السؤال
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
عمري 22 سنة، ومشكلتي أنها تأتيني دوخة غريبة، لا أشعر بالدوار، ولكني أشعر كأني سوف أسقط على الأرض، وتأتيني كتمة، وأحس بعدم وجود أكسجين حولي، وأحس بتشتت وعدم تركيز وعدم اتزان في المشي لمسافات طويلة، وأحيانا أشعر بقرب المنية، وأني سأموت!
هذه الأعراض تأتيني غالبا في صلاة الجماعة الطويلة وفي السيارات المغلقة، وأحيانا يصاحب الأعراض نزول عرق وزيادة ضربات القلب، وهذه الأعراض أتتني أيضا عندما كنت صغيرا، وكان عمري 12سنة، فتجاهلتها، وبعد عدة شهور اختفت من من تلقاء نفسها دون أي علاج.
مع العلم أن الأعراض لا تأتيني عند النوم وممارسة الرياضة، بل أكون طبيعيا.
ذهبت لطبيب قلب، وقال: قلبك سليم، وذهبت إلى طبيب أذن وأنف وحنجرة، وقال: أنت سليم، وذهبت لطبيب الباطنية، فقال: كل شيء سليم، وضغط الدم طبيعي، ووجد أن عندي زيادة في الدم، وقال: إن ما تعاني منه، هو بسبب زيادة الدم، إذ كانت 124% 1.86، وطلب مني أن أتبرع بالدم، وسوف أرجع لوضعي الطبيعي، وعملت تحاليل دم، وأظهرت النتائج كلها أني سليم، إلا أن هناك زيادة في الدم فقط.
هل زيادة الدم تسبب الأعراض التي ذكرتها؟ وهل يوجد لدي حالة نفسية؟ مع العلم أني قرأت استشارات في موقعكم، فوجدت أن هنالك أعراضا تشابه أعراضي.
ﺃﺭﺟﻮ ﻣﻨﻜﻢ نصحي ﻭﺗﻮﺟﻴﻬﻲ، ﻣﻊ ﺍلعلم أن ﻣﻦ ﺣﻮﻟﻲ ﻟﻢ ﻳﻼﺣﻈﻮﺍ ﻋﻠﻲ أي توتر أو قلق، وأعيش حياتي بشكل عادي؛ أدخل وأخرج وأعمل، ولم أستسلم للأعراض، لكنها تزعجني وتتعبني.
ساعدوني حتى أرجع لطبيعتي وأستمتع بحياتي مثل باقي الناس، وأسعد من هم حولي.
علما أني أبحث كثيرا عن الأمراض النفسية والعضوية في الإنترنت، حتى أصبح إدمانا؛ كل يوم أبحث عنها، وإذا حصل لي أي شيء أكتب أعراضي، وأبحث عن المشكلة في الإنترنت، فهل هذه نقطة إيجابية أم سلبية؟
وفقكم الله، وجعل ما تقدمونه في ميزان حسناتكم، وجزاكم الله خيرا.
الإجابــة
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ محمد حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:
نشكرك على الثقة في إسلام ويب.
الذي تعاني منه هو حالة نفسية ولا شك في ذلك، بالرغم من أن أعراضك كلها في معظمها أعراض جسدية، إلا أن الجانب النفسي أيضا واضح، فالذي لديك هو نوع من قلق المخاوف الذي يشتد عليك أثناء صلاة الجماعة، وكذلك في السيارات المغلقة. وظهور الأعراض الجسدية مثل تسارع ضربات القلب والشعور بالكتمة والدوخة؛ هذا مما هو معروف عن قلق المخاوف.
الذي أراه هو أن يتم علاج حالتك عن طريق الأدوية المضادة للمخاوف، وأن تسترشد ببعض التعليمات السلوكية، وأن تكثر من التواصل الاجتماعي، وأن تمارس الرياضة.
التبرع بالدم أراه عملا خيرا ورائعا وجيدا، فأقدم عليه قبل أن تبدأ في تناول الدواء النفسي.
إن ذهبت إلى الطبيب، فهذا يطمئنك كثيرا، ويقلل -إن شاء الله تعالى- من المخاوف.
الإكثار من الاطلاع على المعلومات الطبية يؤدي إلى المزيد من القلق والشكوك والوساوس والخوف، وكما هو معروف فإن المعلومات التي تنشر ليست كلها دقيقة.
العلاج السلوكي يقوم على مبدأ: عدم الاكتراث للخوف، والتقليل من شأنه، وتحقيره، والقيام بفعل الضد.
ركوب السيارة تبدؤه دائما بدعاء الركوب، وتأخذ نفسا عميقا، وتتوكل على الله، وتسير بالسيارة كما يسير بها بقية الناس، واعرف أنه لن يصيبك مكروه -إن شاء الله تعالى-، وردد قوله تعالى: {قل لن يصيبنا إلا ما كتب الله لنا، هو مولانا، وعلى الله فليتوكل المؤمنون}.
الإصرار على صلاة الجماعة والحرص عليها في مساجد مختلفة يزيل من قلق المخاوف. وأنا أؤكد لك أنه لن يصيبك مكروه، فالخفقان، والضربات، والشعور بالدوخة؛ لن تفقدك السيطرة على الموقف، هذا مؤكد.
ممارسة الرياضة الجماعية أيضا فيه فائدة ونفع كبير جدا لهذا النوع من المخاوف.
إذا أريدك أن تذهب إلى الطبيب النفسي ليعطيك المزيد من الإرشاد، وليدربك على تمارين الاسترخاء، وفي ذات الوقت يصف لك أحد الأدوية المعروفة بفائدتها في علاج المخاوف، ومن أفضلها عقار يعرف تجاريا باسم (زولفت Zoloft)، ويسمى علميا باسم (سيرترالين Sertraline)، وكذلك عقار يعرف تجاريا باسم (زيروكسات Seroxat)، ويسمى علميا باسم (باروكستين Paroxetine)، وآخر يعرف تجاريا باسم (سبرالكس Cipralex)، ويعرف علميا باسم (استالوبرام Escitalopram)، أي واحد من هذه الأدوية سيكون مفيدا جدا بالنسبة لك.
الالتزام التام بتناول الدواء حسب الوصف وللمدة المطلوبة؛ دائما يأتي بنتائج رائعة جدا.
أيها الفاضل الكريم، الخوف من الموت أو الشعور بدنوه يتم التعامل معه من خلال المفاهيم الشرعية الصحيحة. الخوف الشرعي من الموت مطلوب، والخوف المرضي مرفوض، الخوف الشرعي يعلم الإنسان، ويجعله قوي الإرادة في أن يعمل لما بعد الموت.
إذا حقر الفكرة المرضية، واستمسك بالفكرة الشرعية، واعرف أن الخوف من الموت لا يزيد في عمر الإنسان ولا ينقص فيه، وأن لكل أجل كتابا، وأن كل حي ميت، {كل نفس ذائقة الموت وإنما توفون أجوركم يوم القيامة}.
بارك الله فيك، وجزاك الله خيرا، وبالله التوفيق والسداد.