السؤال
مرحبا
أنا فتاة عمري (16) سنة، حاولت الانتحار حوالي (5) مرات، وبلا جدوى، ولم أمت ولم يصر لي شيئا. وعائلتي محافظة جدا.
كان لدي حبيب وخانني، ولا أعرف ما هو سؤالي؟! لكن أعرف أني أكثر شخص تعيس في الدنيا، وعلمت العائلة أن لدي حبيبا، وهددوني إن لم أفارقه سوف يمنعوني من الدراسة، ويجلسوني في المنزل، والآن لا يريدون لي شراء أي شيء غير كتب المدرسة، ولا أعرف ماذا أفعل؟ أنا فتاة تحب أن تكون أنيقة، كيف يمكن أن أدخل إلى المدرسة بنفس الملابس ونفس المحفظة؟ كيف...؟
أرجو وأريد أن أتغير، وأريد أن تكون لي شخصية مستقلة، وأحافظ على كرامتي التي ضاعت مني، وكيف يكون لي ثقة بنفسي؟
أتمنى أن تمر هذه الثلاث السنوات بسرعة؛ لكي أخرج من منزلي، وأعيش حياتي، لأنه بقي لدي سنتان ثانوي، وسأذهب أعيش في العاصمة؛ لكي أدرس الجامعة.
آسف على التطويل، وشكرا.
الإجابــة
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ أم كلثوم حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:
مرحبا بك في استشارات الشبكة الإسلامية، ونتمنى لك دوام الصحة والعافية.
ابنتنا العزيزة:
أولا: نقول لك: الحمد لله على سلامتك، والحمد لله أن محاولاتك للتخلص من حياتك لم تنجح، والحمد لله أنك خرجت من هذه المحاولات دون خسائر جسمية أو صحية؛ لأن هناك من حاول الانتحار وخرج بإعاقة دائمة، وتشويه في جسمه وعقله، فأراد الله له الحياة مع النقص في صحته، فالاستجابة للمشاكل العائلية بالحزن والاكتئاب والمحاولات الانتحارية ليس هو الحل لمجابهتها، بل لا بد من التفكير في حلها بالطرق الواقعية، أو على الأقل التعايش معها بطريقة إيجابية إذا لم يوفق الشخص في الحل المناسب في الوقت الراهن.
ثانيا: نقول لك: لا بد من تعديل وتصحيح العلاقة مع الوالدين حتى وإن شعرت بأنهم ظلموك في فترة من الفترات، أو في مرحلة من المراحل. فأنت مأمورة بالطاعة، كما جاء في معنى الحديث السمع والطاعة للمرء في ما أحب وأكره ما لم يؤمر بمعصية، فإذا أمر بمعصية؛ فلا سمع ولا طاعة.
فبر الوالدين سبب سعادتك في الدنيا والآخرة.
والحمد لله الآن أصبحت ناضجة ومسؤولة، وقادرة على اتخاذ قراراتك بنفسك، ومؤهلة للتخطيط لمستقبلك، فحاولي التقرب من الوالدين، وانتهجي سياسة الحوار معهما، وأبدي وجهة نظرك في كل ما ترينه مناسبا؛ لكي تزداد ثقتهم فيك، فإذا وثقوا فيك ستحصلين -إن شاء الله- على ما تريدين، واعلمي أنهم دائما يريدون لك الخير، ولا يرضون لك السوء.
ثالثا: اعتبري التجربة الماضية درسا وعبرة تستفيدين منها في حياتك المستقبلية؛ لأن صداقة الجنس المغاير علاقة غير مسموح بها شرعا.
فالأمر يحتاج منك لوقفة مع نفسك، ومراجعة التعاليم الإسلامية السمحاء التي وضعت ضوابط لعلاقة الرجل بالمرأة تخدم مصلحتهما –الاثنين- معا، ومصلحة مجتمعهما الذي يعيشان فيه. فلا تنساقي وراء العاطفة، بل حكمي العقل، واستشيري من هم أكبر منك سنا، وأكثر منك خبرة، ولا تكوني أي علاقة مع أحد إلا في إطار نية الزواج بالضوابط ومع من هم جادون في ذلك، لا مع من يلعب بعقلك وعواطفك.
وتذكري أن ذاك الشاب ليس هو أول أو آخر إنسان في الدنيا، فقد يرتاح قلبك لمن هو أفضل منه خلقا ودينا، وبه الصفات التي تتمنيها، وليس ذلك على الله بعزيز. وتذكري أن المرحلة التي أنت فيها الآن مليئة بالعواطف، ولا بد من تصريفها بالطرق المسموح بها شرعا، وبالتخطيط السليم للزواج وفقا لمقتضيات الواقع، وأن يكون هدفك الآن هو الاجتهاد والنجاح في دروسك، ورضاء ربك ووالديك، وسيكون لك مكانة مقدرة بين أهلك ومجتمعك.
وتذكري أن كل ابن آدم خطاء، وخير الخطائين التوابون كما قال -صلى الله عليه وسلم-. فالفرصة أمامك الآن للتغيير، والفرصة أمامك الآن لإعادة الثقة بالنفس بنسيان الماضي، والاستمتاع بالحاضر، والتخطيط للمستقبل بروح التفاؤل والنظرة المشرقة؛ حتى لا تخسري دينك ودنياك.
نسأل الله تعالى أن يوفقك لما يحبه ويرضاه.