زوجي يرفض الإنفاق علي رغم إنفاقه على زوجاته الأخريات!

0 209

السؤال

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

أنا موظفة متزوجة ولكنني زوجة ثانية، زوجي يرفض الإنفاق بسبب عملي، ويطلب مني الصرف على نفسي من مرتبي الخاص، وطلب مني بيتا خاصا، علما أنه يقوم بالصرف على زوجته الأولى لأنها لا تعمل، ويريد أن يتزوج الآن للمرة الثالثة، وقام بتوفير منزل وكل المستلزمات والتجهيزات للزوجة الجديدة؛ فطلبت الطلاق، وأخبرته بأنه رجل غير عادل وما يفعله محرم، ولكنه متمسك برأيه ولن تتغير وجهة نظره، وأن وضعي مختلف بحكم وظيفتي.

أرجوكم أفيدوني هل أتمسك بالطلاق؟ وماذا أفعل؟

وجزاكم الله خير الجزاء.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ رضوى حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

أولا: نفقة البيت واجبة على الزوج، ولا يلزم الزوجة شيء من ذلك، لأنه هو الرجل وصاحب القوامة قال تعالى: {الرجال قوامون على النساء بما فضل الله بعضهم علىٰ بعض وبما أنفقوا من أموالهم}، ولكن يمكن التعاون معه بجزء من النفقة كونه سمح لك بالعمل، وإلا فالأصل أن ما تتقاضينه من مرتب هو مالك الخالص، ولا يحل له أن يأخذ مالك تحت أي ذريعة، ففي الحديث الصحيح: (لا يحل مال امرئ مسلم إلا بطيب نفس منه).

ثانيا: كونه مقدم على الزواج من ثالثة، وهو غير قادر على النفقة على الزوجة الثانية نوع من التهور، وعدم النظر في العواقب، ومخالف للشرع، يقول تعالى: {وإن خفتم ألا تقسطوا في اليتامىٰ فانكحوا ما طاب لكم من النساء مثنىٰ وثلاث ورباع فإن خفتم ألا تعدلوا فواحدة أو ما ملكت أيمانكم ۚ ذٰلك أدنىٰ ألا تعولوا}.

ثالثا: استعيني ببعض أقاربه أو أصحابه من أهل الحكمة ورجاحة العقل ممن يقبل نصحهم؛ ليقوموا بتذكيركما بالحقوق والواجبات التي تجب لكما أو عليكما كما شرعها ديننا العظيم، وأمرنا بالاستقامة عليها، وضمن لكلا الزوجين تحقق الخير لهما من السكن والمودة والرحمة بينهما بذلك.

رابعا: طالما وأنت تعملين فأرى أن تتفقي معه على مبلغ تعطيه من راتبك مقابل سماحه لك بالعمل، وهو يكمل ما تبقى فيدفع إيجار السكن، ويؤثث البيت مثل أثاث الأخريات، ويأتي بكل متطلبات البيت الأخرى.

خامسا: اجلسي معه جلسة ودية، بحيث تكونين متأهبة وفي أبهى حلة، وقبل البدء بالنقاش عبري له عما في نفسك من الحب، ولا تبقي عبارة حبيسة صدرك، ثم أخبريه بأنك رضيت بأن تكوني زوجة ثانية، ولكن الله ما أباح التعدد إلا حين يكون الزوج قادرا على العدل بين زوجاته من جميع النواحي، ومنها فتح البيت، والنفقة، وأن تكليفك بالنفقة كلها ليس من العدل في شيء.

سادسا: ذكريه بأنه من الواجب عليه العدل بين الزوجات، وأن الظلم ظلمات يوم القيامة، وأنه من كان له أكثر من زوجة فمال إلى إحداهما جاء يوم القيامة مائل الشق كما جاء في الحديث الصحيح: (من كانت له امرأتان فمال لأحداهما جاء يوم القيامة؛ وشقه مائل).

سابعا: ما يقوم به نوع من الاستغلال يتنافى مع الأخلاق الفاضلة التي دعا إليها ديننا، فالمرأة لا يكرمها إلا كريم ولا يهينها إلا لئيم.

ثامنا: وثقي صلتك بالله وأكثري من نوافل الصلاة والصوم وتلاوة القرآن، وتضرعي إلى الرؤوف الرحيم بالدعاء أن يصلح الله زوجك ويعيده لرشده ويهديه سبل السلام، وكوني موقنة بالإجابة، فدعاؤك سيكون دعاء المضطر الذي يستجيبه الله للعبد، قال تعالى: {أمن يجيب المضطر إذا دعاه ويكشف السوء}.

تاسعا: أكثري من الاستغفار والصلاة على النبي -صلى الله عليه وسلم-، فإنهما من أسباب تفريج الكروب والضوائق كما قال نبينا -عليه الصلاة والسلام-: (من لزم الاستغفار جعل الله له من كل هم فرجا ومن كل ضيق مخرجا)، وقال للرجل الذي قال له: إذا أجعل لك صلاتي كلها، قال له: (إذا تكف همك).

عاشرا: بحسب بياناتك أنت في نهاية العقد الرابع من عمرك، وتعرفين نظرة المجتمع الظالمة للمرأة المطلقة، فأرى أن تتريثي في مسألة طلب الطلاق، وعليك أن تستنفذي كل السبل لإصلاح الوضع، فإن لم ينفع ذلك فعليك حينئذ أن توازني بين مصلحة بقائك معه وإنفاق كامل مرتبك على البيت، وبين الطلاق وأنت وحدك، من يقدر أي المصلحتين أرجح.

الحادي عشر: لم تذكري في استشارتك هل عندك أطفال أم لا؟ وإن كان لديك أطفال منه ففكري بهم وبمستقبلهم فهم من سيكون الضحية.

الثاني عشر: ما أنت فيه ابتلاء من الله، ولعل الله يرفع بذلك درجاتك في الدنيا والآخرة، فبعض الناس يبتلى بماله، وبعضهم بولده، وبعضهم بزوجه، وتعلمين أن الحياة كلها ابتلاء، قال تعالى: {كل نفس ذائقة الموت ونبلوكم بالشر والخير فتنة وإلينا ترجعون}.

الثالث عشر: ما يصيب الإنسان من سراء أو ضراء سائر وفق قضاء الله وقدره، ولا يرد القضاء إلا الدعاء يقول تعالى: {إنا كل شيء خلقناه بقدر) ولما خلق الله القلم قال له: اكتب. قال: وما أكتب؟ قال: ما هو كائن إلى يوم القيامة}، والعبد المؤمن يتقلب بين أجرين، أجر الشكر وأجر الصبر، كما قال نبينا -عليه الصلاة والسلام-: (عجبا لأمر المؤمن إن أمره كله له خير إن أصابته سراء شكر فكان خيرا له وإن أصابته ضراء صبر فكان خيرا له وليس ذلك إلا للمؤمن).

الرابع عشر: بعض البلاء النازل بالعباد يكون سببه ذنب ارتكبه العبد ولم يتب منه، ولعله يكون قد نسيه، فما على العبد إلا أن يكثر من الاستغفار والانكسار بين يدي الله، قال تعالى: {وما أصابكم من مصيبة فبما كسبت أيديكم ويعفو عن كثير}.

أسأل الله تعالى أن يهدي زوجك وييسر أمرك آمين.

مواد ذات صلة

الاستشارات