أملك كل شيء لكنني لا أجد المتعة وأعاني من الاكتئاب!

0 219

السؤال

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

بداية أود أن أشكر القائمين على الموقع -جزاكم الله خيرا- على هذه الجهود، وفي ميزان حسناتكم، هذه أول مرة أطلب الاستشارة من طبيب؛ لأنني حاولت بكافة الطرق أن أحل مشكلتي بنفسي، لكن بلا جدوى.

أنا شاب في الجامعة –والحمد لله- أمتلك من الميزات ما يحسدني عليها الجميع, فأنا حاليا أدرس الطب, لي عائلة محبة, ووضعي المادي أكثر من ممتاز, أخاف الله، ولا يوجد لدي علاقات مع إناث, والجميع يعتبرني جميلا، لكن مع كل ذلك أعاني من الاكتئاب (حسب ما قرأت واعتمادا على الأعراض ).

بدأت مشكلتي قبل 3 سنوات تقريبا, حيث بدأت أشعر بأعراض الاكتئاب, فأصبحت لا أستمتع بالأشياء التي كنت أستمتع بها, وخفت علاقاتي في الجامعة، مع أنها كانت واسعة جدا، حيث إنني أصبحت غير مهتم بالكلام، والتحدث مع الآخرين كثيرا, أجري محادثات بالطبع، لكن بدون اهتمام بالكلام, وأصبحت أسرح كثيرا -أشعر بأنني أرتاح عندما أفعل ذلك-, ودائما يوجد شيء من الهم الداخلي, أفيق في الصباح بدون الشعور بأدنى حماس أو إيجابية، أي أشعر بأنني مجبر على القيام بأعمالي اليومية بدون رغبة, أشعر بالتعب والإرهاق طوال اليوم بغض النظر عن عدد ساعات النوم, عند النوم 12 ساعة أو 8 ساعات، أشعر بنفس الشعور, أشعر بأن رأسي ثقيل، وأريد النوم، ولا يوجد عندي أي حماس أو رغبة للقيام بأي شيء, أواجه نوعا من الأرق في الليل, وأشعر بأن شخصيتي ضعفت -ربما بسبب عدم الاهتمام أو الرغبة في الكلام-, وأصبح لدي حياء شديد، فلا أستطيع التكلم مع الإناث.

حاولت كثيرا أن أتغلب على هذه الأعراض, ومارست الرياضة, وأصبحت أخرج كثيرا مع أصدقائي, وسافرت إلى أوروبا -شعرت بتحسن خفيف، لكني ما زلت لا أشعر بجمال الحياة التي كنت أشعر بها عندما كنت في سن أصغر-, أتمنى أن يرجع وضعي إلى ما كنت عليه، حيث كانت أبسط الأشياء تسعدني, لكني الآن أملك كل شيء لكنني لا أجد المتعة.

بحثت كثيرا عن الأشياء التي أظنها مسببة للاكتئاب -إذا كانت حالتي اكتئاب- فوجدت أن النقص العاطفي ممكن أن يكون مسببا, حيث إنني لم أصاحب الفتيات لقناعتي أن هذا حرام، لكن نفسي ترغب ذلك بشده لتعويض النقص العاطفي, وضغوط الدراسة تمنعني من ذلك، والخوف على تحصيلي العلمي، والضغط المستمر سبب لي القولون العصبي.

إن هذا الشعور بالاكتئاب -متفاوت الحدة، لكن أغلب الأوقات أشعر بأنه متوسط، ونادرا ما أشعر بالتفاؤل لفترة قصيرة ونادرا ما يشتد-، لا يعطل حياتي الرئيسية، أي أنه لا يلاحظه غيري، ولا أحد يعلم أني أعاني من الاكتئاب، فحياتي طبيعية, لكنني أرغب بالتخلص من هذا الشعور المزعج، ومن الخمول الدائم، أرغب أن أكلم الناس ببهجة وتفاؤل, وأرغب بأن أبدأ بمشاريعي المستقبلية التي يعطلها الاكتئاب، فأنا لا أشعر بالدافع بالرغم أنني طموح ودائما أخطط, أود أن أستمتع بأبسط الأشياء كما كانت حياتي سابقا.

أنا أعلم أن أدوية الاكتئاب ليست علاجية, إنما هي مؤقتة، وعند التوقف عن أخذها يعود الوضع إلى ما كان عليه، وهذا كان السبب لعدم ذهابي لأي طبيب، وعدم التفكير بأخذها, حيث إنني أستطيع أن أكمل حياتي بدونها, لكني الآن وبعد 3 سنوات أشعر بأنني يجب أن أريح نفسي من هذه الأعراض، وأمارس حياتي اليومية بعفوية.

أود أن تصفوا لي دواء خفيفا غير إدماني يساعدني للتخلص من هذه المشاعر السلبية، والخمول الشديد، أهم شيء أن لا يؤثر على التركيز والذاكرة؛ لأنها أهم شيء بالنسبة لدراستي, وهل هذا الدواء يعتبر مؤقتا أم علاجي؟ وأرجو أن توضحوا لي ما هي حالتي؟

شكرا لجهودكم، جزاكم الله خيرا.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ Mohammad حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

أسأل الله لك التوفيق والسداد، وإن شاء الله تعالى تكمل دراستك في العلوم الطبية، وتكون من الأطباء المتميزين في المستقبل بإذنه تعالى.

تدارست رسالتك بكل دقة، وبالفعل أنت لديك بعض الملامح الاكتئابية المزمنة نسبيا، استغرقت حوالي ثلاث سنوات، هنالك أعراض نفسية، وهنالك أعراض جسدية، ومن أهم الأعراض التي تعاني منها هي افتقاد الدافعية والطاقات النفسية والجسدية.

تشخيص حالتك يناسب حالة تسمى (ديسفايما Dysthymia)، والديسفايما هي نوع من الاكتئاب المزمن، لكنه من الدرجة البسيطة، ويعالج من خلال أسس معروفة: أولا ممارسة الرياضة باستمرار؛ لأن الرياضة تنشط المواد الدماغية المطلوبة لتحسين المزاج، فإذا اجعل الرياضة جزءا من حياتك، وسوف تحس أن دافعيتك وطاقاتك النفسية والجسدية بدأت في التحسن.

ثانيا: تنظيم الوقت مهم جدا، والنوم الليلي المبكر على وجه الخصوص مهم جدا لتوفير الطاقات مع التوازن الغذائي الصحيح، هذا مهم جدا - أيها الفاضل الكريم - لعلاج هذا النوع من الديسفايما.

والتفكير الإيجابي أيضا مطلوب جدا، وقطعا الحرص على أمور دينك يمثل حافزا ودافعا نفسيا إيجابيا.

بالنسبة للعلاج الدوائي: الدراسات كلها أشارت أن الـ (بروزاك Prozac)، والذي يسمى علميا باسم (فلوكستين Fluoxetine) هو الدواء الأمثل والأفضل، دواء محسن للمزاج، ودافعا جدا للطاقات الإيجابية، ويتميز بأنه غير إدماني، وسليم، وهو دواء معروف منذ عام 1988.

إذا: يمكنك استعمال الفلوكستين - وهو البروزاك - بجرعة كبسولة واحدة -عشرون مليجراما- يوميا لمدة ستة أشهر، ثم اجعلها كبسولة واحدة يوما بعد يوم لمدة شهر، ثم توقف عن تناول الدواء.

لا أنسى أيضا أن أذكرك بالغذاء الروحي: الصلاة على وقتها، وصلة الرحم، وبر الوالدين، والإكثار من النوافل، ومن ذكر الله تعالى، وقراءة كتابه الكريم، فهي من أعظم أسباب انشراح الصدر واطمئنان القلب، قال تعالى: {ألا بذكر الله تطمئن القلوب}.

بارك الله فيك، وجزاك الله خيرا، وكل عام وأنتم بخير.

مواد ذات صلة

الاستشارات