السؤال
السلام عليكم
أنا فتاة أرى الحياة بنظرة سوداوية، وأفكر بالانتحار، تعبت من نفسي، وتعبت من الحياة، والضغوطات الدراسية هي التي تجعلني أشعر بالاكتئاب، تحولت من فتاة مشعة ومرحة إلى فتاة كئيبة.
حاليا ليس لي أي اهتمامات مثل بقية البنات، أرى نفسي كجثة هامدة، تعبت من حمل الهموم، فشلت مرة واحدة، وأخاف أن تتكرر التجربة، أريد أن أموت حتى أرتاح من هذه الدنيا الفانية.
ساعدني يا دكتور، أنا أعلم أن الانتحار حرام، وأخاف كثيرا من عذاب الله للمنتحر، لكن لا أعلم لماذا أفكر هكذا! ساعدني يا دكتور أرجوك.
الإجابــة
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ حائرة حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:
ما تعانين منه لا يرقى بأي حال من الأحوال في أن تفكري في الانتحار، والانتحار حقيقة هو الحل البائس، الحل الذي لا يلجأ إليه إلا الأشقياء، وأنت لست منهم، الذي يقتل نفسه يئس وقنط من روح ورحمة الله، ولا يقنط من رحمة ربه إلا القوم الضالون، ولا ييأس من روح الله إلا القوم الكافرون.
عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: شهدنا مع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - خيبر، فقال لرجل ممن يدعي الإسلام: (هذا من أهل النار)، فلما حضر القتال قاتل الرجل قتالا شديدا فأصابته جراحة، فقيل: يا رسول الله الذي قلت إنه من أهل النار فإنه قد قاتل اليوم قتالا شديدا، وقد مات، فقال - صلى الله عليه وسلم -: (إلى النار) فكاد بعض الناس أن يرتاب؛ فبينما هم على ذلك إذ قيل إنه لم يمت ولكن به جراحا شديدا، فلما كان من الليل لم يصبر على الجراح فقتل نفسه: فأخبر النبي - صلى الله عليه وسلم - بذلك، فقال: (الله أكبر، أشهد أني عبد الله ورسوله)، ثم أمر بلالا فنادى في الناس: (إنه لا يدخل الجنة إلا نفس مسلمة، وإن الله ليؤيد هذا الدين بالرجل الفاجر).
عن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: (من تردى من جبل فقتل نفسه فهو في نار جهنم يتردى فيه خالدا مخلدا فيها أبدا، ومن تحسى سما فقتل نفسه فسمه في يده يتحساه في نار جهنم خالدا مخلدا فيها أبدا، ومن قتل نفسه بحديدة فحديدته في يده يجأ بها في بطنه في نار جهنم خالدا مخلدا فيها أبدا).
ذكرت هذين الحديثين الصحيحين لأعلمك بشاعة التفكير في الانتحار، وأن مآله شقاء ما بعده شقاء، وانتقال من فشل أكاديمي - أو غيره - إلى شقاء أبدي.
الفشل الأكاديمي - أيتها الفاضلة الكريمة - أمر وارد في حياة الناس، والإنسان يمكن أن يستدرك، ويمكن أن يصحح مساره، فأن تجعلي الفشل الدراسي سببا للانتحار أو التفكير في الانتحار هذا سبب واه جدا، ويجب أن تحاسبي نفسك على هذا، يجب أن تدخلي على نفسك أفكارا منطقية جديدة أن الأمر ليس بهذه البشاعة وليس بهذا السوء، حتى وإن فشلت أو تدهور مستواك الدراسي، هذا يمكن تصحيحه كما ذكرت لك.
أنا أريدك أن تبدئي بداية جديدة، أولا: يجب أن تثقي في مقدراتك، ويجب ألا تتأسفي أو تأسي على الماضي، ويجب ألا تخافي من المستقبل، واعرفي أن الله تعالى قد حباك بطاقات عظيمة، بطاقات وخبرات قد تكون مختبئة، وبشيء من الإصرار والتوكل والعزيمة يمكن إخراج هذه الطاقات والاستفادة منها، {إن الله لا يغير ما بقوم حتى يغيروا ما بأنفسهم}.
أول ما أنصحك به هو الحرص على الصلاة في وقتها، فالصلاة - أيتها الفاضلة الكريمة - فيها تفريج للكرب والهموم، وتعلمك حسن إدارة الوقت، وتهون عليك الكثير من هموم الدنيا.
ثانيا: عليك ببر والديك، هذا أيضا يفتح لك كل أبواب الخير.
ثالثا: كل المطلوب منك هو النوم الليلي المبكر، ثم الاستيقاظ لصلاة الفجر، ثم الدراسة لساعتين قبل أن تذهبي إلى المدرسة أو الجامعة التي تدرسين بها. إذا تكونين قد بدأت بداية صحيحة، واستفدت استفادة كاملة من فترة الصباح، والإنسان حين يستيقظ من النوم الجميل والعميق تكون خلايا الدماغ في حالة استقرار وترميم مما يسهل عليه الاستيعاب، وحين تبدئين هذه البداية وبعد ذلك تذهبين وتحضرين الدروس، ثم تعودين وتأخذين قسطا من الراحة، ثم ترفهين عن نفسك بشيء طيب وجميل، ثم تذاكرين مرة أخرى لمدة ساعتين أو ثلاثة، أعتقد أن ذلك يكفي تماما لأن تتحصلي على أعلى الدرجات.
إذا الموضوع يتطلب منك شيئا من التنظيم البسيط، وشيئا من استدراك أهمية العلم، ويتطلب منك الثقة في مقدراتك، ومقدراتك موجودة جدا.
أنا أريدك حقيقة أن تفكري في المستقبل بإيجابية، اجعلي لنفسك خططا وبرامج، يجب أن يكون لديك مشروع عمر، وهو: أن تكوني من المتميزات ومن المتفوقات.
أيتها الفاضلة الكريمة: أنت لست في مصيبة، أنت لست في كدر، أنت لست في كرب، كل الذي بك هو تفكير سلبي، والتغيير يأتي منك أنت، و-إن شاء الله تعالى- سوف تقومين بذلك.
بارك الله فيك وجزاك الله خيرا، وبالله التوفيق والسداد.