أشعر بالوحدة والخوف من المستقبل ولا أعرف ماذا أفعل؟

0 191

السؤال

أنا شاب أبلغ من العمر 18 عاما، عانيت من الرهاب الاجتماعي منذ كنت في التاسعة من العمر، وقد عانيت كثيرا في مرحلة التعليم المتوسط، وسبب لي العزلة والانطواء، ولكن -الحمد لله- تخلصت منه بنسبة تسعين بالمائة في الثانوية.

كنت دائما أتطلع للأحسن، كما أنني أصبحت أمارس رياضة كمال الأجسام وارتفعت ثقتي بنفسي، كنت متحمسا لدخول الجامعة، عزمت أني لن أعود أبدا لأيام الماضي، كما أنني أحرقت جميع صوري القديمة.

بعد اجتيازي لامتحان شهادة البكالوريا حدث لي ما لم يكن في الحسبان، كان اليوم الثالث من شهر رمضان المبارك حيث كنت جالسا على مائدة الإفطار، وفجأة أصبحت أشعر بشعور غريب، أصبحت أشعر بشيء من نقص الواقعية وكأنني مشوش أو دائخ، لا أعرف كيف أصف الشعور بالضبط، لكنه شعور غريب، استمر معي الأمر طيلة شهر رمضان وطيلة الوقت، أصابني قلق شديد وذعر وحيرة، ولم أعرف ماذا أفعل، وكنت دائم التفكير، ودائما أتوقع الأسوأ، وأتذكر ما حدث لي في الماضي.

وبعد شهر رمضان تفاقمت علي الأمور حيث أصبحت تحدث لي أحاسيس غريبة مختلفة كليا.

أصبحت أشعر وكأنني لا أستوعب الدنيا من حولي أو كأنني لا أتقبلها، أصبحت أشعر كان الأحداث التي تحدث من حولي غريبة أو غير حقيقية، والله إنه شعور لا يطاق، لم أصارح أحدا بهذا الشعور، أنا أتحدث مع الناس، ولكنني أتقطع من الداخل وأحيانا أوشك على البكاء، لكنني أتمالك نفسي، لا أعرف ماذا أفعل؟

أستمر في كبت كل شيء داخلي، لكنني على وشك الانفجار، توقفت عن ممارسة رياضة كمال الأجسام، توقفت عن فعل كل شيء أحبه، أصبحت أقضي اليوم كله على الانترنت لكي أنسى، لكني سرعان ما أعود لعذابي عندما أخرج من المنزل.

فقدت شهيتي وخسرت الوزن أشعر أنني محطم، أشعر كأنني عانيت كثيرا منذ الصغر، لا أريد التألم بعد الآن، أحيانا أتمنى لو أن الزمن يرجع للوراء لأصحح أخطائي، والله لم أعد أحتمل، لماذا يحدث لي كل هذا مع أنني لا زلت في سن الثامنة عشرة.

أشعر بالوحدة والخوف، ولا أعرف ماذا أفعل، أحيانا أقارن نفسي بالآخرين وأشعر بالضعف، أحيانا أشعر أن حياتي تافهة، وأنني لن أفعل شيئا في مستقبلي، أرجوكم أفيدوني.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ وليد حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

لقد أسهبت في شرح ما تعانيه وما تحس به من أعراض مختلفة، وأنا أقول لك أنك ما زلت صغير السن، عمرك ثماني عشرة سنة وشخصيتك تكاد في مرحلة التكوين، وهذا سن المراهقة.

كنت أريد أن أعرف شيئا عن ظروفك الحياتية وظروفك الأسرية:
- هل والداك على قيد الحياة؟
- علاقتك مع والديك؟
- ما هي طبيعة العلاقة بينك وبينهما؟
- ما هي طريقة تربيتهما؟
- ما هي ظروفك الاجتماعية الأخرى: ظروفك الاقتصادية؟
- هل هناك أي مشاكل أسرية؟
- هل هناك أي ضغوط اقتصادية؟

هذه الأمور ضرورية في وضع الخطة العلاجية، وعلى أي حال: ما ذكرته أنت - إذا كان في السابق - أعراض للرهاب الاجتماعي وتخلصت منها - لأنك قلت أنك تخلصت منها بنسبة كبيرة - فالحمد لله - أو كانت الآن من أعراض تعاني منها من إحساس بالغرابة، وأحيانا تجمد في الإحساس، هذه الأشياء والأعراض التي ذكرتها ما هي إلا أعراض لقلق وتوتر نفسي، صاحبها شيء من أعراض الاكتئاب، كالشعور بالذنب لما فعلته، وعدم تذوق طعم للحياة الآن.

فترة المراهقة - يا بني - فترة حرجة، وبالرغم من أنها حصلت فجأة، إلا أنه من المعروف أن فترة المراهقة دائما تحدث فيها تقلبات مزاجية وصراعات داخلية لدى المراهق، وتحصل له تأرجح بين عدة قضايا.

على أي حال: ما تعاني منه في مجمله هو شيء من القلق والاكتئاب، وتحتاج إلى أن تقابل طبيبا نفسيا لكي يقوم بفحصك فحصا دقيقا، وليأخذ التاريخ المرضي والاستفسار عن الأشياء التي ذكرتها، ومن ثم فحص حالتك العامة العقلية، ومحاولة الوصول إلى التشخيص؛ لأنني شخصيا لامست أن هناك شيئا ما في شخصيتك أيضا، ويكون التشخيص المباشر هنا مهما جدا لوضع خطة علاجية، إما بإعطائك بعض الأدوية التي تساعد في علاج القلق، وفي علاج الاكتئاب، وإما بوضع خطة لجلسات نفسية لمعاونتك على التخلص من هذه الأشياء والانتظام في حياتك مرة أخرى.

وفقك الله وسددك خطاك.

مواد ذات صلة

الاستشارات