السؤال
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، أولا أشكركم على ردكم الدائم للاستشارات، وجعله الله في ميزان حسناتكم.
أنا سيدة مطلقة، وأم لولد، أعاني من وسواس الموت والمرض، فقبل سنتين تقريبا شعرت بكتلة صغيرة تتحرك في صدري، فراجعت طبيبا جراحا، فطلب مني استئصالها، وتم تحليل الكتلة بعد الاستئصال فكانت عبارة عن دهون وترسبات، ثم ظهرت حبوب صغيرة تتحرك في الصدر، فذهبت إلى طبيب الأورام، وطلب مني عمل أشعة تلفزيونية على الصدر، فأظهرت النتيجة أنها دهون، فطلب مني عدم القلق، وإنزال الوزن، وفعلا مع الوقت اختفت تلك الحبوب.
والآن أشعر بوجود شيء في الثدي الآخر، كأنها حبة لوزة مقسومة نصفين، إذا ضغطت عليها شعرت بها، فذهبت إلى طبيب الأسرة، وهو استشاري الأمراض الباطنية والحميات، وفحص الورم يدويا، وأخبرني أنها كتلة دهنية، ويجب علي أن أعمل حمية، وأنني لست بحاجة لطبيب الأورام.
قبل ثلاثة أشهر عملت تحاليل وكانت سليمة، وأرسلت استشارة من فترة قصيرة سألت فيها عن ألم في الرقبة، وعملت بنصيحتكم، وذهبت إلى الطبيب، وأخبرني أنه إرهاق في العضلة، ووصف لي حبوبا وكريما، وما زالت الآلام مستمرة منذ أربعة أشهر، وقال أنها مسألة وقت لأنه إجهاد بسبب الجلوس إلى الكمبيوتر.
أنا قلقة من الكتلة وربط ألمها مع الرقبة، أهلي يظنون أنني أوسوس، أفيدوني ماذا أفعل؟ وهل طبيب الباطنة والحميات لديه خبرة في الأورام وتحديدها؟ علما أنني بدأت الحمية، فوزني 115 كلغ.
الإجابــة
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ سارة حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:
بارك الله فيك، وجزاك الله خيرا، أسأل الله لك العافية والشفاء والتوفيق والسداد.
أيتها الفاضلة الكريمة: أرجو ألا تدخلي نفسك في توهمات مرضية، من الواضح أن مخاوفك حول الأورام متضخمة ومتجسدة بشكل يؤثر على نفسيتك ويجعلك تقومين موسوسة جدا حول الأمراض، عليك بالتوكل على الله تعالى، ورددي قوله تعالى: {قل لن يصيبنا إلا ما كتب الله لنا هو مولانا وعلى الله فليتوكل المؤمنون}، عليك بالدعاء، وأن تسألي الله أن يحفظك من سيء الأسقام.
أنا لا أنصحك بالذهاب إلى أي طبيب مختص في الأورام أو خلافه، ذهابك إلى الطبيب سوف يطمئنك مؤقتا، لكن في نهاية الأمر سوف يزيد من وساوسك، أجبري نفسك على التجاهل مهما كانت الفكرة لمراجعة الأطباء ملحة عليك، حقريها تماما.
وكل المطلوب منك هو أن تذهبي إلى طبيب الأسرة - طبيب الرعاية الصحية الأولية - الذي تثقين فيه، راجعيه مرة واحدة كل ستة أشهر من أجل الفحوصات الطبية العامة، أنت غير محتاجة لأكثر من ذلك، كوني أكثر صرامة مع نفسك، تجنبي هذا التنقل ما بين الأطباء، سوف يدخلك حقيقة في حلقة من الأوهام والوساوس والمخاوف، لا داعي لها.
ولا بد أن تشغلي نفسك بهموم الحياة الأخرى، لا بد أن تسعي لتطوير ذاتك، لا بد أن تكثري من التواصل الاجتماعي، اجتهدي في تربية ابنك، حسن إدارة الوقت وتخصيص وقت لحفظ القرآن الكريم مثلا، يأتيك بخير عظيم، أن تحاولي أن تواصلي تعليمك مثلا، وحتى إن لم يكن تعليما أكاديميا منتظما يمكن أن تقومي ببعض الكورسات التي تفيدك، أخرجي نفسك من الفراغ الزمني، ومن الفراغ الذهني، ومن الفراغ الفكري، هذا -إن شاء الله تعالى- يخرجك تماما من المخاوف والتوهمات المرضية.
بارك الله فيك، وجزاك الله خيرا، وبالله التوفيق والسداد.
------------------------------------------------
انتهت إجابة: د. محمد عبدالعليم -استشاري أول طب نفسي وطب الإدمان-،
وتليها إجابة: د. رغدة عكاشة -استشارية أمراض النساء والولادة وأمراض العقم-.
-----------------------------------------------
نعم -يا ابنتي- إن طبيب الأمراض الباطنية والحميات له خبرة واسعة في تشخيص الأورام, ويمكنه تمييز الورم الذي يحتاج إلى تصوير واستقصائه من ذاك الذي لا يحتاج إلى عمل أي شيء، ويمكن تركه, فالطبيب قادر على تمييز صفات الكتل التي تجس في الثدي, ولا يمكن له أن يطمئنك إلا بعد أن يكون قد تأكد فعلا من الفحص بأن الكتلة هي كتلة سليمة، فالكتل السليمة تكون متحركة تحت الجلد وغير ملتصقة بالجوار, ولا بالجلد, ويمكن تحديد حوافها وحدودها الخارجية أو التي تكون عادة منتظمة، ولولا أن الطبيب تأكد من أن كل هذه الصفات موجودة في الكتلة التي عندك, لما طمئنك.
وعلى الأرجح بأن تكون الكتلة عندك هي كتلة شحمية؛ لكون الكتل السابقة كانت كذلك، فهذا النوع من الكتل يحدث في حالات السمنة, ليس في الثدي فقط, بل وفي أنحاء أخرى من الجسم, لذلك يجب عليك خفض وزنك, حتى يصبح مناسبا لطولك, وبتقليل كمية السعرات الحرارية بمقدار 500 سعرة يوميا فقط, ستتمكنين من خفض وزنك بحدود 2-3 كلغ في الشهر, فإن أضفت إلى ذلك ممارسة رياضة مناسبة لا تتعارض مع تعاليم ديننا الحنيف, ولا مع تقاليد المجتمع، ولمدة ساعة يوميا, فستتضاعف خسارة الوزن تلك, لتصبح في حدود 4-5 كلغ شهريا, فشدي العزم وابدئي ببرنامج خاص يساعدك في ذلك, وابعدي عنك المخاوف والهواجس, وكما نصحك مستشارنا الفاضل الدكتور محمد عبد العليم -حفظه الله- عليك بشغل نفسك، والاستفادة من طاقاتك الجسدية والفكرية بأمور يكون لها مردود إيجابي على نفسك في الدنيا والآخرة.
نسأل الله عز وجل أن يوفقك إلى ما يحب ويرضى دائما.