أقف على أبواب الطلاق بعد عقد القران ولا أعلم كيف أتصرف

0 302

السؤال

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

أشكركم على هذا الموقع الأكثر من رائع، جعل الله ما تقومون به في ميزان حسناتكم.

أنا فتاة أبلغ من العمر (27) سنة، تم عقد قراني في شهر أبريل من هذا العام، قبل عقد القران في فترة الخطوبة اتفقت مع زوجي على مجموعة من الأمور لأنني موظفة، وحتى لا نقع في المشاكل -والحمد لله- تم الاتفاق على كل الأمور، ولم يعترض أحدا منا.

بعد عدة أشهر من عقد القران بدأ يتراجع في قراراته، بدأت تظهر لي معالم شخصيته الحقيقية، كنت أتنازل حتى يستمر الزواج، ولكنني لم أستطع تقبل كل الأمور، فبدأت أرفض وقلت له كان يجب عليك أن تكون صريحا منذ البداية، وما هي إلا مدة قليلة حتى وصلني منه استدعاء الطلاق، كانت صدمة لي ولأسرتي، عائلته قطعت الاتصال، ولم يتدخل أي أحد منهم لشرح ما وقع، حتى هو نفسه.

بطلب منه انتقلت من مكاني الذي كنت أعمل فيه لألتحق بمكان عمله للاستقرار هناك، تم إشهار زواجي، ولا يزال الأصدقاء يباركون زواجي، وأنا الآن على أبواب الطلاق، جرح قلبي عميق، أشعر بالظلم وأبكي وأطلب الله أن يفك كربتي، أعلم بأن ما يحصل خير لي لأنني استخرت الله، ولكن ما حصل لي له وقع كبير في نفسي، إحساس لا يوصف وألم كبير، كيف أتجاوز ما وقع لي؟ وكيف أعيد ترتيب حياتي من جديد؟

للإشارة فقط: لا زلت بكرا لأن مراسم الزفاف لم تتم، وشكرا.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ بسمة حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

فردا على استشارتك أقول:

1- المؤمن مبتلى في حياته كلها في السراء والضراء قال تعالى: {ونبلوكم بالشر والخير فتنة ۖ وإلينا ترجعون}، وقال عليه الصلاة والسلام: (عجبا لأمر المؤمن إن أمره كله له خير إن أصابته سراء شكر فكان خيرا له وإن أصابته ضراء صبر فكان خيرا له وليس ذلك إلا للمؤمن)، ولعلكم تعجلتم فلم تتأكدوا من صفات هذا الرجل، وهل توفرت فيه الصفات المطلوب توفرها في الزوج، وأهمها الدين والخلق.

2- كوني على يقين أن هذا الأمر مقدر لك، وأن كل أمور الكون تسير وفق قضاء الله وقدره، قال تعالى: {إنا كل شيء خلقناه بقدر}، وقال نبينا -عليه الصلاة والسلام-: (لما خلق الله القلم قال له اكتب قال وما أكتب قال اكتب ما هو كائن إلى يوم القيامة)، والمؤمن يؤمن بقضاء الله وقدره، فهو ركن من أركان الإيمان، ويرضى بذلك، ولا يتسخط، فمن رضي فله الرضا ومن سخط فله السخط، يقول -عليه الصلاة ولسلام-: (إن عظم الجزاء مع عظم البلاء. وإن الله، إذا أحب قوما ابتلاهم. فمن رضي، فله الرضا. ومن سخط، فله السخط).

3- لقد أحسنت حين اشترطت شروطك قبل عقد قرانك، وما تم عقد القران إلا بعد ما تمت الموافقة على الشروط من الجانبين، فما كان أوله شرط كانت آخرته سلامة كما يقال.

4- أحق الشروط بالوفاء ما استحلت بها الفروج كما قال -عليه الصلاة والسلام-، ونقض تلك الشروط وما اتفقتم عليه ليس من أخلاق المؤمنين فالمؤمن إذا عاهد وفى.

5- لا تحزني فلعل الله صرف عنك شرا ما كنت تتوقعينه، فالله تعالى قد يصرف عن عبده أمرا لما فيه من الشر ولو كان العبد يحبه لكونه لا يعلم الغيب، وأنت قد صليت صلاة الاستخارة، فاختار الله لك ذلك وصدق الله إذ يقول: {وعسىٰ أن تكرهوا شيئا وهو خير لكم ۖ وعسىٰ أن تحبوا شيئا وهو شر لكم ۗ والله يعلم وأنتم لا تعلمون}.

6- تضرعي إلى ربك بالدعاء وأنت ساجد وفي أوقات الإجابة أن يرزقك الله بالزوج الصالح الذي يسعدك في حياتك.

7- إياك أن تؤثر هذه الحادثة على حياتك، بل اجعليها نقطة انطلاق نحو الأفضل -بإذن الله-، فمارسي حياتك بشكل طبيعي، فأنت -إن شاء الله- عندك من الصفات ما تؤهلك لذلك، وانظري لمن أصيب بأعظم من مصيبتك، كالتي طلقها زوجها بعد أسبوع من زفافها مثلا، أو من طلقها بعد حملها بستة أشهر، فذلك سيخفف عليك مصابك.

8- لا تيأسي من روح الله، فالزواج رزق مقسوم، وسوف يأتيك رزقك في الوقت الذي قدره الله لك، وستحصلين على رزقك مهما كانت العقبات أمامك، ومن ليس من نصيبك فمهما بذلت من أسباب فلن تحصلي عليه.

9- ادع الله بالدعاء المأثور اللهم اجرني في مصيبتي واخلف لي خيرا منها، وكوني على يقين باستجابة الله لك، وأنه سيخلفك خيرا مما فقدت، لقول النبي -صلى الله عليه وسلم- : (ما من عبد يصاب بمصيبة فيقول: إنا لله وإنا إليه راجعون، اللهم آجرني في مصيبتي وأخلف لي خيرا منها، إلا آجره الله في مصيبته وأخلف له خيرا منها)، ولك أسوة بأم سلمة حين مات زوجها ودعت بهذا الدعاء عوضها الله برسول الله -صلى الله عليه وسلم-.

10- عليك بالصبر وقول إنا لله وإنا إليه راجعون، كي تؤجري في مصيبتك يقول تعالى: {وبشر الصابرين*الذين إذا أصابتهم مصيبة قالوا إنا لله وإنا إليه راجعون*أولئك عليهم صلوات من ربهم ورحمة وأولئك هم المهتدون}.

11- احمدي الله الذي كشف لك شخصية زوجك قبل الدخول بك ولو اكتشفت ذلك بعد لكان مصابك أعظم.

12- أكثري من الاستغفار والصلاة على النبي -صلى الله عليه وسلم- فهما من أسباب تفريج الكروب والهموم كما قال عليه الصلاة والسلام: (من لزم الاستغفار جعل الله له من كل هم فرجا ومن كل ضيق مخرجا)، وقال للذي قال له إذا أجعل لك صلاتي كلها قال: (إذا تكف همك).

13- أجيبي استدعاء الطلاق وانظري ما المطلوب، فإن كنت قادرة على التنازل وتلبية طلباته فذاك، وإن لم تكوني قادرة على تنفيد طلباته فأنت لم تطلبي الطلاق بل هو من يريده فليطلق، وأنت تستحقين شرعا نصف المهر الذي كنتم قد اتفقتم عليه لقول الله تعالى: {وإن طلقتموهن من قبل أن تمسوهن وقد فرضتم لهن فريضة فنصف ما فرضتم إلا أن يعفون أو يعفو الذي بيده عقدة النكاح ۚ وأن تعفوا أقرب للتقوىٰ ۚ ولا تنسوا الفضل بينكم ۚ إن الله بما تعملون بصير}، إلا أن تتنازلوا عن حقكم.

أسأل الله تعالى أن يفرج همك وأن يختار لك ما فيه الخير.

مواد ذات صلة

الاستشارات