السؤال
السلام عليكم..
أنا امرأة متزوجة، عانيت الأمرين مع أمي، ولا زلت أعاني لحد الساعة، كانت أمي رافضة البتة زواجي من هذا الشخص بحجة أني سأضحي بمستقبلي جراء هذا الزواج، بالإضافة إلى كون والدته قد أهانتنا، وكانت دائما تشتمني وتعنفني وتعتدي علي بالضرب، ولم أر يوما حلوا، وكل مناسبة تنتهي بمشكلة، حاولت مرارا وتكرارا أن أتمالك أعصابي، وأكبح جماح الغضب، ولكن في يوم بلغ السيل الزبى فرفعت يدي عليها!
أعلم بأني مخطئة، وطلبت منها السماح، واستغفرت بدل المرة ألفا، وتبت إلى بارئي، ولكنها لا زالت تنبش الماضي، وتجادل في هذه الترهات، حاولت ولا زلت التقرب منها وإرضاءها بشتى الطرق، ولكن دون جدوى، وفي كل مرة تقول لي: لا تتصلي بنا، ولا نود زيارتك، ما الذنب الذي اقترفته؟
حتى أبي لم يسلم منها، لا تفوت فرصة إلا وتنكد عليه وتنغص عليه حياته، على أساس أنه سمح لي بالزواج منه، وقضى على مشواري الدراسي والمهني.
مللت من هذه الحياة، ولو لم أكن إنسانة مؤمنة وأخاف المولى عز وجل لوضعت حدا لحياتي، فقد مللت من مضايقاتها لي، فهي تتدخل في كل شاردة وواردة، في دراستي، عملي، قضية الإنجاب حاليا، تقيم الدنيا ولا تقعدها إذا اتصلت أو زرت أحدا من الأقارب أو الجيران أو الأصدقاء، حتى عائلة زوجي.
أرشدوني انصحوني، دلوني، أنا في دوامة وحيرة من أمري بين إرضاء أمي وطاعة زوجي وصلة الرحم.
الإجابــة
بسم الله الرحمن الرحيم
الابنة الفاضلة/ سليمة حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:
فمرحبا بك -ابنتنا الكريمة- في موقعك، ونشكر لك الاهتمام والسؤال، ونسأل الله أن يوفقك وأن يصلح الأحوال، وأن يهدى والدتك لأفضل الأقوال والأفعال، وأن يحقق لنا ولكم في طاعته الآمال.
لا تقصري مع الوالدة، ولا تطيعيها إذا طلبت منك ما لا يرضى الله، وكوني مستمعة جيدة لها إذا تكلمت، ولكن -أكرر- لا تفعلي إلا ما يرضى الله، واعلمي أن طاعة زوجك مقدمة على طاعتها، فزوجك هو أولى الناس بك، ولا تدخليه فيما يحصل بينك وبينها، وقد أحسن والدك بتزويجك، ويشكر على تحمله للوالدة، وأرجو أن تجعليه قدوة لك، وإذا لم تصبروا على الوالدة؛ فعلى من سيكون الصبر؟!
ولا يخفى على أمثالك أن برها من واجبات الدين، والبر والإحسان عبادة لرب العالمين، فلا تقابلي إساءتها بالإساءة، واجتهدي في إرضائها، فإن رضيت؛ فبها ونعمت، وإن لم ترض؛ فإن الله هو العليم بما يحصل.
وقد قال سبحانه بعد آيات البر في سورة الإسراء: (ربكم أعلم بما في نفوسكم إن تكونوا صالحين فإنه كان للأوابين غفورا)، قال العلماء: في الآية عزاء لمن قام بما عليه ولم يجد التقدير، ولم يظهر له رضا الوالد أو الوالدة، فقومي بما عليك، ولا تحملي نفسك فوق طاقتها، واذهبي لزيارتها، وضاعفي من اهتمامك بها، واحتسبي كل ما يحصل، واعلمي أن أجرك كامل، وإن ردتك من الباب، أو أغلقت في وجهك الهاتف، أو غير ذلك، وجددي التوبة من رفع يدك عليها كلما ذكرتك، أو ذكرك الشيطان ليحزنك ويوصلك إلى اليأس، فإن هم عدونا: (أن يحزن الذين آمنوا)، فلنعامله بنقيض قصده.
وهذه وصيتنا لك بتقوى الله، ثم بكثرة اللجوء إليه، ولا تقصري معها ولا مع والدك، واهتمي بزوجك -فإنما هو جنتك ونارك- كما قال النبي -صلى الله عليه وسلم- لعمة عمران بن الحصين -رضي الله عنه- بعد أن قالت للنبي -صلى الله عليه وسلم- " لا آلوه إلا ما عجزت عنه"، يعني لا أقصر في طاعته.
سعدنا بتواصلك، ويفرحنا الاستمرار في عرض ما عندك على موقعك، وتسلحي بالصبر؛ فإن العاقبة لأهله، واعلمي أنه لا طاعة لمخلوق في معصية الخالق.
وفقك الله، وسدد خطاك، وأسعدك مع زوجك ووالدتك وتولاك.