أصيبت علاقتي الزوجية بالفتور والإحباط بعد الولادة

0 244

السؤال

السلام عليكم

ولدت قبل 3 أشهر تقريبا، والحمد لله الذي من علي بولد سليم معافى بعد سنوات من الانتظار والمعاناة والإجهاضات المتكررة.

المشكلة: منذ ولدت ازدادت علاقتي سوءا بزوجي، جزء من الإشكالية أنني أشعر بغضب كبير تجاهه؛ لأنه لا يتواجد تقريبا بالبيت بسبب ظروف عمله، وبسبب أهله ومتطلباتهم التي لا تنتهي، حيث أشعر أنني وابني نأتي بآخر سلم أولوياته، رغم أنني لا أشك في حبه لي ولابني، ولكنه ضعيف الشخصية أمام أهله (فقط).

ودائما يعطي الأولوية للمجتمع وكلام الناس، غضبي كبير بسبب أنني بعيدة عن الأهل، ولم أتلق أي مساعدة تقريبا منذ ولدت ابني، فبدأت أشعر أن حملي ثقيل، وأن لا كيان لي، بحيث أن وقتي أجمعه مهدور للاعتناء بالولد، فلا يتبقى لدي وقت للاعتناء بنفسي أو بالبيت أو متابعة دراستي، وحتى وظيفتي اضطررت إلى أن أستقيل منها.

السبب الثاني للإشكالية: أنني أشعر أن مشاعري كلها تحولت لابني، حيث أشعر بأنني أحب أباه أقل، وأحب أهلي أقل، وأن قلبي كله لابني وحده.

أشعر أحيانا أنه يكفيني ابني وفقط، ولا أريد آخر يشاركني حبه، أو يقتطع من مشاعري، لا أدري كيف أفسر هذا الشعور؟ ولكنه يخيفني؛ حيث أنني لا أريد أن أتحول لأم تحاصر ابنها بسبب مشاعري، أو أن تتحول مشاعري لمشاعر مرضية.

أرجو المساعدة والتوجيه، وجزاكم الله عنا خيرا.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ سارة حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

مرحبا بك ابنتنا الكريمة في موقعك، ونشكر لك الاهتمام وحسن العرض للسؤال، ونهنئك على المولود، ونسأل الله أن يجعله من النجباء الأتقياء، وأن يصلح لكم الأحوال، ويحقق لنا ولكم في طاعته الآمال.

الرحيم أنزل رحمة واحدة؛ بها تتراحم الكائنات، حتى إن الحيوان البهيم ليرفع حافره عن صغيره رحمة به، وينافح عنه شفقة وخوفا عليه، ومن هنا أيضا تتجلى عظمة الشريعة التي دعت الأبناء للبر، أما الآباء والأمهات فقد ملأ الله نفوسهم بحب الأبناء، ولن تلام أم على حب ولدها، وسوف يتغير الوضع، ونتمنى أن تحبي من كان سببا في مجيء الولد، وتحبي من كانوا سبب في وجودك بعد الله، بل من حملتك وفرحت بك، وقامت برعايتك.

والمؤمنة تحب الله، ثم تحب الرسول الذي أرسله الله، وتحب كل ما يوصلها إلى رضوان الله، ويدخل في ذلك جميع المحاب التي حث عليها الشرع.

وتعوذي بالله من شيطان يحاول أن يباعد بينك وبين زوجك، وقد أسعدنا إقرارك بأنه يحبك ويحب ولده، وتذكري أن الشريعة التي تدعوه لحبك وحب ولدك والوفاء لكم، هي نفس الشريعة التي تطالبه بحقوق لوالديه وبالوفاء لأهله، فكوني عونا له على الخير.

وأرجو أن تعلمي أن الاعتناء بالولد، والقيام بحق الزوج، ومن حقه أيضا الاعتناء بولده، يعدل الجهاد في سبيل الله، بل والشهادة، والدليل على ذلك هو حديث أسماء بنت يزيد -خطيبة النساء- حيث قالت للنبي، وهو بين أصحابه، يا رسول الله: (إن الله رب الرجال ورب النساء، وإن الرجال فضلوا علينا بالجمع والجماعات، وإذا خرجوا في الغزو نالوا كذا وكذا من الأجر، ونحن قعيدات في البيوت، نقوم على شؤونهم، فما لنا يا رسول الله؟ فحسن النبي كلامها، وتعجب من نضج سؤالها، وبشرها فقال لها: اسمعي وأخبري من وراءك من النساء، أن حسن تبعل إحداكن لزوجها، وقيامها بحقه، يعدل ما هناك، وقليل منكن تفعله، فرجعت وهي تكبر -رضي الله عنها-.

ونتمنى أن تربطي زوجك بطفله، وأرجو أن يعطيه ويعطيك من وقته، وننصحك بعدم لومه وعتابه، ولكن اجعلي بيتك جاذبا، وكلامك حلوا، وأشعريه بسعادتكم بقربه، وقولي له أحبك وأحب قربك.

وقدمي هواه على هواك، ورضاه على رضاك، وكوني له أمة يكن لك عبدا، وكوني له أرضا يكن لك سماء.

أما بالنسبة لطفلك؛ فمن حقك أن تحبيه، ونأمل أن لا يشغلك حبه عن حب ربنا الوهاب، وأن لا يحملك الاهتمام به على إهمال أبيه، وإهمالك لنفسك إهمال لبعض حقوق أبيه، والاعتدال مطلوب، والتوازن مرغوب.

وهذه وصيتنا لك بتقوى الله، ثم بكثرة اللجوء إليه، ونسأل الله أن يكتب لك التوفيق، وأن يجعل زوجك يعبر لك عن اهتمامه قولا وفعلا، وأن يديم بينكما مشاعر الود والرحمة، وأن ينبت طفلكم نباتا حسنا.

مواد ذات صلة

الاستشارات