السؤال
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
أنا مريض منذ 7 سنوات، أخاف من الذهاب إلى أي مكان بعيد عن المنزل إلا برفقة أخي، ولا أستطيع الذهاب إلى دعوات الزفاف في القاعات، وأيضا الذهاب إلى المراكز التجارية المنغلقة، وأصلي دائما في الصف الأخير، وفي صلاة الجمعة في ساحة المسجد.
وفي العمل أيضا عند الذهاب صباحا يأتيني ضيق في التنفس وقيء، وأحيانا أخرج من العمل الذي هو التدريس وأحس بضيق في التنفس، وأشعر أنني سأموت، وراحتي الوحيدة في البيت.
وأمارس الرياضية في البيت، وإن مارستها في خارج المنزل مع أصحابي؛ أشعر بضيق في التنفس والتعب عكس المنزل.
الإجابــة
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ أبو أحمد حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:
إنك تعاني من اضطراب الساحة، أو ما يعرف بمتلازمة البقاء في المنزل، أو الانزواء في المنزل، وهو اضطراب من اضطرابات القلق، يظل صاحبه منغلقا في منزله ويمارس حياته بصورة طبيعية، ولكن يخاف خوفا شديدا من الخروج من المنزل والذهاب إلى خارج المنزل لقضاء أي شيء، يصيبه خوف شديد وقلق، وكما ذكرت لا يستطيع أن يخرج إلا بصحبة مرافق.
هذه فوبيا معروفة، أو رهاب من الرهاب الشائع، وإن شاء الله تعالى علاجه يتمثل في نوعين، أهم شيء هنا هو العلاج السلوكي المعرفي، يتم دراسة مفصلية لهذا الرهاب، ومعرفة ما هي الأشياء الصعبة التي لا يمكن أن تذهب إليها مهما كان الوضع، والأشياء البسيطة التي يمكنك أن تذهب إليها بمفردك.
فلنقول مثلا: أصعب شيء هو أن تسافر إلى مسافة بعيدة عن المنزل، وأسهل شيء هو أن تخرج إلى البقالة القريبة منك وتشتري أشياء ثم تعود.
بعد دراسة هذا الشيء يتم ترتيب السلوك حسب الأكثر صعوبة والأصعب والأقل صعوبة، ثم تبدأ في التدريب، تبدأ في التدريب على الأقل صعوبة، تبدأ يوميا بالأشياء الأقل صعوبة لوحدك، وتسترخي، ثم تزيد هذا الشيء حتى الأكثر صعوبة فالأصعب ثم الأصعب، وإن شاء الله تعالى بهذا الشيء تتخلص من هذا الرهاب، فالرهاب هو خوف، والخوف من الخوف -كما يقال- فعليك بمواجهته وليس الهروب منه.
وهناك أدوية -إن شاء الله تعالى- تساعد في علاج هذا الرهاب، منها أدوية تتناولها مثلا للمساعدة في الأعراض المصاحبة للخوف مثل: الـ (إندرال Inderal) والذي يعرف علميا باسم (بروبرانلول Propranlol) عشرة مليجراما، ثلاث مرات في اليوم.
وهناك أدوية لعلاج الرهاب نفسه، ولعل من الأدوية التي تستعمل ما يسمى تجاريا باسم (زيروكسات Seroxat) ويسمى علميا باسم (باروكستين Paroxetine)، تبدأ بخمسة مليجراما ليلا، ثم بعد خمسة أيام ترفع الجرعة إلى عشرة مليجراما، ثم بعد عشرة أيام ترفع الجرعة إلى خمسة عشر مليجراما، ثم بعد أسبوعين ترفع إلى عشرين مليجراما، وتستمر على هذه الجرعة يوميا، ثم يبدأ مفعول وأثر الدواء بعد أسبوعين وتشعر بالتحسن -إن شاء الله تعالى- في خلال شهر ونصف أو شهرين، وعندها تستطيع أن تخرج دون هذا الخوف ودون هذا التوتر.
هذا طبعا مع العلاج السلوكي المعرفي، أي تجمع بين العلاج السلوكي المعرفي والعلاج الدوائي، وبعد ذلك تستمر في العلاج الدوائي لفترة ثلاثة إلى ستة أشهر، ثم بعدها تخفض العلاج تدريجيا بنفس الطريقة، خمسة مليجراما كل أسبوع، من عشرين مليجراما، إلى خمسة عشر مليجراما، إلى عشرة ميلجراما، إلى خمسة مليجراما، ثم تتوقف عن تناول الدواء، كل أسبوع تخفض خمسة مليجراما، حتى ينتهي العلاج، إذ لا يمكن التوقف عنه مرة واحدة.
الجمع بين العلاج الدوائي والعلاج السلوكي المعرفي هو أفضل الوسائل لعلاج هذا الرهاب، وإن شاء الله تعالى تعود إلى حياتك الطبيعية.
وفقك الله وسددك خطاك.