السؤال
السلام عليكم.
أنا فتاة عمري 17 سنة، أعاني منذ طفولتي من وسواس المرض, ما أن يصيبني ألم خفيف حتى أقلق جدا، وأبحث في الإنترنت، وأقرأ عن أمراض أخرى، ويصيبني القلق منها.
الوضع أتعبني جدا, الجميع يسخر مني؛ لأنني كثيرة الشكوى من نفسي، وأقلق على صحتي، وأخاف من الأمراض الخطيرة، وأي عرض غريب أشعر به لا أرتاح حتى أبحث عنه في الإنترنت, وإذا قرأت شيئا عن مرض خطير، يصيبني قلق لا يعلم به إلا الله.
والمشكلة أنني لا أستطيع الذهاب إلى الأطباء بشكل متكرر، فلا أحد يأخذ كلامي بجدية، الجميع يقولون: إنني موسوسة، وأكبر الأمور فقط، فما الحل؟ أفيدوني جزاكم الله خيرا، فنفسيتي تعبت جدا، وأخاف من المرض بشكل مخيف.
الإجابــة
بسم الله الرحمن الرحيم
الابنة الفاضلة/ سمر حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:
ما تعانين منه يعرف بتوهم المرض، أو الخوف من المرض، وأن صاحبه يكون كثير الشكوى من الأمراض البدنية، ويتردد على الأطباء بكثرة، وفي حالتك استعضت عن التردد على الأطباء بالتردد على مواقع النت المختلفة، لعلك تجدين تفسيرا أو إجابة لما تحسين به.
ما تحسين به هو اضطراب نفسي معروف، و-الحمد لله- أنك بصورة أو بأخرى عندك بصيرة فيما تعانين منه، أي أنك تعلمين - ولو بصورة جزئية - أن ما تعانين منه هو قلق وخوف من المرض، وليس خوفا من أمراض بعينها.
العلاج ليس بزيارة الأطباء والتردد عليهم وإجراء الفحوصات، العلاج ليس بأخذ أدوية بعينها، العلاج هو علاج نفسي سلوكي، وأول خطوات العلاج السلوكي هو:
- التوقف التام عن التردد على الأطباء، وعدم تكرار الفحوصات، وعدم الإطلاع على مواقع النت المختلفة، لماذا؟ لأن هذا يغذي الشعور والإحساس بالمرض، ولا يوقفه، كلما ترددت على طبيب اعتقدت أنه لم يكن موفقا في التشخيص، وبالتالي تذهبين إلى طبيب آخر، وتقومين بإجراء فحوصات فلا يظهر شيئا، فتذهبين إلى مختبر آخر، أو تصفحت في موقع على الإنترنت فلم يشف غليلك، اتجهت إلى موقع آخر، وبالتالي يغذي هذا الإحساس والشعور ويستمر، فالتوقف التام عن التردد على عيادة الأطباء، والتوقف عن إجراء الفحوصات والتصفح في مواقع النت هو أول خطوات العلاج.
- بقدر المستطاع انشغلي عن نفسك، ولا تنشغلي بنفسك، إنك في متقلب العمر، حاولي إيجاد هوايات متعددة وطرق للاسترخاء، ومن أكثرها هو التمارين الرياضية، المشي يوميا، أو إجراء تمارين خفيفة في منزلك يوميا يساعد على الاسترخاء البدني، ومن ثم الاسترخاء النفسي.
- عليك بالمحافظة على الصلوات وقراءة القرآن والذكر، فإنه أدعى إلى أن يجعلك مطمئنة وآمنة في نفسك، بأنه لن يصيبك إلا ما كتب الله عليك، فقراءة القرآن والذكر والصلاة تدعو إلى الطمأنينة، وبالتالي تخفف من الهم الذي تحسين به، قال تعالى: {الذين آمنوا وتطمئن قلوبهم بذكر الله ألا بذكر الله تطمئن القلوب} وقال تعالى: {ومن يتوكل على الله فهو حسبه} وقال: {قل لن يصيبنا إلا ما كتب الله لنا هو مولانا وعلى الله فليتوكل المؤمنون} وقال صلى الله عليه وسلم: (واعلم أن ما أخطأك لم يكن ليصيبك، وما أصابك لم يكن ليخطئك)، وقال صلى الله عليه وسلم: (عجبا لأمر المؤمن إن أمره كله له خير، وليس ذلك لأحد إلا للمؤمن، إن أصابته سراء شكر فكان خيرا له، وإن أصابته ضراء صبر فكان خيرا له).
إذا أفادتك هذه الأشياء فبها ونعمت، وإلا فيمكنك الاستعانة بمعالج نفسي متخصص لعمل جلسات نفسية، وعملية الاسترخاء بصورة منظمة.
وفقك الله وسدد خطاك.