السؤال
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
أنا فتاة في 22 من عمري، مخطوبة وعلى وشك الزواج -إن شاء الله-، تعرضت للتحرش في صغري مرتين بعد وفاة والدي -رحمه الله-، وتأثرت بذلك تأثرا نفسيا فقط (آكل أظافري أحيانا، أقطع شعرة من رأسي بشكل لاإرادي) والحمد لله على كل حال، لكن والفضل يعود لله ثم بفضل الدعاء استطعت أن أقف بوجه تلك الصدمة وأحافظ على نفسي ونفسيتي.
لم تتأثر أخلاقي -والحمد لله-، بيئتي محافظة، والدي تعبا في تربيتي وأخاف من الله، وأحب أمي وأبي وأحب أن أشعر بتربيتهما لي وأسعد بذلك، ولكن أخشى أن أجد في زواجي صعوبة، أو أن أتذكر تلك التفاصيل فلا أستطيع إعطاء زوجي حقه من دون قصد، أو أن يشعر بشيء مثل هذا، فكيف أحتاط وأتصرف؟
أثابكم الله، وجزاكم الله خيرا.
الإجابــة
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ سما حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:
شكرا لك على أن وجدت القدرة والقوة على التواصل معنا والكتابة إلينا.
أحمد الله تعالى لك على أن أعانك فتجاوزت عواقب ما حدث في طفولتك، وتمالكت نفسك وحافظت عليها، وهذا واضح من سؤالك.
مما لا شك فيه أن الكثير من مشاعرك التي تمرين بها الآن إنما هي نتيجة طبيعية للتجربة التي مررت بها في طفولتك من التحرش الجنسي الذي تعرضت له، وخاصة إن كان المتحرش قريبا لك مع الأسف الشديد، وإن كنت لم تخبرينا بالفاعل، ولا ندري كم كان عمرك تماما.
التحرش الجنسي على أنواع، فمنه المباشر كالممارسة الجنسية، ومنه غير المباشر كالإثارة الجنسية بطريقة ما، سواء رافقتها الممارسة أو لم ترافقها. وعادة تظهر عند من يتعرض لهذه التجربة الجنسية في سن مبكرة العديد من الأعراض، ومن أهمها حالة من التشوش، وحالة من صراع الرغبات بين الرغبة في ممارسة الجنس وإقامة العلاقات، وبين الابتعاد عن كل هذا من باب الوازع الديني والخلقي والإيماني. وقد تعاني الفتاة من بعض الأعراض النفسية كتقلب المزاج وضعف التركيز أحيانا والبكاء والرغبة بالصمت، وغيره.
طبعا معك كل الحق في السؤال عن موضوع الزواج، حيث أن بعض من يتعرض للتحرش الجنسي، وخاصة الاغتصاب، يمكن أن تعاني من بعض الصعوبات الجنسية ومشكلات العلاقات وخاصة مع الزوج.
ويبدو من سؤالك أنك ولله الحمد قد تجاوزت الكثير من الأعراض والصعوبات، وإن كان المتوقع أن الزواج سيحرك عندك بعض الذكريات مما حدث. وأفضل ما تستطيعين فعله أن تقولي لزوج المستقبل أنك تجدين بعض الحرج من الممارسة الجنسية، طبعا دون إخباره بالتحرش، وإنما من باب أنكما ستأخذان وقتكما في التعرف على بعضكما، وعدم التسرع في الممارسة حتى تطمئنا وترتاحا لبعضكما، ووجود الزوج المتفهم سيعينك كثيرا، وستمر الأمور بخير -إن شاء الله-.
ولكن إن واجهتك بعض الصعوبات التي لم تتمكني من التعامل أو التكيف معها فيمكنك مراجعة أخصائية نفسية، وليس بالضرورة طبيبة نفسية، ممن يمكنك الحديث المفصل معها، وهي بالتالي ستأخذ كامل القصة وبالتفاصيل، ومن ثم تضع معك خطة الإرشاد النفسي، وستقابلك الأخصائية لعدة جلسات إرشاد نفسي، والتي ستعينك على تحقيق ما تريدين من أن تعودي لما كنت عليه، ولطبيعتك.
وفقك الله، ويسر لك الخير، وإن شاء الله نسمع أخبارك الطيبة، وزواجا سعيدا وموفقا.