السؤال
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
أنا إنسانة أحب المذاكرة والاجتهاد، ولكن مشكلتي عدم التركيز، يمكنني حفظ 30 صفحة من غير تركيز، المهم أحفظ.
وعندي مشكلة: أني أضغط نفسي، أفعل كل شيء في نفس الوقت.
كيف أعمل خطة وألتزم بها، وأطور من نفسي من غير أن أتوقف؟
وجزاكم الله خيرا.
الإجابــة
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ سارة حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:
شكرا لك على الكتابة إلينا بهذا السؤال، والذي له جانبان: الانتباه، والتذكر أو الحفظ.
فالانتباه أولا يعرف بأنه عملية توجيه وتركيز للوعي في منبه ما، وهو يعد مقدمة ضرورية لوضوح الإدراك باعتباره عملية تأويل لهذا المنبه.
وللانتباه ثلاث ميزات هامة:
• يحسن المعالجة العقلية، فمن خلال الانتباه يمكن أن نميز الأشياء، ونوضح الصورة التي نريد إدراكها وفهمها.
• يستنزف الجهد، فالتركيز الطويل قد يتعب الفرد، ويستنزف قواه، ولذلك فهناك قصر مدى الانتباه الذي نستطيع فيه التركيز في مثير محدد، وخاصة أن الدماغ يحتاج لتدفق كمية زائدة من الدم أثناء الانتباه.
• المحدودية: فعندما نركز على شيء، فإننا لا نستطيع التركيز لمدة طويلة، ولا نتمكن من التركيز على عدة أمور في وقت واحد.
ومن أنواع الانتباه:
• النوع الذي يتماشى مع رغباتنا، فالإنسان يختار أن يركز على ما يريد أن ينتبه إليه، وقد يتجاهل الأمور الأخرى، فحاولي: التركيز على ما تريدين حفظه.
• الانتباه القسري: عندما ندفع، ولعدة أسباب خارجة عن إرادتنا بالتركيز والانتباه على أمور لا نريد أن ننتبه إليها.
• الإرادي: ففي نفس الوقت، يمكننا أن نختار الأمور أو الأشياء التي نود التركيز عليها والانتباه إليها.
توزيع الانتباه: إن الفرد لا يعطي إلا القليل من الانتباه للمعلومات التي يسمعها بالأذن، وهذا يعني أن التركيز على منبه ما يعني استبعاد الجزء الأكبر من حقيقة المنبه أو المنبهات الأخرى، ولذلك فهناك فرق بين السماع والإصغاء، فالسماع هو سماع كل المنبهات الصوتية، بينما الإصغاء هو اختيار المنبه الصوتي الذي نرغب بالتركيز عليه والانتباه إليه، ولذلك، فالله تعالى يقول: {وإذا قرئ القرآن فاستمعوا له وأنصتوا لعلكم ترحمون} فقال هنا {استمعوا له وأنصتوا} ولم يقل فقط {استمعوا}؛ لأنه لا يريد مجرد الاستماع، وإنما الاستماع مع الانتباه، وهو الإنصات.
عوامل جذب الانتباه:
- منها الأمور الموضوعية، ومنها الحجم والشدة: فكبر حجم المنبه وشدة الضوء والصوت، يجذب الانتباه أكثر، ولذلك حاولي المذاكرة عن طريق سماع صوتك بصوت مرتفع نوعا ما.
- وهنا العوامل الذاتية، وهي ما يتصل بحاجاتنا ورغباتنا، فما نشعر بحاجتنا إليه يشد انتباهنا أكثر مما لا نحتاجه أو نرغب به.
وأما موضوع الذاكرة، ففي وظائف الذاكرة البشرية، ومن أجل فهم الذاكرة الإنسانية يفيد أن نلقي ضوءا على العمليات المختلفة، والتي تكون بمجموعها قدرة الإنسان على التذكر، ومن هذه العمليات:
1. عمليات الترميز والتشفير: وذلك من خلال القراءة الهادئة والتي فيها تركيز على ما تقرئين.
2. عمليات التخزين والاحتفاظ: عن طريق المراجعة والتأكد من حفظ ما تريدين تذكره فيما بعد.
3. عملية الاسترجاع: عن طريق المذاكرة والمراجعة لما درست، سواء بمفردك، أو مع أحد آخر يسألك، وتجيبين من الذاكرة؛ لتقوية قوة الاستدعاء والتذكر.
طبعا لا يوجد نظام واحد للدراسة والمذاكرة، وما ينفع إنسان قد لا يفيد شخصا آخر، فعليك أن تكتشفي النظام الأكثر تلاؤما معك، وتذكري أن بعض الناس يميلون للنشاط والهمة العالية في فترة الصباح، بينما يميل البعض الآخر للنشاط في المساء، فانظري أي الوقت أكثر مناسبة لك، وحاولي عندها أن تستفيدي من هذه الأوقات.
ومن الناس من يميل للدراسة في جو خاص داخل البيت، وفي شيء من الهدوء، بينما هناك من يحب الدراسة أمام الناس في المكتبة العامة، أو مكتبة الجامعة، أيضا انظري أي الأجواء أكثر مناسبة لك، فاستغلي هذه الأوقات.
وفقك الله، ويسر لك، وجعلك ليس فقط من الناجحات، بل من المتفوقات.