السؤال
السلام عليكم.
أعتقد بأني خنت صديقي المقرب، وخنت كل من يعرف أنني شخص جيد؛ لأنني لست كذلك، كان صديقي في الأساس هو من يشد دائما على ذراعي لأتقرب من الله عز وجل، وكنت أصلي لفترات، ثم أترك وأعود لأصلي، فأترك إلا أنني وحين التواجد معه كنت دائما أصلي في وقت تواجدي معه، ثم أعود لترك الصلاة، وكان يظن بي حسنا، وأني أصلي وأني تركت العادة السرية منذ زمن طويل إلا أنني لم أعد للصلاة إلا قبل شهر، ولم أترك العادة إلا قبل شهر، وكنت أفعل ذلك لأهميته بالنسبة لي، وخصوصا أنه دائما ما يعظني حول أمور دينية ودنيوية، ولم أرد أن أخسر هكذا صاحب، فقد كانت كل بداياتي بتشجيعه هو دون أن يعلم، هل يجب مصارحته بذلك؟ كيف لي أن أتصرف؟ وهل سيعاقبني الله على ذلك؟
الإجابــة
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ عاطف حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:
فردا على استشارتك أقول:
1-هذا الصفة كذب ونفاق وليس خيانة؛ لأن الشخص يكون في هذه الحال صاحب وجهين، وقد يقع البعض في الكذب مع أقرب الناس إليه، ومعلوم أن الكذب صفة مذمومة، وليست من صفات المؤمنين، والاعتياد عليها في غاية الخطورة كما قال عليه الصلاة والسلام: (ولا يزال الرجل يكذب ويتحرى الكذب حتى يكتب عند الله كذابا)، فعليك أن تقلع عن هذه الصفة الذميمة، وتفتح صفحة جديدة في حياتك عنوانها الصدق والتمسك بالدين.
2- حافظ على صديقك هذا، فهو صديق صادق وصالح، وهو خير من تصاحب قال تعالى: {الأخلاء يومئذ بعضهم لبعض عدو إلا المتقين} فوصف الله الأصدقاء بأنهم أعداء يوم القيامة إلا المتقين فليسوا بأعداء؛ لأنهم كانوا يأمرون بعضهم بعضا بالمعروف ويتناهون عن المنكر، وفي الآية تحذير من قرناء السوء؛ لأنهم يأمر بعضهم بعضا بالمنكر ويتناهون عن المعروف قال تعالى في المنافقين: {المنافقون والمنافقات بعضهم من بعض ۚ يأمرون بالمنكر وينهون عن المعروف ويقبضون أيديهم ۚ نسوا الله فنسيهم ۗ إن المنافقين هم الفاسقون}.
3- الصلاة عمود الدين وأهم ركن من أركان الإسلام بعد الشهادتين، وأول ما يحاسب عليه المرء بين يدي الله من الأعمال، وهي صمام أمان لبقية الأعمال فبصلاحها تصلح وبفسادها تفسد كما قال عليه الصلاة والسلام: (أول ما يحاسب عليه المرء يوم القيامة الصلاة، فإن صلحت صلح سائر عمله وإن فسدت فسد سائر عمله)، فحافظ على صلاتك، وإياك والتكاسل عن أدائها أو بعضها، فتلك من صفات المنافقين عياذا بالله، واحذر من أن يفاجئك الموت وأنت قاطع للصلاة، فالموت ليس بينه وبين أحد موعد محدد، حينئذ يود المرء أن يعود للدنيا ليعمل صالحا قال تعالى: {حتىٰ إذا جاء أحدهم الموت قال رب ارجعون لعلي أعمل صالحا فيما تركت ۚ كلا ۚ إنها كلمة هو قائلها ۖ ومن ورائهم برزخ إلىٰ يوم يبعثون}.
4- الأصل في التعامل بين الناس الظاهر؛ لأن الإنسان لا يعلم الغيب، فإذا كان قد انطلى على زميلك ما كنت تخادعه به فالله تعالى لا يمكن مخادعته، فهو يعلم السر أخفى، فعلى العبد أن يكون على يقين بهذا وأن يقوي إيمانه ومراقبته لله فالله تعالى يرى ويراقب ما يصنع عبده قال سبحانه: {الذي يراك حين تقوم وتقلبك في الساجدين}، ووكل بكل إنسان ملكين يكتبان جميع ما يعمل من خير أو شر:{وإن عليكم لحافظين كراما كاتبين يعلمون ما تفعلون}.
5- العادة السرية محرمة في الشرع قال تعالى: (والذين هم لفروجهم حافظون إلا علىٰ أزواجهم أو ما ملكت أيمانهم فإنهم غير ملومين فمن ابتغىٰ وراء ذٰلك فأولٰئك هم العادون)، فالعادة السرية من الابتغاء وراء ذلك، ثم إن للعادة السرية أضرارا جسيمة على مدمنها في الحال والمستقبل، وراجع ما كتبه الأطباء حول ذلك.
6- أكثر من نوافل الصوم، فذلك مما يحد الشهوة كما قال عليه الصلاة والسلام: (يا معشر الشباب من استطاع منكم الباءة فليتزوج فإنه أغض للبصر وأحصن للفرج ومن لم يستطع فعليه بالصوم فإنه له وجاء).
7- كونك بدأت في المحافظة على الصلاة شيء طيب ونعمة أنعمها الله عليك ودليل على توفيق الله لك فاستمر في هذا الطريق، ولا تصغ لوساوس الشيطان وقرناء السوء واعزم على المضي قدما لتحقيق مرضاة الله.
8- تب إلى الله تعالى توبة نصوحا مما فعلته فيما مضى، فالتائب من الذنب كمن لا ذنب له وأكثر من نوافل الصلاة والصوم وتلاوة القرآن وصاحب الأخيار الذين يدلونك على الخير ويعينونك عليه وفر من رفقاء السوء فرارك من الأسد.
9- منافع الجليس الصالح كثيرة وتؤثر في الشخص ولو بعد حين، وهذا ما استفدته أنت من هذا الصديق وصدق رسول الله صلى الله عليه وسلم حين قال: (مثل الجليس الصالح وجليس السوء كحامل المسك ونافخ الكير، فحامل المسك إما أن يحذيك، وإما ان تبتاع منه، وإما أن تجد منه ريحا طيبة، ونافخ الكير إما أن يحرق ثيابك، وإما أن تجد منه ريحا خبيثة).
10- لست بحاجة إلى أن تتكلم مع صاحبك هذا بما حدث منك كي لا تهتز صورتك عنده، ولكن عليك بعد التوبة بالصدق والاستقامة والمحافظة على الصلوات.
11- تضرع إلى ربك بالدعاء أن يصلح قلبك، ويثبتك على الدين، فقد كان النبي صلى الله عليه وسلم كثيرا ما يدعو: (يا مثبت القلوب، ثبت قلبي على دينك، قالوا : يا رسول الله، آمنا بك وبما جئت به، فهل تخاف علينا؟ قال: نعم، إن القلوب بين إصبعين من أصابع الله يقلبها).
أسأل الله تعالى أن يتوب علينا جميعا، وأن يثبت قلوبنا على دينه إنه سميع مجيب.