السؤال
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته ..
أنا فتاة عمري 16 سنة، في الصف الأول الثانوي، مشكلتي في المدرسة أنني خجولة، وإذا تكلمت ارتبكت، ولا أستطيع المشاركة في الفصل، وإذا دخلت الفصل أجلس صامتة، ولا يلتفت لي أحد، ولا يشعر بوجودي، وأعاني من الرهاب الاجتماعي، يختفي صوتي من الخجل والرهاب، وهذا يحدث من دخولي المدرسة، المعلمات يشتكين مني، والطالبات يكرهنني بسبب خجلي المفرط، فلا أشاركهن في نشاط، ولا ألعب معهن، ولا أتحدث، ولا أستطيع تكوين صداقات معهن، فيسخرن مني، ولا يهتممن بمشاعري، ويعتقدن أنني كالصنم بلا إحساس، علما أنني أحترق وأتألم من تصرفاتهن معي.
أحاول أن أتصرف بحرية في الحركة والكلام، لكنني فشلت، وأتمنى أكون مجتهدة ومتفوقة، لكنني أشعر بوجود شيء يمنعني من التقدم والتغيير، عجزت عن معرفة نقاط ضعفي، وحقيقة مشكلتي.
أعذر الطالبات أحيانا على ابتعادهن عني، فهذا شيء طبيعي، فلا أحد يرغب في مصادقة جماد لا يتكلم ولا يتفاعل، لذلك أشعر بإحساس قاتل داخلي؛ لأنني أتمنى التغيير ولا أستطيع، علما أن كل ذلك نتيجة تربيتي في البيت، فلم أجد من يرشدني ويعلمني الصواب من الخطأ، أو يعمل على تنمية شخصيتي.
منذ الابتدائية وأنا بهذه الشخصية الخجولة المرتبكة الصامتة، حلمت أن أكون طبيبة، لكن الطب يحتاج إلى اجتهاد وأنا غير مجتهدة.
لا أعرف ماذا يحدث لي؟ أفكر أن أراجع طبيبا نفسيا، لكن ظروفي لا تسمح بذلك، فصرت أفكر في شرب الخمر لعل ذلك يزيد من ثقتي في نفسي، أتمنى أن ترشدوني للعلاج الصحيح، وشكرا.
الإجابــة
بسم الله الرحمن الرحيم
الابنة الفاضلة/ ندى حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:
مرحبا بك في استشارات الشبكة الإسلامية، ونتمنى لك دوام الصحة والعافية.
بنتنا العزيزة: نقول لك أولا الحمد لله أن عقلك سليم، والحمد لله أن صحتك أفضل من غيرك، فالأمر قد يهون ويسهل إذا كانت المشكلة فقط هي الحياء، وكما تعلمين أن الحياء زينة المرأة، وهو شعبة من شعب الإيمان، وكثير من الناس يبحثون عن هذه الصفة الجميلة في المرأة، فأما الخجل المذموم هو الذي يمنعك من أخذ حقوقك ويمنعك من الدفاع عن نفسك، والأمر ليس غريبا خاصة في هذه المرحلة، إذ أن هناك العديد من التغيرات الجسمية والاجتماعية والعاطفية والانفعالية.
لذلك نذكرك بمواجهة المواقف والنظر في عيون الآخرين؛ لأنك لم تفعلي شيئا فاضحا حتى تنطوي وتستحي، فالأمر لا يستحق هذا التصور الكبير الذي يمنعك من ممارسة حياتك بصورة طبيعية، ويمكن للشخص أن يتميز بصفات أخرى تكون جاذبة للآخرين، وتحببهم فيه، ففكري في ما يمكن اكتشافه في شخصيتك، ستجدين -إن شاء الله- الكثير من القدرات والإمكانيات والمهارات التي تزيد من ثقتك بنفسك، وتقديرك لذاتك، وتغير اتجاهات ومفهوم الآخرين عنك.
فاخرجي -ابنتنا العزيزة- من هذا النفق المظلم الذي وضعت فيه نفسك واستسلمت له ، وبادري بوضع خطتك وتحديد أهدافك ماذا تريدين؟ وما هو الإنجاز الذي تتمنين تحقيقه؟ ثم قومي باختيار الوسائل المناسبة لتحقيق أهدافك، واستشيري في ذلك ذوي المعرفة والعلم وأصحاب الخبرات الذين تثقين فيهم، وحاولي اكتشاف قدراتك وإمكاناتك التي تؤهلك لذلك، واعتبري المرحلة التي تمرين بها الآن مرحلة مخاض لولادة شخصية جديدة، بأفكار ورؤى جديدة للحياة، ونظرة جديدة للمستقبل.
واعلمي أن التغيير ممكن بما هو مباح ومقبول عند الله تعالى ليس بالطرق المحرمة التي ذكرتيها، واستعيني بالله تعالى وتوكلي عليه، وليكون لديك اليقين الصادق بأن كل شيء بيده سبحانه وتعالى، ولا يعجزه شيء في الأرض ولا في السماء، إنما أمره إذا أراد شيئا أن يقول له كن فيكون، فكوني متفائلة دائما، مؤثرة لا متأثرة، مبادرة لا مستسلمة.
إليك بعض الإرشادات ربما تساعدك في حل المشكلة:
1- اسعي في مرضاة الله، فإذا أحبك الله جعل لك القبول بين الناس.
2- ينبغي أن تتصالحي مع نفسك، وتتحرري من هواها، وتثقي في قدراتك وإمكانياتك، واعتزي بها ولا تحقريها.
3- كوني نموذجا في الأخلاق، واحترمي قيم وآراء الآخرين.
4- أفشي السلام على من تعرفين ومن لا تعرفين، وساعدي من يطلب منك المساعدة، وأعرضي مساعدتك على من لم يطلب.
5- قدمي الهدايا لمن حولك حتى ولو كانت رمزية؛ فإنها تحبب فيك الناس، وازهدي فيما عندهم.
6- بادري بمواصلة الآخرين في مناسباتهم الاجتماعية وشاركيهم فيها.
7- أحسني الظن دائما في الآخرين، إلى أن يتبين لك العكس .
8- نمي قدراتك المعرفية بالقراءة والإطلاع، وحاولي مناقشة الآخرين في آرائهم ومقترحاتهم، وأعرضي عليهم ما عندك من معارف.
9- إذا استدعى الأمر إلى تغيير المدرسة والانتقال إلى مدرسة أخرى، فحاولي الظهور والتصرف في البيئة الجديدة بصفات الشخصية التي تتمنيها، فسيكون هناك انطباع إيجابي عنك من قبل المعلمات والطالبات، غير الذي يكون في البيئة الحالية.
وفقك الله تعالى لما يحبه ويرضاه.