السؤال
السلام عليكم..
أنا فتاة، عمري 26 سنة، تعبت نفسيا من حالتي، ففي كل مرة تتم فيها خطبتي لا يكتمل الموضوع، وينتهي كل شيء في غمضة عين.
أول مرة حدث معي عندما كنت صغيرة، لم أكن أهتم بموضوع الزواج، ولكن من حولي أثاروا حماسي، وأني سأتزوج وأكون سعيدة، وعلقوا قلبي به، فلما فسخت الخطبة ولم يتم الأمر تحطمت نفسيا، ثم صبرت نفسي بأنها خيرة ربي، وأنه لو تم زواجي وأنا بتلك السن الصغيرة لفشل زواجي، لأني لا أستطيع تحمل المسؤولية.
مرت السنوات، وانشغلت بدراستي، وصار الزواج آخر اهتماماتي، وكنت أدعو وقتها أن لا أتزوج في تلك الفترة، وقبل سنتين صديقاتي وأغلب قريباتي اللاتي في عمري منهن من خطبت، ومنهن من تملكت، وصرت أفكر متى يحين دوري؟ وأصبح همي متى أتزوج؟ خاصة عندما أسمع حكايا البنات وماذا حصل لهن.
أحببت قريبا لي من بعيد، وليس بيننا أي علاقة أبدا، وكنت دائما أصلي وأدعو في كل وقت وكل ساعة استجابة أنه يخطبني، ويكون من نصيبي، واستجاب ربي دعائي، وخطبني، وقتها لم أنم من شدة الفرح، وتم الموضوع بسلاسة، واتفقنا على كل شيء، وبدأت أستعد، وجهزت نفسي للملكة، وقمنا بدعوة الناس، وعشت في أحلامي إلى قبل يوم الملكة بعدة أيام، في تلك الفترة حدثت مشاكل، وتسبب الناس بفتنة أدت إلى فسخ خطبتي، واحترق قلبي ودخلت في حالة نفسية، وشعرت بالقهر من الظلم الذي أصابني، وأشفقت على نفسي من نظرات الناس.
وبعد تلك الحادثة تمت خطبتي عدة مرات، وفي كل مرة لا يتم الأمر، والله لقد تعبت من حالتي هذه، فأهلي أناس متشددين وقاسين، وكم وددت لو أني أهرب من هذا البيت، فمنذ سنة ونصف وأنا جالسة في هذا البيت دون دراسة أو عمل، أتمنى الستر والزواج، ولولا خوفي من الله لانتحرت منذ زمن طويل، فقد أرهقتني الوساوس.
أعلم أن كل ما أصابني هو خير من ربي، ولست معترضة على أمره، ولكن حالتي النفسية متعبة.
الإجابــة
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ راية حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:
فمرحبا بك -ابنتنا الكريمة- في موقعك، ونشكر لك الاهتمام، وحسن العرض للسؤال، ونسأل الله أن يقدر لك الخير، ويصلح الأحوال، ويلهمك الرشد، ويحقق الآمال، ويصبرك، ويحسن لأهلك الأخلاق والأعمال.
أعجبتنى عبارة: ( كل شيء أصابني هو خير من ربي، وأنك لست معترضة عليه)، وعليها ينبغي أن يكون البناء الإيجابي للأفكار، فما يقدره الله للإنسان خير مما يرغب فيه ويختاره لنفسه، وقد قال عمر -رضي الله عنه-: "لو كشف الحجاب ما تمنى المسلم إلا ما حصل له، وقال عمر بن العزيز: "كنا نرى سعادتنا في مواطن الأقدار" فتوكلي على الله، واستمري في اتخاذ الأسباب، والتي منها الدعاء، والمشاركة في تجمعات وفعاليات النساء، وأظهري بينهن ما وهبك الله من عقل وأخلاق وطاعة لرب الأرض والسماء، واعلمي أن لكل واحدة منهن من تبحث عن أمثالك من بناتنا الكرماء، واعلمي أن ربنا وزع بين الناس الهبات والعطاء، وكلنا صاحب نعمة، فتعرفي على نعم الله عليك، وقومي بشكرها لتنالي بشكرها المزيد.
أما نظرات الناس فلا تهتمي بها، ولا تغتمي لها، واجعلي همك إرضاء رب الناس، وتعاملي مع أهلك بلطف، واصبري عليهم، وتذكري أنك مأجورة على صبرك، وقبل ذلك على برك لهم، وتعوذي بالله من شيطان همه أن يجلب لنا ولكم الأحزان، واجتهدي في مطاردة وساوس الشر، وتجنبي مجرد التفكير في الانتحار، فإنه من الذنوب الكبار، وفيه الاعتراض على تقدير الكبير القهار، وزيدي في نفسك من مشاعر الخوف من الله، ومن خاف أدلج، ومن أدلج بلغ المنزلة،
فاتقى الله في نفسك، وأكثري من اللجوء إلى الله، واعلمي أن انسحاب الخطاب إما أن يكون بأسباب يمكن تفاديها، وإما أن يكون بغير أسباب، وعندها نميل إلى عمل الرقية الشرعية.
فحافظي على أذكار المساء والصباح، ولا مانع من الذهاب إلى راق شرعي ممن يقيمون الرقية على قواعدها وضوابطها، وأرجو أن تقتربي من أسرتك، وثقي بأنهم أحرص الناس عليك رغم ما قد يظهر لك من مواقف لا تخلوا من القسوة، ونحن كآباء وأمهات قد نقسوا، ولكننا لا نتهم في حب الأبناء، فحبهم فطري، ونرجو من أبنائنا وبناتنا أن يحتملوا منا.
سعدنا بتواصلك، ونسأل الله أن يعجل لك بالفرج، وأن يرزقك بزوج يكرمك ويسعدك.