تقصيرنا في حق الله وعدم التوفيق أحيانا هل هي أمور مقدرة؟

0 215

السؤال

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته ..

هل يمكن أن يكون عدم التوفيق في بعض أمور الحياة أمرا عاديا، أم أنه عقاب من الله؟ وعدم التوفيق هل هو أمر مقدر؟ وبعض الحوادث التي نتسبب فيها نحن البشر بتقصير منا أو بسبب قلة الانتباه أو الخطأ هل تعتبر أمورا مقدرة في الأصل، وما كان من الممكن وقوع عكسها، وبالتالي لا داعي للندم عليها والشعور بتأنيب الضمير بشأنها؟

أرجو الإجابة بشكل شافي وكافي، وجزاكم الله خيرا.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ وحيدة حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

مرحبا بك -ابنتنا الكريمة- في موقعك، ونشكر لك الاهتمام والسؤال، ونسأل الله أن يفقهك في الدين، ويصلح لنا ولكم الأحوال، وأن يقدر لك الخير، ثم يرضيك به، ويحقق الآمال.

كل شيء في الحياة بقضاء وقدر، وكتابة المقادير لا تعني أن الإنسان مجبر على السير في اتجاه واحد، فالعظيم أعطانا عقولا نميز بها، وأرسل الرسل، وأنزل كتب توضح للناس طريق الخير وتحذرهم من طرق الغواية والشر، قال تعالى: {فأما من أعطى واتقى* وصدق بالحسنى* فسنيسره لليسرى* وأما من بخل واستغنى* وكذب بالحسنى* فسنيسره للعسرى}.

وحتى تتضح المسألة إليك -يا بنتي- هذا المثال: لو جئنا لمدرس قبل الامتحان بشهر، وقلنا: يا أستاذ نريد أن تسجل لنا في هذه الورقة أسماء من سوف ينجحوا من طلابك، وفي ورقة أخرى نريد أسماء الراسبين، وكتب لنا المدرس، ثم احتفظنا بالأوراق، وجاءت الاختبارات، وخرجت النتيجة تماما كما أشار الأستاذ، فهل يحق للراسب أن يقول لقد رسبت لأن المدرس سجل اسمي مع الراسبين؟ وهل الكتابة أثرت عليه رغم أنه لا يعرف عنها شيئا، هذا مدرس من البشر، فما ظنكم برب البشر؟

أما بالنسبة للمدرس، فقد لاحظ أن هناك طلابا استمعوا للتوجيهات وانتبهوا في المحاضرات، وذاكروا، واجتهدوا، فنالوا النجاح، وهناك طلاب تكاسلوا واهملوا وتغيبوا، ولم يذاكروا، فكان الرسوب هو النتيجة.

أما هل يمكن أن يتغير المكتوب؟ فنعم، لأن الله يقول: {يمحوا الله ما يشاء ويثبت وعنده أم الكتاب}، ولكن التغيير بعلم الله، وبأسباب هي مما قدره الله، فالمرض قدر، والذهاب للطبيب، أو أخذ الدواء، أو الدعاء أسباب بتقدير الله، وقد قال ابن القيم: (والفقيه الفقيه هو من يواجه أقدار الله بأقدار الله)، ولا يرد القضاء سوى الدعاء.

أما أثر المعاصي على عدم التوفيق فواضح من قوله تعالى: {وما أصابكم من مصيبة فبما كسبت أيديكم}، والمؤمنة تؤدي ما عليها، وترضى بما يقدره القدير، حتى قال عمر بن عبد العزيز: (كنا نرى سعادتنا في مواطن الأقدار).

وهذه وصيتنا لك، بتقوى الله، والمتاجرة فيما يرضيه، ثم الرضا بما يقدره سبحانه، ونسأل الله أن يجعلنا ممن إذا أعطى شكر، وإذا ابتلى صبر، وإذا أذنب استغفر، وعجبا لأمر المؤمن إن أمره كله له خير، وليس ذلك لأحد إلا للمؤمن.

نسأل الله لنا ولكم التوفيق والسداد.

مواد ذات صلة

الاستشارات