السؤال
السلام عليكم..
جزاكم الله خير الجزاء على أمانتكم ومساعدتكم لنا.
أنا طالبة أدرس القانون، وقاربت على التخرج -بإذن الله-، أعلم بأن القوانين وضعية ومخالفة لشرع الله عز وجل إلا ما رحم ربي منها، ولذلك أريد أن أخدم ديني الإسلام، وأكون كسيدنا عمر -رضي الله عنه والصحابة أجمع-، ولا أنسى، قدوتنا وسيدنا محمدا -صلى الله عليه وسلم-، أريد أن أكون محامية ماضية بشرع الله عز وجل، وأفعل الكثير من أجل إعلاء كلمة الله تعالى، فبماذا تنصحوني وأنا الآن على مقاعد الدراسة؟ أريد أن أفعل شيئا في كليتي يؤثر عليهم إيجابا، فما نصيحتكم؟
وجزاكم الله خيرا.
الإجابــة
بسم الله الرحمن الرحيم
الابنة الفاضلة/ lara حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:
فمرحبا بك –ابنتنا- الحريصة على خدمة دينها في الموقع، ونشكر لك الاهتمام والسؤال، ونسأل الله أن يوفقك ويصلح الأحوال، وأن يسعدنا بتطبيق شرعه وتحقق الآمال.
أسعدنا حرصك على تقديم شيء في خدمة الدين، وأفرحتنا رغبتك في إسداء النصح للطالبات والطلاب والمعلمين؛ حتى ينتبه الجميع لخطورة القوانين المخالفة لشريعة رب العالمين، وحتى يقوم الجميع بفهم الشريعة والانحياز لها.
ونحمد الله أن هذه النبرة ارتفعت هنا وهناك، ومن درس القوانين الوضعية هو من خيرة من يدرك الفرق إذا تفقه في الدين، وقديما قال الأستاذ عبد القادر عودة -رحمة الله عليه-: "أعتذر للقانون معنى لأهدم القانون مبنى ونصا"، وهذا من تجلت له عظمة الشريعة وامتلأت نفسه بمعانيها الربانية، وبنصوصها المعصومة.
وأرجو أن يعلم الجميع أن البشر عاجز عن التخطيط لنفسه أو التقنين لها؛ لأن علمه قاصر، ولأن خطوط الغيب عنه محجوبة، وما يكتبه قد لا يصلح للغد، وما يكتبه لبلد قد لا يقبل في آخر، وهو أناني في تفكيره وطبعه، وعليه فلا يمكن أن يسعد البشر إلا بشريعة خالق البشر، وإذا قلنا لا يعرف أسرار الصنعة سوى الصانع؛ فإنه لا يعرف أسرار الخلق سوى الخالق، (ألا يعلم من خلق وهو اللطيف الخبير).
وهذه وصيتنا لك بتقوى الله، ثم بكثرة اللجوء إليه، والاجتهاد في إكمال دراستك، والتفوق فيها، ثم الانهماك في دراسة الثقافة الشرعية، والتفقه في دراسة الأحكام الشرعية، وتشجيع الآخرين على التفقه في الدين.
وإذا عاد أهل القوانين إلى رب العالمين؛ فإن حقوق الناس سوف تحفظ؛ لأن القاضي والمحامي والجميع سوف يراقب رب العالمين الذي لا تخفى عليه خافية سبحانه.
ومما يساعدك على ذلك: القراءة في مجال التشريع الإسلامي، والاستفادة من خبرات الأساتذة والمتخصصات، وسوف تجدين من بينهم من يحملون هذا الهم، لكنهم بحاجة إلى همة الشباب من أمثالك.
لقد أسعدنا اهتمامك وسؤالك، ونؤكد لك أنك تستطيعين أن تفعلي الكثير، ونشرف بمتابعتك من خلال حياتك الدراسية والعملية والأسرية مع موقعك، ونكرر لك الشكر على الاهتمام والسؤال، ونسأل الله أن يغفر الذنوب، ويعيننا على تغيير الأحوال، وأن يطيل في طاعته الآجال، وأن يهدي الجميع لأحسن الأخلاق والأعمال، فإنه لا يهدي لأحسنها إلا هو.
والله ولي التوفيق.