ما زلت ألوم نفسي على أخطاء ارتكبتها في الطفولة.. كيف أغير ذلك؟

0 136

السؤال

السلام عليكم

أعاني من وسواس قهري في الأمور الدينية وأمور أخرى، ودائم التفكير والاكتئاب، وتزداد حدة هذه الوساوس وتقل بدون وقت محدد، وكانت البداية عندما تعرضت لمشكلتين كبيرتين في حياتي، ومرت الأيام، ولكن معاناتي باقية، وأصبحت فاشلا اجتماعيا، وأخشى التحدث أمام الناس.

مع العلم أني معلم لغة أجنبية، وكنت أتحدثها بطلاقة، وبدون خوف، ولكني الآن أخشى التحدث بها، وعندما أتحدثها أقع في أخطاء وأتلعثم؛ مما يسبب لي أخطاء ومشاكل في عملي، وبعدها أمضي وقتا طويلا في لوم نفسي على ارتكاب هذه الأخطاء في تحدث اللغة.

كذلك أتذكر مواقف قديمة منها منذ الطفولة، وألوم نفسى عليها بشدة؛ كل هذه الأشياء أثرت على حالتي النفسية وتواصلي مع الناس وقدراتي العقلية، وأثرت على الذاكرة والتركيز، ودائما أتعرض لمواقف محرجة بسبب ذلك كله، وألوم نفسي، وتزداد حالة الاكتئاب وهكذا.

عندما تعرضت للمشاكل في البداية منذ 3 سنوات ذهبت لطبيب نفسي، وتناولت أدوية لمدة 4 شهور منها( فافرين)، ولم أشعر بأي تقدم، فانقطعت عنها، ولكن في الفترة الأخيرة ازدادت الوساوس الدينية وغيرها؛ لدرجة أنها راودتني داخل المسجد الحرام أثناء تأدية فريضة الحج منذ أيام، وهذا يزيد عذابي المستمر.

أتابع صفحتكم منذ فترة ومن خلالها قررت تناول بروزاك منذ أسبوع كبسولة يوميا في الصباح، لكني أشعر بزيادة الاكتئاب، والسؤال: هل أوقف تناول بروزاك أم هي أعراض في الفترة الأولى وستزول؟ وما هي الطريقة المثلى لعلاجي؟

وشكرا جزيلا على مجهوداتكم العظيمة جعلها الله في ميزان حسناتكم.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ جمال حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

بارك الله فيك، وجزاك الله خيرا، وأسأل الله لك الشفاء والعافية والتوفيق والسداد.

أخي الكريم: الذي أراه بالفعل أن لديك بعض الوساوس الممتزجة ببعض المخاوف، خاصة الخوف الاجتماعي، وهذا أدى إلى ما نسميه بالاكتئاب الثانوي من الدرجة البسيطة.

إذا من حيث التشخيص حالتك واضحة جدا، وأقول لك -إن شاء الله تعالى- هي حالة بسيطة، يجب أن تكون لك الآليات والدفاعات النفسية الإيجابية التي تحقر من خلالها الوساوس وتتجاهلها بصورة مطلقة، ويجب ألا تناقش الوسواس، يجب ألا تحلل الوسواس، إنما تغلق أمامه تماما.

اتباع الوساوس مشكلة كبيرة جدا، أو التهاون في مقاومتها، والوسواس إذا أطبق وأصبح مزمنا يكون جزءا من حياة الإنسان، وتكون شخصيته سائرة على هذا النمط، بكل أسف مريض الوسواس القهري لا يقبل أبدا وجهة النظر الأخرى، وهذه إشكالية كبيرة جدا.

فيا أيها الفاضل الكريم: يجب أن تكون حازما جدا في التخلص من هذا الوسواس، وعلى النطاق الاجتماعي أريدك أن تكون أكثر ثقة في نفسك، لا تراقب أداءك - أيها الفاضل الكريم - ما تحس به من عثرات أو تلعثم هذا شعور ليس حقيقيا، أنا أؤكد لك أن مقدراتك موجودة، وأنت كنت معلما للغة أجنبية، وكنت مفوها وممتازا، فيا أخي الكريم: هذه المقدرات لم تذهب، هي موجودة، إنما الذي أتى هو التشكك حول مقدراتك، وهذا تتخلص منه من خلال بناء قناعات جديدة.

أخي الكريم: أرجو أن تكثر من النشاط والتواصل الاجتماعي: صلاة الجماعة فيها خير عظيم جدا للإنسان، ولك -إن شاء الله تعالى- أجري الدنيا والآخرة، وفي ذات الوقت تطور مهاراتك بصورة واضحة جدا.

عليك - أخي - بممارسة الرياضة، خاصة الرياضة الجماعية مثل لعب كرة القدم مثلا، ولا بد أن تكون لك خطط في هذه الحياة، ما الذي تريد أن تقوم به؟ ما هي أهدافك؟ ويجب أن تكون نافعا لنفسك ولغيرك، وتطور مهاراتك...؛ هذا كله -إن شاء الله تعالى- يعطيك المزيد من الثقة في نفسك، ويشرح صدرك، وهو نوع من المكافأة الداخلية لنفسك، وهذا مهم جدا.

بالنسبة للعلاج الدوائي: الـ (بروزاك Prozac) دواء رائع جدا، لكن يجب أن تصبر عليه. البناء الكيميائي لهذه الأدوية يتطلب وقتا، وكثير من الحالات لا يظهر عليها أي بوادر تحسن قبل ثمانية أسابيع من الاستمرار على الدواء وبالتزام كامل، فاصبر على الدواء - أخي الكريم - وبعد أسبوعين من الآن ارفع الجرعة إلى كبسولتين، حيث إنها هي الجرعة العلاجية المطلوبة في حالتك.

ويجب أن تضيف للبروزاك عقارا آخر بسيطا مضادا للقلق، اسمه (فلوناكسول Flunaxol) ويعرف علميا باسم (فلوبنتكسول Flupenthixol) وجرعته هي نصف مليجرام، تتناولها صباحا ومساء لمدة شهر، ثم حبة واحدة - أي نصف مليجرام - صباحا لمدة شهر آخر، ثم تتوقف عن تناوله.

أما البروزاك بجرعة الكبسولتين فيجب أن تستمر عليه لمدة أربعة أشهر على الأقل، ثم تخفضها إلى كبسولة واحدة في اليوم لمدة أربعة أشهر أخرى، ثم تجعلها كبسولة يوما بعد يوم لمدة شهر، ثم تتوقف عن تناول البروزاك.

وحقيقة إذا تواصلت مع طبيب نفسي مقتدر هذا سوف يكون فيه فائدة عظيمة جدا بالنسبة لك.

بارك الله فيك، وجزاك الله خيرا، وبالله التوفيق والسداد.

مواد ذات صلة

الاستشارات