تعبت من الحياة وأشعر بالملل واليأس، ما توجيهكم لي؟

0 2

السؤال

السلام عليكم

مشكلتي أنني تعبت من الحياة، مللت ويئست، لا أعلم ما الذي جرى لي، وأشعر أني غير موفقة في حياتي، أتمنى شيئا ولا أحصل عليه.

حاولت أن أسعد نفسي بأبسط الأمور، حتى بالأشياء التافهة، لكنني لم أستطع، وأحاول أن أقنع نفسي بأن القادم أجمل، لكنني شعرت أن كل يوم يمر أقبح من اليوم الذي قبله، وتعبت كثيرا، ولا يوجد هدف أعيش لأجله.

مهمومة إلى أقصى درجة، ولست مقتنعة بحياتي أبدا، أتمنى شيئا، وإذا حصلت عليه أكرهه، وأبحث عن غيره، ولا أشعر بالنعمة إلا حين أفقدها.

كل وقتي يمر في الهم، وكأن هموم الدنيا كلها على ظهري، أنا منعزلة عن جميع الناس، لا صديقات لي، ولا أهل، ولا أحد يحبني، أحتاج إلى شخص يحبني، إلى من يساعدني في همومي.

أشعر أنني لا أعرف كيف أتصرف، دائما ما تواجهني مشكلة وأتصرف فيها تصرفا خاطئا، باتت حياتي كلها أخطاء، لأنني لا أعرف كيف أتعامل مع الأمور.

أشعر بالكسل والخمول، وغالب وقتي نائمة من كثرة التعب والمشاكل والقهر، أضيع وقتي في النوم.

أغار من الفتيات الأفضل مني، والغيرة باتت تقتلني، من شدة الغيرة، أفكر في الانتحار، أتمنى أن أعيش يوما واحدا فقط بلا غيرة، بلا نظرة قهر، أكره ذاتي، وأكره حياتي.

كل شيء ضاع من حياتي، أدرس بصعوبة شديدة، ونسبتي ودرجاتي ضعيفة.

صحتي تدهورت، وزني ازداد، بشرتي احترقت، أصبحت أنسى بسرعة، كأنني فقدت ذاكرتي.

خسرت كل شيء في حياتي، وأخاف أن يضيع مستقبلي أيضا.

قويت إيماني بالله، ولكن لا تزال الهموم والتعب والمشاكل والغيرة تقتلني، أريد أن أقتنع بالواقع، أريد أن أعيش بسعادة، الكل يعرف أنني لست سعيدة، لأنني لا أضحك أبدا، ويظهر على وجهي الحزن والهم، وأنني غير راضية عن حياتي.

كيف أضبط نومي؟ كيف أرتب وقتي؟ كيف أعيش؟ يمر اليوم كاملا دون أن أقدم فيه شيئا، كيف أعيش؟ كيف أنظم وقتي وحياتي؟
كيف أعيش وأنا مظلومة، وسجينة داخل البيت؟ كيف أذهب إلى طبيب نفسي؟ كيف أقنع أهلي بذلك؟ فكرت أن أشكو همومي للمرشدة المدرسية، لكنني أخشى أن تفضحني أمام المعلمات أو الطالبات، أو أن تشفق علي، وهي ليست طبيبة نفسية لتساعدني فعلا.

حسبي الله على أهلي، ضيعوني، قتلوني، أحرقوني، جننت بسببهم. أريد أن أعيش، أريد أن أعرف ما هذا المرض الذي حرمني من السعادة.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ عبير حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

شكرا لك على التواصل معنا والكتابة إلينا، بالرغم من صعوبة الوضع الذي تجدين نفسك فيه، فبالرغم من كل هذا من الواضح أنك غير راضية عن هذا الحال، وتتطلعين للتغيير الإيجابي نحو الأحسن، أعانك الله على تحقيق ما تتطلعين إليه.

كل إنسان يمكن أن يشعر في لحظة من لحظات حياته بأنه في وضع لا يحسد عليه، وبأن عليه التغيير، فلست وحدك ممن وصل لهذا الحال، وإن كان الكثير من الناس قد لا يتكلم أو يفصح عما يشعر به لأسباب متعددة نفسية واجتماعية، فما العمل المطلوب الآن؟

لا شك أن إدراكك لما جرى ويجري معك في حياتك، ومواجهة هذا الواقع بكل مصداقية، وكما هو واضح في رسالتك، لا شك أن هذا الفهم والإدراك سيعينك على التغيير والانتقال لحال أفضل، وربما مواجهة هذا الواقع بنفسية تحويل المحنة إلى منحة، والمشكلة إلى فرصة للتغيير، خذي –مثلا- كيف ضاقت السبل برسول الله -صلى الله عليه وسلم- وهو في مكة؟ فكانت الهجرة وكان من بعدها الفتح.

كثير من الناس يواجهون ظروفا قاسية صعبة، ويغلق الباب في وجههم، إلا أن أبوابا أخرى تفتح، وهناك أمثلة كثيرة على هذا من واقع الكثير من الناس، وكل هذا ممكن ولكن بشرط امتلاك النفس الإيجابية والمصممة على التغيير والانتقال لحال أفضل.

ثلاثة أمور يمكن أن تعينك كثيرا على هذا التغيير:
الأول: امتلاك هذه النفس الإيجابية، ومحبة هذه النفس التي بين جنبيك، ولامتلاك هذه النفسية الإيجابية، حاولي خلال الأيام والأسابيع القادمة أن تذكري نفسك بالإيجابيات الكثيرة الموجودة في حياتك، ولا تنظري لمجرد السلبيات، ولا شك أن لديك الكثير من الإيجابيات، والتي يمكنني أن أستشف بعضها من خلال رسالتك لنا.

الأمر الثاني هو: حسن الاستفادة من الوقت، وعدم تضييعه بالنوم وبما لا ينفع من الجهد، فحاولي الاستفادة من بعض الأوقات في الأعمال النافعة من الدراسة والمذاكرة، أو حتى ممارسة بعض الهوايات وخاصة الرياضة.

الأمر الثالث: الحديث مع المرشدة النفسية في مدرستك، وأبعدي عن نفسك فكرة أن "تفضحك" فليس هذا من تصرفات الأخصائية النفسية، والتي ستكون -إن شاء الله- عونا لك ومرشدة.

الأمر الأخير -والذي لا نستغني عنه-: اللجوء إلى الله تعالى، بالصلاة والدعاء وتلاوة القرآن، وطبعا كل هذا مع الأخذ بالأسباب، وكما ذكرت لك في الأمور العملية الثلاثة السابقة.

ما هو إلا وقت قصير حتى تشعري بالشمس تشرق من جديد، وتبدأ ثقتك بنفسك بالارتفاع والزيادة، مما يعينك على إحداث التغيير الذي تريدين.

وفقك الله، ويسر لك هذا التغيير، وإن شاء الله نسمع منك أخبارك الطيبة.

مواد ذات صلة

الاستشارات