السؤال
السلام عليكم ورحمة الله
أنا ولد عمري (15) سنة و(6) أشهر، أعاني من بعض المشاكل، وهي:
1- إن طولي قصير بالنسبة لأصدقائي؛ حيث أنه (153) سم.
2- أعاني من السخرية من بعض الأشخاص الذين لا أعرفهم، ويستضعفني الجميع.
3- إن صوتي ليس خشنا.
السؤال هو: هل سأطول وأصير مثل هؤلاء الأولاد؟ مع العلم أني دخلت مرحلة البلوغ. وهل ستزيد قوتي؟
مع العلم أني طرحت السؤال سابقا، ولم تتم الإجابة عليه. وأنا أعاني من مشاكل نفسية بسبب هذا الكلام.
وشكرا لكم.
الإجابــة
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ ahmed حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:
مرحبا بك في استشارات الشبكة الإسلامية، ونتمنى لك دوام الصحة والعافية.
ابننا العزيز: سأركز في إجابتي على الآثار النفسية الناتجة عن تكوين الصورة الذاتية لجسمك ولنفسك، خاصة ما يتعلق بصفة القصر؛ لأن بقية أسئلتك أجاب عليها الدكتور عطية إبراهيم محمد في استشارتك السابقة رقم (2293476).
أقول لك: إن صفة القصر ليست من الصفات الذميمة حتى تتضايق منها بهذه الدرجة، بل ربما تكون من الصفات المحمودة في مجتمعات أخرى، فالضيق الناتج عن سخرية من حولك من الناس لا داع له؛ لأن المعيار الصحيح هو التقوى، وليس الطول والقصر، فالمولى -عز وجل- لا ينظر إلى صورنا ولا إلى أشكالنا، إنما ينظر إلى قلوبنا كما تعلم.
نريدك أن تسلم لأمر الله، وتفتخر بما أعطاه الله لك من طول، واشكره على ذلك؛ لأن الكثير من الناس يتمنى مثل طولك هذا، ومثل وزنك هذا، فتصور حالك إذا كنت من الأقزام.
لا تفكر في الموضوع كثيرا، وتجعله شغلك الشاغل، بل تفرغ لما هو أفيد وأصلح لك في هذه الدنيا.
لذلك ينبغي أن تعلم أن المقاييس والمعايير التي تستخدمها أنت والذين من حولك في تقدير شخصيتك غير صحيحة وفقا لقيمنا الإسلامية، فالعبرة -ابننا العزيز- ليس بالمظهر ولا بالطول أو متانة الجسم، وإنما بالتقوى -كما تعلم- وبالأخلاق الفاضلة، فرب أشعث أغبر لو أقسم على الله لأبره.
انظر إلى قصة الصحابي الجليل عبد الله بن مسعود كان رجلا نحيفا قصيرا، وكانت قدمه تتعرى إذا صعد النخل لجلب التمر لرسول الله -صلى الله عليه وسلم-، ومرة ضحك الصحابة لدقة ساقيه, فقال رسول الله -صلى الله عليه وسلم: (لرجل عبد الله أثقل في الميزان يوم القيامة من جبل أحد).
إن الله يرفع بكتابه أقواما ويضع به آخرين، فها هو ابن مسعود -رضي الله عنه- الذي كان راعيا للغنم لبعض علوج مكة، والذي لم تكن له قيمة ولا شأن، لكن ما إن شرح الله صدره للإسلام، وإذا به يتبوأ مكانا عاليا بين الناس، حتى إن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- كان يسمع منه القرآن، وما زال يزداد علما، ويزداد رفعة حتى صار وزيرا لبيت المال في الكوفة، وأستاذا ومعلما لأهلها، يتفاخر الناس بالتتلمذ على يديه -رضي الله عنه وأرضاه-.
فلنأخذ العبرة والقدوة من هذا المثل الرائع؛ لكي تتغير مقاييسنا ونظرتنا لأنفسنا، وبالتالي ستتغير نظرة الآخرين لنا.
ونذكرك بأن الله تعالى أنعم عليك بصفات أخرى يتمناها كثير من الشباب؛ فاحمد الله عليها، وانظر إلى كثير من الأمثلة والنماذج من العلماء، والمفكرين، والرؤساء، والحكماء، والمبدعين لم يثنهم قصر قامتهم عن النجاح والتفوق والإنجازات في هذه الحياة.
وفقك الله تعالى وجعلك من البارين.