السؤال
السلام عليكم
أنا شاب عمري (25) سنة، مصاب بحب الشباب منذ أن كان عمري (18) سنة، وبشرتي زيتية؛ تدر زيتا يسبب لي لمعانا مزعجا، ثم إن وجهي مليء بالحفر والبقع والخرائط والندب وغيرها من أوجه البشاعة! لقد نجح حب الشباب بإخراجي من الحياة الاجتماعية، وعقدني كثيرا، وحرمني من أشياء كثيرة كنت أفعلها لولاه.
كنت أظن أن لحب الشباب علاجا، وهو -كما تعلمون- لا علاج له، لذا ما فتأت أطبق كل الأدوية المقترحة، طبيعية أو طبية، وزرت أربعة أطباء، وكل طبيب أبقى معه حوالي ستة أشهر، فكذبوا علي، وخدعوني، وأعطوني أدوية تافهة كـ(دوكسي سيلين) و(أدابلين) وصابونة (مرسيليا) كل هذه الأدوية نفعت معي في أن زادت حالتي سوءا، فخسرت أموالي، وخسرت وقتي ومجهودي، وخسرت عقلي بأن صدقتهم في أن حب الشباب مرض يمكن علاجه، واليوم انقطعت عن العلاج، وأقسمت ألا أعود إليه أبدا.
أنا في حالة نفسية سيئة، وأريد أن أشفى من الزيوت المزعجة التي تملأ بشرتي، وتجعلها شاحبة ومدخنة، وكذلك من الحفر الصغيرة التي تجعله كالغربال، لكنني لا أستطيع؛ لأنني إذا ذهبت للأطباء يشترطون علاج حب الشباب –أولا-، ومن ثم علاج آثاره، وهم يعلمون أن هذا مستحيل، فكما هو معروف طبيا بأن علاج حب الشباب لا يعالج، بل ينبغي أن يترك حتى يزول عند انتهاء مرحلة الشباب، وتزول معه الرغبة في شفائه، ويزول كذلك السبب الذي يجعل المرء يسعى لشفائه من زواج أو من صداقات.
شكرا لكم.
الإجابــة
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ وليد حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:
حب الشباب من الأمراض الجلدية المزمنة التي تلازم المريض فترات طويلة، ويختلف نوع الإصابة سواء كانت: (حبوب حمراء، أو صديدية، أو رؤوس سوداء، أو بيضاء، أو تكيسات، أو غيرها) من شخص إلى آخر، و كذلك تختلف شدة الإصابة، ودرجة انتشار المرض، هل هو محدد في الوجه، أم منتشر في أماكن أخرى مثل الظهر والأكتاف والصدر، من مريض إلى آخر.
ويختلف العلاج بصورة كبيرة على حسب نوع الإصابة وشدتها، ودرجة انتشارها، وهل تترك هذه الحبوب أو الإصابات آثارا أو ندبا؟.
ليس صحيحا أن حب الشباب ليس له علاج، وعلى العكس توجد علاجات مختلفة كثيرة متدرجة في القوة منها الموضعي، ومنها الذي يتم تناوله بالفم، ويختار الطبيب العلاج المناسب لكل حالة على حدة على حسب نوع حب الشباب كما ذكرت في الفقرة السابقة.
أتصور أنك تعاني من بشرة دهنية، ومن نوع شديد من حب الشباب ترك آثارا وندبا بأشكال مختلفة، وأتصور أنه كان من المفترض أن تعالج بنوع أقوى من العلاجات المذكورة في سؤالك، ومن الممكن أن تراجع طبيبك المعالج، وسؤاله عن عقار يسمى ال (Isotrtinoin) وهو مشتق من فيتامين (أ) وهو علاج فعال ومفيد في حالات حب الشباب الشديدة، والتي تفشل العلاجات التقليدية في السيطرة عليها، وبالأخص التي تترك ندبا وآثارا بالجلد بعد الالتئام، وله العديد من الاستخدامات الأخرى، ولكن الاستخدام الرئيسي والمعترف به من هيئة الأدوية الأمريكية هو: أنه لعلاج الحالات الشديدة من حب الشباب (Nodulocystic acne).
ولكن لهذا العقار العديد من الآثار الجانبية والمحاذير والاحتياطات التي يجب الالتزام بها، ومناقشتها مع الطبيب بدقة قبل البدء في العلاج، وبالأخص تلك المتعلقة بالحمل؛ لأنه يسبب تشوها بالجنين إذا حدث حمل خلال فترة تناول العلاج، أو خلال شهر بعد التوقف عن استعماله، وقد يعطيك الطبيب كتيبا به المعلومات الوافية عن هذا العقار، وكذلك هناك زيارات للطبيب، وفحوصات دورية يجب عملها بصورة شهرية؛ للتأكد من أن الأمور تسير على ما يرام، وليس هناك تغيرات في كيمياء الدم، وبالأخص نسبة الدهون، وأنزيمات الكبد خلال فترة العلاج.
وإذا ما أقر الطبيب وصف هذا العلاج، فيجب أن تتناوله بالجرعة والمدة المقررتين، والجرعة اليومية تكون حسب وزنك، والمدة المقررة لاستعمال العلاج تكون في حدود ال(6) أشهر، وقد تتحسن بشكل ملحوظ في الأشهر الأولى من تناول العلاج، ولكن إذا توقفت عن استعماله مبكرا، فقد تعاود المشكلة في الظهور مرة أخرى، ولن يحدث العقار التغير المطلوب الدائم في إصلاح التقرن وحجم الغدد الدهنية بالجلد.
توجد علاجات كثيرة لمشكلة آثار حب الشباب، ويعتمد نوع العلاج على نوع الأثر، لوجود عدة أنواع من الندب التي من الممكن أن تحدث نتيجة الإصابة بحب الشباب، والعلاج في العادة يكون مبدئيا باستخدام بعض الكريمات الموضعية من مشتقات فيتامين (أ) مثل كريم (التريتينوين)؛ لأنه يحدث بعض التحفيز لإعادة تشكيل أو نمو طبقة الكولاجين بأنسجة الجلد، وله أيضا فائدة أخرى، وهي الوقاية من ظهور حبوب جديدة، ولا بد أن يكون استخدام تلك الكريمات مقرونا بالوقاية من الشمس، وتنظيف البشرة بشكل جيد، وإذا كان العلاج بتلك الكريمات غير كاف بمفرده لإحداث الأثر المطلوب، فيمكن إجراء بعض جلسات التقشير الكيميائي أو سنفرة الجلد السطحية، ويمكن أيضا العلاج ببعض أنواع الليزر، وتوجد أنواع متعددة من الليزر المخصص لعلاج الندب منها أنواع فعالة وذات تأثير سريع، ولكن لها العديد من الآثار الجانبية المحتملة، وتوجد أنواع أقل فعالية، وتحتاج إلى عدد أكثر من الجلسات، ومرور وقت طويل نسبيا حتى تكون هناك نتيجة حقيقية، وتلك الأنواع آثارها الجانبية أقل.
بعض أنواع الندب العميقة قد تحتاج إلى بعض الجراحات التجميلية البسيطة، أو حشو الجلد ببعض المستحضرات، ولذلك يجب زيارة طبيب الجلد؛ لتقييم نوع الندب، ومناقشة السبل والوسائل العلاجية المناسبة والممكنة للتخلص منها.
وأنت محق في أنه لا يمكن ولا يجب علاج آثار حب الشباب، وهناك نشاط في الوقت الحالي، ويجب العلاج الفعال في البداية، وإذا ما أقر طبيبك المعالج وصف العقار المقترح فيجب أن تنتهي من المدة المحددة، وأن تنتظر فترة ستة أشهر بعد التوقف عن تناول الدواء قبل الإقدام على علاج الآثار بالتقنيات المذكورة؛ حتى لا تحدث آثار جانبية غير محمودة.
ولو افترضنا أنك لم تستطع علاج حب الشباب، فهذا ليس معناه أنك تحرم نفسك من الحياة الاجتماعية التي يتمتع بها الجميع، فالناس لن تحكم عليك بسبب منظرك، بل بحسن أسلوبك، وجمال منطقك، فهذا الذي تعتقده أن حب الشباب فوت عليك كثيرا من فرص الزواج والصداقات غير صحيح، وفي اعتقادنا أنه وهم، حاول أن تحرر نفسك من الانغلاق وتمتع بالحياة وجمالها، ولا تركز كثيرا على هذه النقطة، ولا تجعلها القضية التي تؤرقك وتفسد عليك حياتك.
وفقك الله، وحفظك من كل سوء.