أعاني من أفكار ووساوس تصل لحد الكفر بالله، ما نصيحتكم؟

0 287

السؤال

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته ..

أشكركم على الموقع الرائع، وجزاكم الله خير الجزاء.
قد أطيل عليكم نسبيا، وأدعو الله أن يخرجني من أزمتي.

كنت كبقية الشباب في بلدنا مصر، لا أعرف أن هناك نواقض للإسلام إلا التحول لدين آخر أو الشرك بالله فقط، ولما عرفتها اكتشفت أني كنت أمزح في الدين كثيرا، وكنت أجهل هذه الأمور، والمهم كان هذا عام 2009م، وبعدها ابتعدت عن هذه الأمور تماما.

المرة الأخرى كانت عام 2011م، جاءتني شبهة، هل صلاة الجمعة فرض؟ وهذا سؤال لا يقوله مسلم، فبحثت على النت، وبمجرد بحثي ندمت وبكيت بشدة، واعتبرت نفسي مرتدا، واغتسلت!

في هذا العام تجيئني يوميا مئات الأسئلة، وحديث النفس في الدين، وأفكر وأصبح كل ما يحدث في حياتي أفكر فيه، ويأتيني وسواس أكلم شخصا وأني أنادي هذا الشخص، وأقر أن الله على العرش ويأتيني وسواس للتفكير في شكل الله -والعياذ بالله- وتأتيني أسئلة، وأبحث عنها لا يقولها مسلم، هل الله ذكر أم أنثى؟ وهل المهدي نبي؟

كان هذا كله في عام 2011م، وبعد أن أصبحت أمارس عبادتي وحياتي بشكل طبيعي أتتني الوساوس هذا العام في كل كلمة أتكلمها، أظن أن بها استهزاء أو رضى بالكفر، أو حبا للحرام.

أصبحت أخاف أن أتكلم وأخشى الكلام، أقرأ القرآن وأخشى أن تنطبق آيات العقاب للكافرين علي، حاولت قراءة القرآن ووصلت للجزء 12، وتوقفت بعد صعوبة.

حالتي أفقدت من وزني 5 كيلو، وأصبحت لا أحس براحة مع زوجتي، كنت أسمع الأغاني، وبها سب للدهر، وأيضا أغاني بعنوان (أفتكرها ربنا) أو (مهما تحاولوا تطفوا الشمس أو ملاك حارس وزي الملايكة)، وأنا كنت أعلم سابقا حرمة سب الدهر، وحرمة كلمة أفتكرها ربنا، لكن كنت أكتبها في محرك البحث لسماع الأغنية، ولست متذكرا هل قلت الكلمة ورددتها أم لا؟!

بدأت الإقلاع عن الأغاني تماما ولكن كل لحظة، ودقيقة أتذكر كلمات أغنية كنت أسمعها بالماضي وأحزن وأصاب بالهم والغم وكلما أقلب التايم لاين أجد أغاني كنت أكتب كلماتها نقلا ووجدت اليوم كلمات كتبتها منذ عامين ذهلت عنها، معنى مجيء الدنيا صدفة، وهذا كفر أيضا.

تبت إلى الله من الأغاني، وكل لحظة أتذكر لفظا قلته في الماضي وأحزن، وأحتار هل هو محرم فقط أم كفر.

كنت أسب الصيف لظني أنه ليس سبا للدهر، حتى علمت الحكم، وأقلعت تماما.

جاءني تفكير أن الإيمان بالله هو فرض عين، ولكن جاء التفكير ليوهمني أن فرض العين تاركه آثم، بينما تارك الإيمان بالله كافر، فظللت أفكر وجاء التفكير أكيد هو درجة أعلى من فرض العين، وكتبت على النت الإيمان بالله فرض عين لأرى هل بحث أحد من قبلي أو لا؟ وتعبت جدا أصبحت أؤخر الصلوات وأترك بعضها عندما أشعر بأني كافر، أصبحت دائم النوم والأحلام.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ kariem حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

إنه ليسرنا أن نرحب بك في موقعك إسلام ويب، فأهلا وسهلا ومرحبا بك، وكم يسعدنا اتصالك بنا في أي وقت وفي أي موضوع، ونسأل الله جل جلاله بأسمائه الحسنى وصفاته العلى أن يرد عنك كيد شياطين الإنس والجن، وأن يثبتك على الحق، وأن يحبب إليك الإيمان، وأن يزينه في قلبك، وأن يبغض إليك الكفر والفسوق والعصيان، إنه جواد كريم.

وبخصوص ما ورد برسالتك -أخي الكريم الفاضل- فخلاصة هذا الموضوع أنك متعرض لضغط شديد من الشيطان الرجيم لإفساد علاقتك مع ربك، وهذا النوع من الضغط يسمى بالحرب الشبهات؛ لأن الشيطان يستعمل لإفساد الإنسان وسيلتين: وسيلة الشبهات ووسيلة الشهوات، أما عن الشهوات فهو أن يزين له المعاصي والفجور، من المعاصي المعروفة، كالكذب والغش والخداع والنظر المحرم، وغير ذلك من الكلام الذي تعرفه.

أما عن حرب الشبهات فهي مثل هذا الكلام، وأنت متعرض لحرب شديدة جدا من الشيطان تسمى بحرب الشبهات، فكل هذه شبهات يثيرها الشيطان في وجهك وأمامك، حتى يصرفك عن طاعة الله تعالى، وقد استطاع ونجح في كثير من الأحوال كما ورد في رسالتك.

الذي أحب أن أبينه لك والذي أطلبه منك -بارك الله فيك- أن تعلم بأن هذا كله لا يؤثر في عقيدتك، ما دمت أنت مؤمن بالله تبارك وتعالى حقا، وأنك تعلم أن الله تبارك وتعالى حق، فهذا الكلام كله لا اعتبار له ولا تشغل بالك به.

أنا أتمنى حتى تتخلص من هذه الأفكار السلبية أن تحاول -بارك الله فيك- أن تحقر هذه الأفكار، وألا تنتبه لها، الشيطان يفرح عندما يجعلك تقول أو تردد كلاما هو يريده، فحاول أن تخزيه وأن تحزنه وأن تضربه بالنعل على رأسه، وقل له: (أنا مؤمن حقا، ولست بكافر، ولن أكون كافرا أبدا بإذن الله تعالى)، ثم تتفل على الأرض وأن تمسح هذه التفلة بحذائك، وأن تقول له: (هذه الأفكار التي تلقيها في ذهني تحت نعلي، تحت حذائي وتحت قدمي، ولن أستجيب لك أبدا)، ثم تكثر من قولك: (أعلم أن الله على كل شيء قدير، وأعلم أن الله واحد لا شريك له).

كرر هذه الكلمات -بارك الله فيك- بين الحين والآخر، وكرر هذا الكلام، وأكثر من الاستعاذة بالله من الشيطان الرجيم، وأكثر من قراءة آية الكرسي، واقرأ خواتيم سورة الحشر، واقرأ بدايات سورة التغابن، وبدايات سورة الحديد، وأتمنى إذا جئت لتنام أن تنام على طهارة، وأن تظل تقرأ الأذكار حتى تغيب عن الوعي، واجتهد بأن لا تجعل هناك مساحات طويلة من الخلوة أو الفراغ في حياتك، وإنما املأ حياتك بالشيء النافع، ولا تجلس وحدك قدر الاستطاعة، وحاول أن تحافظ على الصلوات في أوقاتها، وأن تدع الله تبارك وتعالى أن يتقبلها منك.

اعلم أن هذه الحرب حرب لن تستمر طويلا، لأن الله معك، شريطة أن تلجأ إليه، وأن تستعيذ به، وأن تطلب منه أن يعينك وأن يساعدك على رد كيد الشيطان إلى نحره.

الله تبارك وتعالى أمرك أن تستعيذ به، ووعدك أنك إن استعنت به أن يمن عليك بالتمكين والرضا والرضوان، واعلم أن هذه الوساوس من الشيطان - وسواس الشبهات - وأنها حقيرة ويجب أن تستخف بها، ويجب ألا تهتم ولا تسترسل معها، وهذا هو جواب النبي -صلى الله عليه وسلم- عندما شكى إليه بعض الصحابة من ذلك، فقال -عليه الصلاة والسلام-: (الحمد لله الذي رد كيده إلى الوسوسة) يعني عندما عجز الشيطان أن يأتيك من جانب المعاصي والشهوات؛ أتاك من جانب الشبهات، وجانب الشبهات يتغلب عليه العبد بالتعلم والقراءة وتثقيف الإنسان نفسه، وأن تتعرف على الله أكثر، فمن عرف الله لا يضل، {إنما يخشى الله من عباده العلماء}، ولذلك قال -صلى الله عليه وسلم-: (ذاك صريح الإيمان).

أتمنى كما ذكرت لك أن تحقر هذه الأفكار تماما، وألا تنتبه لها، وألا تفكر فيها، وكلما جاءتك هذه الأفكار حاول أن تطاردها بكل ما أوتيت من قوة، فإذا كنت وحدك فاخرج من الغرفة وحاول أن تتكلم مع أحد من أهلك، أو أن تنظر من النافذة، أو تخرج خارج البيت، أو أن تشغل نفسك بقراءة كتاب أو جريدة أو مقال، أو أي شيء، المهم أول ما تشعر بهذه الفكرة تبدأ تهاجم أن تحاول أن تشتتها تماما، وأن تحتقرها، وأن تعلم أنها من كيد الشيطان الرجيم، وأنها ليست من أصل دينك، وأن دينك حق، وأنك على الحق، وأنك صادق في إيمانك، وأن الله يحبك... لا بد من إيصال هذه الرسائل لنفسك.

حاول -بارك الله فيك- أن تبحث عن صحبة صالحة، وأن ترتبط بمسجد من المساجد، وأن تستمع إلى بعض الدروس والمحاضرات، وأن تكثر من الاستعاذة بالله من الشيطان الرجيم، وأبشر بفرج من الله قريب.

هذا وبالله التوفيق.

++++++++++++
انتهت إجابة الشيخ / موافي عزب. مستشار الشؤون الأسرية والتربوية/ تليها إجابة د. محمد عبد العليم. استشاري أول الطب النفسي وطب الإدمان:

نرحب بك في إسلام ويب.
أجابك الشيخ موافي عزب - حفظه الله - حول ما تعاني منه، وأنا أود أن أضيف بعض الإضافات ومن منظور نفسي.

أيها الفاضل الكريم: قطعا الذي تعاني منه هو وسواس قهري، وساوسك ذات خاصية معينة، وهي أنها حادة، أنها شديدة، أنها منبثقة من معرفة فكرية عالية جدا، لذا كان وقعها شديدا على نفسك.

أخي الكريم: مقدراتك واضحة جدا، وأقصد بذلك مقدراتك المعرفية، ودرجة الانضباط عالية لديك، الانضباط في شخصيتك، محاولتك أن تكون مثاليا، وهذا قطعا جعل هذه الوساوس أكثر إطباقا عليك.

المبدأ العام لعلاج هذا النوع من الوسواس هو السعي لتجاهله، أعرف أن ذلك ليس بالسهل، لكن هنالك طريقة ميسرة جدا، وهي تناول الأدوية المضادة للوساوس القهرية، أو بالأحرى: تناول أحد هذه الأدوية، ويجب أن يكون ذلك بالتزام شديد.

الوساوس من مكوناتها الرئيسية القلق، والأدوية قطعا تزيل هذا القلق وتهشهش الفكر الوسواسي، مما يسهل عليك كثيرا تحقيره وتجاهله، والتفكير بصورة مختلفة تماما.

أيها الفاضل الكريم: لا تتردد ولا تحرم نفسك من نعمة العلاج الدوائي، لدينا ثلاثة أو أربعة أدوية كلها فعالة، وكلها مفيدة، وكلها ممتازة.

التبرير لتناول الأدوية قائم على أن الوساوس لها علاقة شديدة جدا باضطراب بعض المواد الكيميائية في الدماغ، هنالك مادة تسمى (سيروتونين Serotonin) وجد أنها تضطرب ويكون إفرازها غير منتظم، وهي قد تكون سببا في الوساوس، أو أنها قد لعبت دورا في استمرار الوساوس، وحين معالجتها وترتيبها وتنظيمها من خلال الأدوية ترجع الأمور إلى طبيعتها بإذن الله تعالى.

أرجو أن تذهب وتقابل طبيبا نفسيا، أنا متأكد أنه سوف يساعدك كثيرا ويصف لك الدواء المناسب، ومن أفضل الأدوية التي ننصح بها عقار يعرف تجاريا باسم (بروزاك Prozac) ويسمى علميا باسم (فلوكستين Fluoxetine) دواء رائع، دواء فاعل جدا.

أخي الكريم: في حالة عدم تمكنك من الذهاب إلى الطبيب يمكنك أن تتحصل على هذا الدواء من الصيدليات، ما دمت بعمر أكثر من عشرين عاما.

طريقة استعمال البروزاك هي أن تبدأ بعشرين مليجراما (كبسولة واحدة) في اليوم، تتناولها لمدة أسبوعين بعد الأكل، وبعد ذلك تجعلها كبسولتين في اليوم، وهي الجرعة العلاجية، وهي جرعة وسطية، تستمر عليها لمدة ستة أشهر، ثم تخفض الجرعة إلى كبسولة واحدة في اليوم لمدة ثلاثة أشهر، ثم كبسولة يوما بعد يوم لمدة شهر، ثم تتوقف عن تناول الدواء.

أيها الفاضل الكريم: الأدوات العلاجية والمسارات العلاجية الأخرى هي: تحقير الوسواس، تجاهل الوسواس، عدم مناقشة الوسواس، لأن الخوض في تفسيراته أو إخضاعه للمنطق أو تحليله أو تشريحه، هذا يؤدي إلى تشابك الوساوس، يؤدي إلى زيادة حدتها، وربما تظهر وساوس جديدة.

أخي الكريم: على المستوى الاجتماعي أريدك أن تكون شخصا فاعلا متواصلا، وأحسن إدارة وقتك، ممارسة الرياضة سوف تفيدك كثيرا، فاحرص عليها.

بارك الله فيك وجزاك الله خيرا، وبالله التوفيق والسداد.

مواد ذات صلة

الاستشارات