا ممكنة، وسوف تكون نافعة، ومن جانبكم -أخي الكريم- أعطوا هذا الطفل المزيد من الثقة في نفسه، كيف؟
أولا: الإطراء الكلامي، والتحفيز، والتشجيع، وأن يدرب على أمور بسيطة جدا، مثلا أن يرتب فراشه في الصباح، أن يرتب خزانة ملابسه، وأن نجعله عضوا فاعلا داخل الأسرة، وأن يعطى بعض المهام... هذه كلها تساعد كثيرا على بنائه النفسي.
ولا بد أن نتيح له أيضا فرصة الاختلاط مع الأطفال من عمره، فأرجو أن تكوني حريصة على ذلك، خاصة الأطفال الجيدين، والطفل -أيها الفاضل الكريم- يتعلم من الطفل كثيرا، وأنا قد شاهدت أطفالا بعد أن اختلطوا بأطفال آخرين أصبحت لهم شخصية، وحتى صفات قيادية، فأرجو أن تتاح لهذا الابن الكريم هذه الفرصة، وأسأل الله تعالى له التوفيق والسداد، وأشكرك على الثقة في إسلام ويب.