السؤال
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
أنا فتاة أبلغ من العمر (19) عاما، تحجبت منذ عامين ولكن قرار الحجاب كان قرار والدي؛ فأنا لا أحب الحجاب، وقد سبب لي المشكلات والألم فأصبحت مكتئبة وتعيسة ودائمة التفكير، فكيف يمكنني خلعه ومتى؟ ثقتي بنفسي معدومة وأصبت باليأس وكرهت كل شيء.
صرت لا أحب الصلاة، ولا أشعر بالخشوع في صلاتي، ولم يعد للإسلام مكانة في قلبي كالسابق، فقد كنت أقرأ أذكار الصباح كل يوم، ولا تمضي الأيام دون تسبيح أو استغفار أو صلاة على النبي -صلى الله عليه وسلم- والدعاء لله، لا أقول بأنني كنت مواظبة على الذكر، لكن حالي كان أفضل من اليوم، علما أنني حاولت التوبة، وبكيت بين يدي الله، وأطلب من الله الهداية، أعلم ما حكم الحجاب في الإسلام، وأعلم فوائده في المجتمع، ومع الله، وقرأت الكثير من المقالات المحببة للحجاب لكن دون فائدة.
أعرف مجموعة من الفتيات يرتدين الحجاب ولكنهن على قول المثل (عاملين السبعة وذمتها) -والعياذ بالله-، وأعرف مجموعة من الفتيات غير محجبات والشهادة لله أنهن طاهرات عفيفات لم أر منهن أي فعل سيئ، والذي أقصده أنني مقتنعة بأن الحجاب لا يدل على أخلاق المرأة، فمن تكون جيدة فهي جيدة فيه أو دونه والعكس؛ فالحجاب مظهر خارجي فقط.
وأريد ذكر تجربة قصيرة لكم، في أحد الأيام عندما كنت في عمر أصغر، وكنت أجلس في السيارة والشباك مفتوح، أزعجني الهواء بسبب شعري المتطاير على وجهي، فقررت وضع الطرحة، وعندما وقفنا عند الإشارة نظر لي رجل وغمز لي، علما أنني لم أجرب مثل هذا الموقف من قبل، فإن كان الحجاب وضع ليحفظني من أعين الرجال فأنا أرى أنه يجذب الرجال ولا يبعدهم.
أبكي كثيرا بسببه، لا أريده، ولا أرتاح به أبدا، مع العلم أنني أبدو جميلة به، ولكنني أجمل من دونه، ولا أستطيع تحمله كما قلت لكم، فأنا في كل يوم أفكر بالوقت الذي أخلعه فيه.
لا أريد السؤال عن حكمه، ولا عن فوائده، ولا سبب عدم محبتي له، فقد قرأت هذا كله، أريد التنفيس عما بداخلي وكأنني أتكلم مع صديقتي، لأنني لا أحب البوح لمن أعرفهم، فلا أريد التأثير على فتاة محجبة فتكره الحجاب، ولا على غير المحجبة فلا تفكر فيه، لم أجد غيركم يسمعني.
أسأل الله الهداية والتوفيق والسعادة لي ولكم، وأشكركم على هذا الموقع الرائع، وجزاكم الله خيرا.
الإجابــة
بسم الله الرحمن الرحيم
الابنة الفاضلة/ مايا حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:
مرحبا بك -ابنتنا الكريمة- في موقعك، ونشكر لك اختيار موقعك للبوح عن ما في نفسك، ونسأل الله أن يهديك، وأن ينفع بك، ونؤكد لك أن بذرة الخير فيك كبيرة، والدليل هو حرصك على عدم إخراج ما في نفسك للمتحجبات، حتى لا يتركن الحجاب، ولم تذكري ذلك لغير المحجبات حتى لا يزهدن في الحجاب، ونسأل الله أن يتوب عليك إنه التواب، وأن يعينك ويثبتك على الحق والصواب.
وأرجو أن يتسع صدرك لحوارنا معك، ونحن لكم في مقام الوالدين والآباء والأمهات، لا يمكن أن يتهموا حتى إذا ظهرت منهم القسوة.
وننصحك بداية بالاستمرار في عدم الإفصاح عن تلك الوساوس، ونحمد الله الذي رد كيد الشيطان إلى الوسوسة، ولا يخفى على أمثالك أن الحجاب ليس الهدف منه حماية الفتاة فقط، بل هو سبب لحماية الآخرين، وهو قبل ذلك طاعة لرب العالمين، وكون بعض المتحجبات ملفتات، لا يبرر للأخريات ترك الحجاب، ونحن نقول للمؤدبة لكنها غير محجبة: ما أحوج هذا الأدب الجميل إلى حجاب يكمله ويزينه! ونقول للمتحجبة صاحبة السلوك المشين: ما أبعد هذا عن هذا! وندعوها للتوبة والانسجام بين المظهر الجميل والمخبر الجميل، حت لا يكون الحجاب حجة عليها.
وتعوذي بالله -يا ابنتي- من شيطان لا يريد لك الخير، وتذكري قول الله تعالى: {وما كان لمؤمن ولا مؤمنة إذا قضى الله ورسوله أمرا أن يكون لهم الخيرة من أمرهم}، وقول العظيم سبحانه: {فلا وربك لا يؤمنون حتى يحكموك فيما شجر بينهم ثم لا يجدوا في أنفسهم حرجا مما قضيت ويسلموا تسليما}، وأرجو أن تقفي على ما قاله أعداء الإسلام عن الحجاب، وما قالته المهتديات من الغربيات عن الحجاب، رغم أننا لسنا بحاجة إلى شهادات تثبت لنا حكمة الحكيم سبحانه.
وهذه وصيتنا لك بتقوى الله، ثم بكثرة اللجوء إليه، والتضرع بين يديه؛ حتى يخرج الله ما في نفسك من التشويش، مع ضرورة المحافظة على حجابك في المنشط والمكره، وما أعظم الذنب الذي تقع فيه المتبرجة وتوقع غيرها! فهن مائلات مميلات، مائلات فى مشيتهن، مميلات لقلوب الرجال والنساء، مائلات عن المنهج الحق، مميلات لقلوب الأخريات عن المنهج الحق، والتبرج عري وقبح وتخلف، والإنسان كان عاريا فجاءت الرسل وعم الوعي فستر على نفسه، وتعوذي بالله من كره ما أنزل الله لأنه سبب لإحباط العمل.
سعدنا نحن بتواصلك، وتكتمل سعادتنا بطردك للأفكار المنكوسة، فعجلي بالتوبة، وأكثري من الأذكار، وعليك بتلاوة كتابه الكريم، ويفرحنا الاستمرار في التواصل وطرح كل ما يشكل عليك.
ونسأل الله لك الهداية والتوفيق والثبات على الحق حتى الممات.